أبحاث

الإيمان وموجباته المنطقية بقيامة يسوع المسيح بالجسد

الإيمان وموجباته المنطقية بقيامة يسوع المسيح بالجسد

الإيمان وموجباته المنطقية بقيامة يسوع المسيح بالجسد
الإيمان وموجباته المنطقية بقيامة يسوع المسيح بالجسد

الإيمان وموجباته المنطقية بقيامة يسوع المسيح بالجسد

بعد أن أقدمت على تسويغ الإيمان المسيحي على صعيدي كل من اللاهوت المسيحي كمادة تعليمية فكرية، والكتاب المقدس بصفته كلمة الله، سأدافع الآن، كما كنت قد صرحت في الفصل الأول عن اضطراري للقيام بذلك، عن بعض الظواهر التاريخية للإيمان المسيحي، بحيث تُبرهن كل واحدة منها أن يسوع كان ولا يزال المسيح الخارق للطبيعة. في هذا الفصل، سأدافع عن الحدث التاريخي المركزي في المسيحية، ألا هو تاريخية قيامة المسيح في الجسد من بين الأموات، والنتيجة التابعة لها، أي صعوده إلى السماء في الجسد. أما في الفصول الثلاثة التالية، فسأدافع عن حبله العذراوي في رحم العذراء مريم، وعن عجائبه المقتدرة، وعن حادثة اهتداء بولس على طريق دمشق بالطريقة التي ذكرها لوقا في سفر الأعمال. وقد يسأل القارئ، لماذا هذه العقائد؟ حسناً، لنعد رجوعاً إلى تاريخ الكنيسة المشيخية قبل أقل بقليل من قرن من اليوم لنرى الأسباب.

في العام 1924، تبنت الجمعية العمومية للكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأميركية PCUSA “التوكيد أوبرن” The Auburn Affirmation والتي حظيت بتوقيع 1274 خادماً مرسوماً. تناولت هذه الوثيقة القرارات من خمس نقاط المختصة بالعقيدة، والتي كانت قد أقرتها الجمعيات العمومية للأعوام 1910، 1916، 1923، والتي كانت قد أكدت أن عصمة الكتاب المقدس، وولادة المسيح العذراوية، وفداءه البديلي، وقيامته في الجسد من بين الأموات، وعجائبه المقتدرة “تعد كل واحدة منها عقيدة أساسية من كلمة الله”. هذه القرارات الثلاثة من خمس نقاط، شكلت المجهود المحافظ ضمن PCUSA، على الأقل، على بعض الشبه بالإيمان الحق في كنيسة كانت تبتعد رويداً رويداً، لكن بخطى ثابتة، عما يعرف باسم “أركان الأيمان”. لكن، وفيما أعلن الموقعون على توكيد 1924 تمسكهم “بكل جدية بهذه الحقائق وبالعقائد العظمى”، عادوا ليعلنوا أيضاً:

ينظر بعضنا إلى النظريات المحددة المتضمنة في إقرار الجمعية العمومية للعام 1923 كتفاسير لهذه الحقائق والعقائد. لكننا مجمعون على الاعتقاد أن ليست هذه النظريات الوحيدة التي تسمح بها الأسفار المقدسة، كما أن معاييرنا لا تصلح وحدها كشروحات لهذه الحقائق والعقائد في ديانتنا. إلى ذلك، جميع المتمسكين بهذه العقائد، مهما كانت النظريات التي قد يعتمدونها لتفسيرها، هو أهل لكي نوليهم كل الثقة وتكوين شركة معهم (الخط المائل لأجل التركيز).

بالطبع، ما أقدم أحدهم على عرض “نظريات” تفسيرية بديلة لهذه العقائد كما كان قد جرى شرحها تقليدياً وتاريخياً، إلا وأنكرها بالتمام أو بلاها بآلاف الأوصاف والنعوت. مثلاً، ما من نظرية تفسير أخرى لقيامة يسوع في الجسد من الأموات، إلا وتنكرت لها؟ برأي، كان ينبغي حصول تقص رئيس للقضية، إن لم نقل محاكمة جماعة على ارتكاب هرطقة، تطال الموقعين مع العديد من مؤيديهم من فريق الوسطيين في الجمعية.

