آبائياتأبحاث

كريستولوجية القديس أثناسيوس – لنيافة الأنبا بيشوى

كريستولوجية القديس أثناسيوس – لنيافة الأنبا بيشوى

كريستولوجية القديس أثناسيوس
كريستولوجية القديس أثناسيوس

كريستولوجية القديس أثناسيوس – لنيافة الأنبا بيشوى

كريستولوجية القديس أثناسيوس – لنيافة الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى

كثيرًا ما يردد صاحب القداسة البابا شنودة الثالث القول: ” إن القديس أثناسيوس دافع بالتساوى عن كلٍ من لاهوت وناسوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح ” .

وقد بنى القديس كيرلس الأسكندرى تعليمه الكريستولوجي على كريستولوجية القديس أثناسيوس، وقدَّم خطاب القديس أثناسيوس إلى ابكتيتوس كمرجع أولى لتعاليم الكنيسة الـ كريستولوجية (الخاص بطبيعة المسيح) الصحيح ملقبًا إياه ” خطاب أبونا القديس أثناسيوس إلى إبيكتيتوس ” . ([1])

فى دفاع القديس أثناسيوس عن الناسوت الكامل الذى لربنا يسوع المسيح، رفض الأفكار الخاطئة التى تنص على أن ” الجسد المولود من مريم مساوٍ فى الجوهر للاهوت الكلمة ، أو أن الكلمة تغيَّر إلى جسد وعظام وشعر وجسد كامل ، وتحول عن طبيعته الخاصة “. ([2])

قال القديس أثناسيوس بوضوح إن ” الجسد الذى كان الكلمة فيه (اتخذه الكلمة) لم يكن مساويًا للاهوت فى الجوهر، ولكنه كان مولودًا بحق من مريم، بينما الكلمة نفسه لم يتغير إلى عظم ولحم لكنه أتى فى جسد. لأن ما قاله يوحنا: ” الكلمة صار جسدًا “([3]) له هذا المعنى، كما يمكننا أن نرى فى عبارة مشابهة، فبولس يكتب قائلاً: “المسيح.. صار لعنة لأجلنا”. ([4]) وكما أنه هو نفسه لم يصر لعنة، ولكنه قيل أنه صار كذلك لأنه أخذ لنفسه اللعنة نيابةً عنا، وهكذا أيضًا صار جسدًا ليس بأن تغير إلى جسد، ولكن لأنه نيابة عنا أخذ جسدًا حيًا وصار إنسانًا.”([5])

وقد كان القديس أثناسيوس أيضًا واضحًا فى تعليمه عن الجسد الحى الذى اتخذه كلمة الله أنه يعنى ناسوت كامل، أى جسد ونفس عاقلة معًا.

وكتب يقول : ” لكن حقًا إن خلاصنا ليس ظاهرًا فحسب، كما أنه ليس ممتدًا إلى الجسد فقط، إنما الإنسان كله، الجسد والنفس على السواء، قد حصلا على الخلاص فى الكلمة نفسه”.([6]) وقال أيضًا ” أن نقول إن ” الكلمة صار جسدًا “، يعادل قولنا إن ” الكلمة صار إنسانًا”؛ كما جاء فى يوئيل : ” إنى أسكب روحى على كل بشر “([7])؛ لأن الوعد لم يمتد إلى الحيوانات غير العاقلة، وإنما للبشر، الذين صار الرب إنسانًا من أجلهم (لحسابهم) ” ([8]).

وقد أنكر أيضًا القديس أثناسيوس أن ناسوت ربنا يسوع المسيح كان موجودًا قبل تجسد الكلمة من العذراء القديسة. وكتب قائلاً: ” كلهم سوف يدينون أنفسهم بحق، أولئك الذين ظنوا أن الجسد الذى أُخذ من مريم كان موجودًا قبلها، وان الكلمة كانت له نفس بشرية قبلها (مريم)، كان كائنًا فيها (النفس البشرية) دائمًا حتى قبل مجيئه “.([9]) ومن الواضح أن القديس أثناسيوس لم يتأثر على الإطلاق بتعليم أوريجينوس عن الوجود السابق للنفوس .