كل ذلك لأن المحافظين في الكنيسة كان عددهم قليلاً، كما أن روح المسالمة السائدة خلال مرحلة ما بعد الحرب، كان منتشراً على نطاق واسع في البلاد وفي الكنيسة. كل هذا جعل PCUSA ببساطة أضعف من خوض “حرب” داخل الكنيسة. لذا، فإن المحافظين الذين كانوا قد تبنوا هذه “الأركان الخمسة للإيمان”، أخفقوا في معرض ما بذلوه من جهد جريء لرد PCUSA عن منحدر عدم الإيمان الذي كانت قد انحدرت إليه على مدى سنين طوال. لذا، أقدم بعضهم في نهاية المطاف على الشهادة ضد ارتداد[1] PCUSA من خلال خروجهم من تلك الكنيسة، كما في اعتقادهم تعلمهم 2كورنثوس 6: 14-18 أن يفعلوا، لكي ينشئوا الكنيسة الأرثوذكسية المشيخية. أقدموا على ذلك لأنهم آمنوا أن هذه العقائد، كما كانت الكنيسة قد فهمتها تقليدياً وتاريخياً، هي أساسية، ليس لخير الكنيسة وحسب، بل أيضاً حتى لوجودها.

سبق لنا أن تناولنا عقيدة عصمة الكتاب المقدس، هذه العقيدة التي بالمناسبة، أعلن عنها توكيد أوبرن:

  • † أولاً، أن الكتاب المقدس لا يؤكد في أي مكان على صفحاته كون كُتابه جرى صونهم “من الخطأ”.
  • † ثانياً، أن اعتراف الإيمان وستنستر لا يلحظ هذا التوكيد[2].
  • † ثالثاً، أن عقيدة العصمة “تنتقص في الواقع من سلطة [الكتاب المقدس] العليا للإيمان والحياة، كما أنها تضعف شهادة الكنيسة عن قوة الله للخلاص من خلال يسوع المسيح”[3]. هذا التصريح لو صح، يعني أن عقيدة العصمة الكتابية هي شر إيجابي!

يا لها من تصريحات مدهشة للغاية! يكفيني القول إن السبب الرئيس وراء قبول عصمة الكتاب المقدس هو الولاء البسيط ليسوع. من أجل هذا، سأتناول العقائد المتبقية على التوالي، للدفاع عنها ولإظهار كيف أن كل واحدة منها تشكل جانباً من السيني كوانن (“الذي من دونه لا يبقى أي شيء”) للمسيحية.

قيامة يسوع المسيح في الجسد

نبدأ من عقيدة قيامة يسوع في الجسد من الأموات، هذا الحدث الرئيس من جملة أحداث عديدة تفرزه وتميزه عن كل شخصية دينية أخرى من الماضي. هناك قاسم مشترك يجمع بين سائر القادة الدينين من الماضي، وهو أنهم ماتوا جميعهم واستمروا أمواتاً. أما يسوع المسيح فهو الذي قام وحده من بين الأموات. بالطبع، يجب أن يعنى هذا شيئاً في نظر العالم! كما أن بولس، في معرض تناوله قيامة المسيح في 1كورنثوس 15، يستنتج في الأعداد 14-19 سبعة انعكاسات على الكنيسة لو أن الله لم يقم المسيح في الجسد من الأموات:

وإن لم يكن المسيح قد قام، [1] فباطلة كرازتنا و[2] باطل [أي وهمي وخادع، كيني] أيضاً إيمانكم، [3] ونوجد نحن [الرسل] أيضاً شهود زور لله، لأننا شهدنا من جهة الله أنه أقام المسيح… وإن لم يكن المسيح قد قام، [4] فباطل إيمانكم [أي غير فعال: ماتايا]. و[لاحظوا جيداً: لم يقل “وبالتالي، لا وجود لله، لذا لا داعي للقلق عندما تموتون”؛ لكنه يقول بالحري] [5] أنتم بعد في خطاياكم! إذاً [6] الذين رقدوا في المسيح أيضاً هلكوا! [7] إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقى جميع الناس.

يُظهر هذا النص وحده مدى أهمية الإيمان المسيحي بقيامة المسيح في الجسد من الموت. من هنا أهمية إيلائنا الدفاع عنها مكانة مركزية. سأبدأ ببعض الحقائق الكتابية الأساسية.

صلبت السلطات الرومانية يسوع كصانع شغب بإيعاز من قادة اليهود الدينين. [قليلون، حتى إن وجدوا، هم الذين ينكرون هذا اليوم. كما أن هنا يكمن السبب وراء سخط العالم اليهودي على فلم “مل غبسن” Passion of The Christ (“آلام المسيح”) بحيث اعتبروا أنه “مناهض للسامية[4].] لكن، وبكلمات بولس، “قام في اليوم الثالث حسب الكتب” (1كورنثوس 15: 4)[5]. يسلط هذا الاقتباس الضوء على التعليم الرئيس في كل من العهد الجديد وفي كرازة الكنيسة.

على المسيحيين التسليم بأنه في ضوء الجو اليهودي السائد لدى حصول قيامة المسيح، لم يكن ذلك على الإطلاق ما كانت تتوقعه أمة إسرائيل. أنا لا أقصد من وراء هذا التعليق، الإيحاء بخلو العهد القديم من عقيدة القيامة بما أنها حضارة فيه حقاً (راجع إشعياء 26: 19؛ دانيال 12: 2)، أو كون اليهود في القرن الأول ما كانوا ليؤمنوا بقيامة الأموات، لأنها لحقيقة معروفة جداً أن العديد من اليهود كانوا حقاً يؤمنون بالقيامة (راجع أعمال 23: 6-8). إنما كانوا يؤمنون بأن القيامة من الأموات سوف تحدث في المستقبل في نهاية الزمن (راجع يوحنا 11: 24). لكن قامت شلة صغيرة من الرجال لتعلن، ليس في مكان قصي مثل “أزوتس”، بل في أورشليم نفسها – المركز السياسي والديني للأمة – أن الله أقام يسوع من الأموات. لم يكن وقع هذا التعليم غريباً جداً على الأذن اليهودية وحسب، لكنه كان أيضاً تعليماً مهيناً جداً للقيادة الدينية اليهودية، بمن فيهم شاول الطرسوسي، ذلك لأن يسوع كان قد أعدم كمجدف على صليب روماني، ما يعني أنه مات تحت لعنة الله (تثنية 21: 23)، وبموافقة السهندريم الذي يعد أعلى وأرفع محكمة في الأمة.

غير أن تلاميذ يسوع آمنوا بوجود أسباب موجبة لهكذا كرازة، ذلك لأنهم في وجه التهديدات، والاضطهاد الجسدي، والاستشهاد، ظلوا ينادون بأنه قام في الجسد من بين الأموات. ما هي هذه الأسباب؟ أنا أقر بوجود مجموعتين متشابكتين من الدلائل عملت على أقناعهم فوق كل الشكوك المنطقية بأن يسوع قام من الأموات تماماً كما كان قد أعلن، وذلك في جسد حقيقي له خصائصه الروحية الجديدة التي تمكنه من اختراق الأبواب الموصدة. هاتان المجموعتان هما القبر الفارغ وحقيقة ظهوراته العديدة في الجسد بعد صلبه وطبيعتها. كل واحدة منهما تدفعنا إلى التعليق عليها بعض الشيء.

أول مجموعة عظمى من الدلائل: القبر الفارغ

تذكر الأناجيل الأربعة جميعها كيف أنه في اليوم الثالث بعد صلب يسوع ودفنه، اكتشف تلاميذه أن جسده اختفى من القبر حيث كان قد وضع وأن القبر فارغ (متى 28: 6؛ مرقص 16: 5، 6؛ لوقا 24: 3، 6، 22-24؛ يوحنا 20: 5-8). مباشرة بعد هذا تقريباً، كما لاحظنا قبلاً، شرع التلاميذ في إعلان اقتناعهم بأن يسوع قام من بين الأموات. الآن لو كان القبر في الواقع، لا يزال يحتوي جسده – بحيث تكون النساء ولاحقاً بطرس ويوحنا جميعهم قد قصدوا القبر المغلوط (الأمر الذي حدوثه غير محتمل جداً في ضوء متى 27: 61؛ مرقص 15: 47؛ لوقا 23: 55) – لكان من المؤكد أن تلجأ السلطات، اليهودية والرومانية، إلى تصويب خطأ التلاميذ من خلال توجيههم إلى القبر الصحيح وإلى حقيقة كون القبر لا يزال يحتوي على بقايا جسد يسوع.