 

تعاليم القديس أثناسيوس ضد النسطورية :

بالرغم من أن نسطور جاء لاحقًا للقديس أثناسيوس، إلاّ أن القديس أثناسيوس قدم تعليمًا صارمًا ضد هرطقة نسطور .

فقد كتب : ” كيف يغامر أناسًا يُدعون مسيحيين مجرد أن يرتابوا فيما إذا كان الرب الذى وُلِدَ من مريم، بينما هو ابن الله بالجوهر والطبيعة، هو ” من نسل داود من جهة الجسد “([10])، ومن جسد القديسة مريم؟ أم من كان مجازفًا فيقول إن المسيح الذى تألم بالجسد وصُلب ليس ربًا ومخلصًا وإلهًا وابن الآب؟

أو كيف يستطيعون أن يتمنوا أن يُدعوا مسيحيين الذين يقولون إن الكلمة حلّ على رجل قديس كما على أحد الأنبياء، ولم يصر هو نفسه إنسانًا، آخذًا جسدًا من مريم؛ لكن إن المسيح هو شخص واحد، بينما كلمة الله، الذى كان قبل مريم وقبل الدهور ابنًا للآب، هو آخر؟ أم كيف يُدعون مسيحيين أولئك الذين يقولون إن الابن واحد وكلمة الله آخر؟ “([11])، كتب أيضًا أن: ” كلمة الله جاء فى شخصه هو نفسه، لأنه هو وحده صورة الآب، الذى يقدر أن يعيد خلقة الإنسان الذى عُمل على صورته ” ([12]).

وعلى عكس تعليم القديس أثناسيوس الأرثوذكسى، علّم نسطور بالآتى :

” لهذا السبب أيضًا يُدعى المسيح الله الكلمة، لأن له صلة غير منقطعة بالمسيح “([13]). وأيضًا ” بالتالى دعنا نحفظ الاتصال غير المختلط الذى للطبائع، لأنه علينا أن نقبل الله فى الإنسان، وبسبب الاتصال الإلهى دعنا نبجل الإنسان المعبود مع الله القدير” ([14]). وقال نسطور أيضًا: ” الله غير منفصل عن الواحد المرئى، ومن أجل هذا، أنا لا أفرق كرامة الواحد غير المنفصل. أنا أفرِّق الطبائع؛ ولكن أوحِّد الكرامة ” ([15]).

علَّق القديس كيرلس الأسكندرى على هذه الفقرة الأخيرة فى خطابه إلى أكاكيوس كالآتى: ” لأنه لم يعرف معنى التجسد، فإنه يذكر طبيعتين ولكنه يفصلهما الواحدة عن الأخرى، واضعًا الله جانبًا، وهكذا الإنسان بدوره، متصلاً بالله بواسطة علاقة خارجية فقط وفقًا للمساواة فى الكرامة أو على الأقل سلطة السيادة ” (فقرة16 من الخطاب).

لقد رفض القديس أثناسيوس أى فصل بين لاهوت وناسوت ربنا يسوع المسيح. وكتب قائلاً : ” الآخرين الذين قسموا غير المنقسم ينكرون حقيقة أن “الكلمة صار جسدًا وحل بيننا”([16])،([17]) وكتب أيضًا : ” نحن لا نعبد مخلوقًا. ليبعد هذا التفكير، لأن مثل هذا الخطأ يخص الوثنيين والآريوسيين. ولكننا نعبد رب الخليقة، المتجسد، كلمة الله. لأنه وإن كان الجسد أيضًا فى ذاته هو جزء من العالم المخلوق، إلاّ أنه صار جسد الله.