العديد من الدارسين النقاد عبر السنين، الذي لم يسلموا بتاريخية قيامة يسوع في الجسد، شعروا بضرورة قبول أن القبر كان، بلا شك، فارغاً، لكن إذعانهم هذا للواقع، عادوا وأفسدوه بتقديمهم نظريات من صنف نظرية الجسد المسروق ونظرية الإغماء لتفسير لماذا كان فارغاً.

 

 

نظرية الجسد المسروق

فيما يخص هذه النظرية، بوسعنا استنتاج بكل ثقة أنه لو كانت بعض الأيدي البشرية هي التي أخرجت يسوع من القبر، فهذه الأيدي يجب أن تكون لتلاميذه، أو لأعدائه، أو لشلة من سالبي القبور المحترفين. الآن، إن كان تلاميذه هم الذي سرقوا جسده، وهو الاحتمال الأول المعروض لتفسير ظاهرة اختفاء الجسد (متى 28: 12-15)، على أحدنا مواجهة مسألة كيف كان بإمكان تلاميذه تخطي صفوف الحراس الرومان (والذين بحسب متى 27: 62-66 كانوا قد جعلوا هناك لهذا القصد المحدد بالذات، أي منع تلاميذه من سرقة جسده). ثم كيف كان بوسعهم دحرجة الحجر من دون أن يكتشف أحد أمرهم. ويبقى التفسير المحتمل الأوحد هو أن كتيبة الحراس بأكملها كانت قد غطت في نوم عميق، الأمر الذي يشكل من جديد أول تفسير معروض.

لكن من غير المحتمل أبداً أن يجرؤ التلاميذ غير المنظمين والخائفين حتى على محاولة خوض هكذا مغامرة. كما أنه من غير المحتمل أكثر بعد، أن يخلد الحراس الرومان جميعهم إلى النوم معاً، وذلك خلال تأديتهم للواجب، بما أنه سيترتب عليهم من جراء ذلك عقاب محتم وصارم. إلى ذلك، كان على هذين الأمرين غير المحتملين أن يحصلا معاً لكي يحظى هذا التفسير للقبر الفارغ بالدعم اللازم. وبالنسبة إلى هذا التفسير الأول المعروض، من الواضح أن أي سامع عنيد وصلب العود سوف يرفض فوراً التفسير الخاص بالحراس فيما يتعلق بجسد يسوع، لأنهم لو ناموا فعلاً لما تسنى لهم معرف هوية سارقي الجسد (راجع متى 28: 13).

ثم هناك مشكلة أخرى يترتب على هذا الحل مواجهتها: لو كان تلاميذ يسوع هم المسؤولون عن اختفاء جسده – هذا الأمر غير المحتمل جداً في ضوء ردة فعلهم على كل ما كان قد حل لتوه بيسوع (راجع يوحنا 20: 19)، علينا تصديق أنهم خرجوا بعد ذلك وأذعنوا كحقيقة تاريخية مجرد وهم كانوا قد استنبطوه هم. كما أنهم أمام الاضطهاد والتهديدات بالقتل، جميعهم وليس مجرد واحد منهم، وحتى لدى مواجهتهم الاستشهاد، لم يتراجعوا عن إعلانهم هذا، مبينين أن الأمر كان ينطوي على خدعة. أنا أقر بأن هكذا سيناريو، ليس غير محتمل وحسب، بل حتى قل غير محتمل بدرجة عالية؛ ذلك لأن الكذبة والمرائين ليسوا من الطينة الصانعة للشهداء!

ثم، إن كان أعداء يسوع (القيادة الدينية اليهودية) هم الذين دبروا عملية رفع الجسد، يترتب على أحدنا التساؤل عن السبب وراء إقدامهم على هذا الفعل الذي ساهم في دعم الفكرة نفسها التي كانوا حريصين أشد الحرص على منع حصولها (راجع متى 27: 62-66). ولو كانوا في الواقع، حازوا على جسده أو عرفوا مكان تواجده، يتساءل أحدنا لماذا لم يحضروا الجسد أو شهوداً جديرين بالثقة بوسعهم تفسير ظاهرة اختفاء الجسد، وبرهان أن التلاميذ كانوا على خطأ لدى شروعهم في إعلان أن يسوع كان قد قام من الموت.

أخيراً، نسب حقيقة القبر الفارغ إلى سالبي القبور، أمر حصوله يحظى بأقل نسبة ممكنة من الاحتمال. فهذا بمثابة إقحام في واقع الحدث تفسير لا يقف وراءه ولا حتى ذرة واحدة من الدلائل. إلى ذلك، لم يكن الحراس الرومان ليحولوا دون حصول ذلك وحسب، لكن ولو افترضنا أنه كان بإمكانهم، بشكل أو بآخر، من تجنب اكتشاف أمرهم وأمعنوا في نهب القبر، كان بإمكانهم بالجهد بعد فتحه، أن يأخذوا جسد يسوع العاري معهم، مخلفين وراءهم الأكفان مرتبة في مكانها وكأن أحد ما لم يمسها (يوحنا 20: 6، 7).

نظرية الإغماء

أما فيما يتعلق بنظرية الإغماء، إن كنا نسلم بحكم “ألبرت شوايتزر” (راجع إصداره فوم رايمارس زو وريدي [1906]، تحت عنوان بحسب الترجمة الإنجليزية The Quest of the Historical Jesus)، كان “دايفد شتوارس” قد صوب على هذه النظرة “الضربة القاضية” قبل أكثر من مئة وخمسين سنة، مع أن أحدنا قد لا يزال يسمع اليوم، من حين إلى آخر، عن عرضها كاحتمال ضمن الأوساط الشعبية. هذه النظرية التي يرفض أحد تصديقها، تعتبر أن يسوع لم يمت فعلياً على الصليب، إنما أصيب بحالة أشبه بالإغماء. لكنه عاد وانتعش خلال مكوثه في القبر، وفي اليوم الأول من الأسبوع استطاع بطريقة ما من شق طريقه عبر الحراس للانضمام إلى تلاميذه في العلية، الذين استخلصوا من ذلك أنه قام من الموت. ثم ما لبث أن مات بعد هذا بوقت قليل.

لكن تصديق هذا، يدفع بدرجات التصديق إلى ما بعد جميع الحدود المشروعة. إنه يستلزم أن يصدق أحدنا أن المسؤولين عن قتله على الصليب (ناهيك أيضاً بأصدقائه الذين أعدوا فيما بعد جسده للدفن) ظهروا بشكل يرثى له ويدعو إلى الشفقة، إنهم غير أكفاء كمنفذين لحكم الإعدام وكحكام على حالة ضحاياهم المصلوبين لدى تنفيذهم فيهم الكروريفراجيوم (كسر السيقان) (راجع يوحنا 19: 31-33). كما أنه يفترض من أحدنا تصديق أن يسوع – بالرغم من مكابدته الآلام المبرحة الناجمة عن الجراح الثخينة في كل من اليدين والقدمين، ناهيك أيضاً بخسارة الدم. وما كان يعانيه من ألم جسدي مع الاختلال الذي من الطبيعي أن يصيب كامل جهازه على أثر الصلب الرهيب نفسه وفي غياب أية عناية بشرية أو تغذية جسدية – تمكن بطريقة ما من البقاء على قيد الحياة بالرغم من الجرح في جنبه والجو البارد داخل القبر.

ثم، ومن دون أية مساعدة بشرية، تمكن من إزاحة الحجر الهائل عن مدخل القبر بواسطة يديه الجريحتين لكي يجتاز عبر جمهور الحراس على قدمين جريحتين إلى داخل المدينة حيث كان تلاميذه مختبئين. وهناك، أقنع أتباعه بأنه – بجسمه المنهك والمرهق – هو رب الحياة! هذا السيناريو يبقى حصوله فوق كل احتمال ولا يستحق أن يوافق عليه أي شخص يفكر. إن كتباً من صنف The Passover Plot (“مؤامرة الفصح”) للكاتب “هاغ سكونفيلد”، وThe Jesus Scroll (“بيان يسوع”) للكاتب “دونوفان جويس”، يعدان صيغتين مختلفتين بعض الشيء عن هذا الموضوع، ولا يأخذ معشر الباحثين هذا الصنف من الكتب على محمل الجد.