لهذا نحن لا نقسم الجسد عن الكلمة، لنعبده فى ذاته، كما أننا عندما نرغب فى عبادة الكلمة نحن لا نفرده (نعزله) بعيدًا عن الجسد، ولكن كما ذكرنا سابقًا، إننا فى معرفتنا، أن ” الكلمة صار جسدًا ” نحن ندركه أنه الله أيضًا، بعدما صار جسدًا. وبالتالى من هو فاقد الشعور هذا الذى يقول لله: ” أترك الجسد حتى أستطيع أن أعبدك ” أو غير التقى لينضم إلى اليهود فاقدى الشعور فى قولهم، بخصوص الجسد، ” فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا؟ “([18]) أما الأبرص فلم يكن من هذا النوع لأنه سجد لله فى الجسد، وأدرك أنه كان الله قائلاً: ” يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرنى “([19]) ([20]).

شرح القديس أثناسيوس كيف أن كلمة الله جعل خصائص الجسد خاصة به وكتب: ” أن الكلمة غير المادى جعل خصائص الجسد خاصة به، حيث إنه جسده الخاص به. لماذا، عندما ضرب الجسد بواسطة أحد الخدام، فلأنه هو الذى تألم، سأل: ” لماذا تضربنى؟ ” ([21]) وبالرغم من كونه بالطبيعة غير محسوس، إلاّ أن الكلمة قال: ” بذلك ظهرى للضاربين وخدى للناتفين، وجهى لم أستر عن العار والبصق “.([22])

لأن ما تألم به الجسد البشرى للكلمة، هذا نسبه الكلمة الساكن فى الجسد إلى نفسه… وإنه لعجيب بالحقيقة أنه هو الذى تألم مع أنه لم يتألم. تألم لأن جسده الخاص تألم؛ ولم يتألم لأن الكلمة بما أنه بالطبيعة هو الله، فهو غير قابل للألم “. ([23])

ومن ناحية أخرى فقد شرح القديس أثناسيوس كيف أن جسد ربنا يسوع المسيح تمجد فوق خصائصه الخاصة التى للطبيعة. وكتب يقول: ” ولكن بما أن الجسد فى نفسه هو من طبيعة مائتة، فقد قام مرة أخرى بواسطة ما يفوق طبيعته الخاصة بسبب الكلمة الذى كان فيه؛ وقُطع عن الفساد الطبيعى، وبلبسه الكلمة الذى هو فوق الإنسان ، صار غير قابل للفساد”. ([24])
ــــــــــــــــــــ
هوامش موضوع: كريستولوجية القديس أثناسيوس

)[1]( Letter of St. Cyril to Eulogius the priest at Constantinople. “The Fathers of the Church” CUA Press p. 189.

)[2]( Letter to Epictetus, par. 2, N. & P.N Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p.570.

(3)  يو14:1.

(4)  غل13:3.

)[5]( Letter to Epictetus, par. 2, N. & P.N Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p.573.

)[6]( Ibid. par. 7 p. 572.

(7)  يوئيل28:2.

)[8]( Letter to Epictetus, par. 8, N. & P.N Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p.573.

(9)  نفس الشاهد السابق.

(10)  رو2:1.

)[11]( Letter to Epictetus, par. 2, N. & P.N Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p.571.

)[12]( On the Incarnation, Chap. III, par. 13, SVS Press, 1982, p. 41.

)[13]( Letter of St. Cyril to Acacius, Bishop of Melitene, CUA Press, 1987, p. 159, 160,162. See Loofs Nestoriana, 275. 9-11, 294. 1-4, 262. 4-6.

(14) نفس الشاهد السابق .

(15)  نفس الشاهد السابق .

(16)  يو14:1.

)[17]( Letter to Adelphius, par. 2, N. & P.N. Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p. 575.

(18) يو23:10.

(19)  مت2:8.

)[20]( Letter to Adelphius, par. 3, N. & P.N. Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p. 575.

(21)  يو23:18.

(22)  إش6:50.

([23]) Letter to Epictetus, par. 6, N. & P.N. Fathers, Oct. 1987, Vol. IV, p. 572, 573.

([24]) Ibid. par. 10, p. 574.

كريستولوجية القديس أثناسيوس – لنيافة الأنبا بيشوى

هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!