لكن، إن كان بعض الدارسين النقاد قد أقروا بحقيقة القبر الفارغ وحاولوا (عبثاً) تقديم تفسيرات له، اكتفى آخرون بإعلان أن القبر الفارغ لم يكن جزءًا أساسياً من رواية القيامة في الأصل، لكن الكنيسة لاحقاً فقط ابتكرت “الحقيقة” لتعزيز رواياتها عن ظهورات القيامة. هذا غير صحيح. ذلك لأن القبر الفارغ شكل جزءًا من مناداة الكنيسة منذ البدء (راجع أعمال 2: 31؛ 1كورنثوس 15: 4). كما أنه لتعليم مغلوط ببساطة، التأكيد بأن التلاميذ الأوائل آمنوا بإمكانية حصول قيامة فعلية من دون القبر الفارغ. قال “ج. س. بركوفر” الصواب عندما لحظ ما يلي:

لم يكن القبر الفارغ بل قيامة المسيح هي التي شكلت الحقيقة الخلاصية العظمى. لكن القيامة بحد ذاتها ترتبط بشكل لا ينفصل عن القبر الفارغ، لأنه من غير الممكن التفكير فيها بمعزل عنه. إنه لأمر مناف في المطلق للأسفار المقدسة الإقدام على حذف رسالة القبر الفارغ والاستمرار في الكلام عن الرب الحي. فالأناجيل تصور القيامة بالارتباط بمعلومات، ولحظات، وأماكن تاريخية تخص ظهوراته. كما أن الأسفار المقدسة لا تدعم في أي مكان منها كونه حياً. بمعزل عن قيامته في الجسد والقبر الفارغ[6].

الخلاصة بديهية: اللاهوتي الذي يصرف النظر عن القبر الفارغ كأمر عرضي لا صلة له بالرسالة المسيحية، ومع هذا يبقى يتحدث عن “قيامة يسوع”، فهذا الشخص لا يقصد “بقيامته” هذه ما يقصده العهد الجديد أو ما قصدته الكنيسة تقليدياً بذلك. لقد أمسى الأمر “فكرة” خلاصية أكثر منه حدثاً خلاصياً. لكن هذه النظرة إلى قيامة يسوع كانت الكنيسة الأولى لترفضها فوراً على اعتبار أنها ليست قيامة على الإطلاق (راجع 2تيموثاوس 2: 17، 18: “هيمينايس وفيليتس، اللذان زاغا عن الحق قائلين: إن القيامة قد صارت”).

نحن دافعنا عند هذا الحد عن حقيقة القبر الفارغ. لكن علينا الآن الإشارة إلى كون هكذا وصف غير دقيق بالتمام. ذلك لأن القبر لم يكن فارغاً بالكلية. فلم يظهر ملائكة فقط للنساء في القبر معلنين لهن أن يسوع قد قام (مرقص 16: 5-7؛ لوقا 24: 3-7)، بل يتحدث أيضاً كل من لوقا (24: 12) ويوحنا (20: 5-7) عن وجود داخل القبر أكفان يسوع الفارغة. فقطع الكتان التي كان جسد يسوع ملفوفاً بها، لا تزال هناك، مع المنديل الذي كان يلف رأسه موضوعاً على حدة، وبشكل منفصل عن الأكفان. توحي هذه الأكفان داخل القبر الفارغ بأن الجسد لم يكن لتمسه أية أياد بشرية وحسب، (لأنه من غير المحتمل جداً أن يقدم الأصدقاء أو الأعداء على السواء على نزع الأكفان أولاً قبل أخذ الجسد)، بل كونه أيضاً بعد أن كان ملفوفاً بالأكفان قد اختفى ببساطة. تاركاً الأكفان وراءه أشبه بغلاف اليرقانة الفارغ. هذا الأمر هو من الأهمية بمكان، لأن بحسب شهادة يوحنا نفسه (يوحنا 20: 3-9)، لم يدرك هو نفسه أن يسوع قد قام من الأموات إلا بعد معاينته الأكفان داخل القبر.

ثاني مجموعة عظمى من الدلائل: ظهورات يسوع العديدة بعد صلبه

ثاني مجموعة عظمى من الدلائل، بعد حقيقة قبر يسوع الفارغ، هي الظهورات العديدة التي قام بها ربنا لتلاميذه في ظروف متنوعة وأماكن مختلفة. يدون العهد الجديد أحد عشر ظهوراً على الأقل، خمسة منها حصلت في ذلك “الفصح” الأول، والخمسة الباقية خلال فترة الأربعين يوماً التالية وحتى يوم صعوده، بما فيها هذا اليوم، إلى جانب ظهروه لشاول (أعمال 9: 1-5).

ظهر أولاً للنساء اللواتي كن قد تركن القبر (متى 28: 8-10)[7]، ومن ثم لمريم المجدلية التي كانت قد رجعت إلى القبر بعد إعلامها بطرس ويوحنا ما رأته مع النساء الأخريات (يوحنا 20: 10-18). بعد هذا ظهر لكلوباس وللتلميذ الآخر الذي لا ذكر لاسمه، وذلك على طريق عمواس (لوقا 24: 13-35)، ومن ثم لبطرس، بلا شك، في وقت ما من بعد ظهر ذلك اليوم عينه (لوقا 24: 34؛ 1كورنثوس 15: 5). إن ما يكتسب أهمية بالغة في تلك المناسبة الأخيرة، هو دعوة يسوع التلاميذ إلى لمسه للتأكد من كونه هو الذي في وسطهم. كما أنه أكل أمامهم قطعة من السمك المشوي كبرهان على الطابع المادي الحقيقي لجسده، وأنه لم يكن مجرد خيال أو شبح.

بعد أسبوع من هذا، عاد ليظهر مجدداً لتلاميذه، مع توما هذه المرة الحاضر مع التلاميذ العشرة الآخرين (يوحنا 20: 26-29). في سياق الكلام الموجز المتعلق بتوما في الإنجيل الرابع (11: 16؛ 14: 5؛ 20: 24)، يصوره يوحنا على أنه شخص بعض الشيء متشائم. وبليد روحياً، ومشكك خال من العاطفة، والمستمد لمواجهة بشكل مباشر المغزى من كون يسوع قد صلب وهو مطروح في هذه اللحظة، بحسب اعتقاده، في قبر يوسف. لم يكن بالتأكيد ذلك الشخص الساذج الذي يصدق كل شيء، أو بالإمكان إقناعه بتصديق أي شيء تقريباً. كان توما في ذلك الحين المشكك المقتنع بأن اللعبة قد وصلت إلى نهايتها، وأن “الرحلة كانت جميلة” طوال الفترة التي استغرقتها.

من هنا يتحتم عليهم الانتقال إلى شيء مفشل أقل ويعد بتحقيق نجاح أوفر! لا بد أنه سأل نفسه أكثر من مرة: “لماذا لا يرى الآخرون بوضوح ما أراه أنا؟” من هنا الصفة التي لصقت به “توما المشكك” بحسب التقليد المسيحي. هو يستحق ذلك فعلاً، لكنه في الواقع لم يكن يختلف كثيراً عن سائر التلاميذ، هؤلاء الرجال الطبيعيين، والعقلانيين، والأصحاء عقلياً، وعما كانوا عليه قبل أيام قليلة فقط! ومن جديد، شجع يسوع على الثقة بحقيقة قيامته وبواقعها من خلال دعوته توما إلى فعل بالتحديد ما كان قد اعتبر قبلاً التلميذ المشكك أنه ضروري لكي يؤمن بأن يسوع قد قام في الجسد من الأموات، أي بوضع إصبعه في جراحات يدي يسوع وجنبه: “هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً” (يوحنا 20: 27). لا يخبرنا يوحنا إن كان توما فعل هذا أم لا.

أنا أميل إلى الاعتقاد أنه لم يقدم على ذلك، بما أن امتحاناً كهذا، كان حقاً غير ضروري. ألم يشر المسيح المقام من خلال كلماته بالذات، إلى الامتحانات التي طالب بها توما، وذلك قبل أن يسأل هذا أي شيء؟ وبذلك، يكون يسوع قد برهن على طريقته هو، لا على طريقة توما، أنه كان هو فعلاً. توما، بلا شك، ضُرب بشيء آخر في تلك اللحظة: فجراح مسيح الجلجثة المقام (يوحنا 20-29) كلمته بقوة، حتى زالت كل شكوكه. من ثم، تلفظ توما فوراً بأحد أعظم الإعلانات في الكتاب المقدس، وبكل تأكيد الإعلان الأعظم في أي من الأناجيل: [أنت] ربي وإلهي!” لنلاحظ كلمات توما بالتحديد ليس مجرد “[أنت] رب والله” بل [أنت] ربي أنا وإلهي أنا.

لم يكن كافياً في نظر توما معرفة أن يسوع كان سيداً وإلهاً. لقد بات الآن يسوع هذين الأمرين بالنسبة إلى توما هو شخصياً! ثم ظهر يسوع لسبعة تلاميذ (توما من جملتهم) عند بحر الجليل. إنها المرة الثالثة التي فيها يظهر لتلاميذه. كما أنه أعد طعام الفطور وأكل معهم (يوحنا 21: 1-22). ثم ظهر للأحد عشر على جبل من الجليل (متى 28: 16-20). ولعل هذه المناسبة هي نفسها عندما ظهر لأكثر من خمسمئة تلميذ دفعة واحدة، كان العديد منهم لا يزالون على قيد الحياة عندما كتب بولس 1كورنثوس (1كورنثوس 15: 6). ثم ظهر ليعقوب غير المؤمن (يوحنا 7: 5)، هادياً إياه بذلك إلى الإيمان (1كورنثوس 15: 7)، وأخيراً للأحد عشر من جديد بمناسبة صعوده إلى السماء (لوقا 24: 44-52؛ أعمال 1: 4-9؛ 1كورنثوس 15: 7). وبعد هذا بسنوات، ظهر لعدو الكنيسة اللدود شاول الطرسوسي، هادياً إياه إلى الإيمان (أعمال 9: 1-5)، وربما لحنانيا أيضاً (أعمال 9: 10).

صحيح أن حقيقة القبر الفارغ، إذا نظرنا إليها من زاوية “الدليل”، لا تبرهن وحدها أن يسوع قام من الموت، لكنها تشير حقاً إلى حدوث شيء ما لجسد يسوع بعد دفنه. ثم تأتي ظهورات يسوع العديدة بعد موته لتفسر على أفضل حال ما كان قد حل بجسده: لقد قام في الجسد من بين الأموات. لأنه متى وُجد لاحقاً قبر رجل ميت فارغاً، وهو يظهر في كل مكان لأناس مختلفين، يبقى التفسير الأفضل لهذه الظاهرة أن هذا الرجل حصل على قيامة في الجسد! كما أن حقيقة كون هذه الظهورات حصلت (1) لأفراد (مريم، بطرس، يعقوب)، ولتلميذين، ولمجموعات صغيرة، ولجماعات كبيرة، (2) ولرجال ونساء على السواء، (3) في العلن وعلى صعيد شخصي، (4) وفي كل ساعات اليوم – في الصباح، خلال النهار، وفي الليل، و(5) وفي كل من أورشليم والجليل. كل هذا يزيل أي احتمال أن تكون هذه الظهورات مجرد ضروب من الهلوسة. فالإنسان الفرد قد يشعر بالهلوسة، لكن من غير المحتمل جداً، بل إنه لضرب من المستحيل أن تصاب مجموعات بأكملها بل حشود كبيرة من الناس بالهلوسة عينها في الوقت عينه!

من الضروري ملاحظة جانب آخر في غاية الأهمية من روايات الإنجيل لظهورات يسوع: إنها تفتقر إلى التصنع السلس الذي يحصل دائماً لدى تآمر بعض الرجال المخادعين لجعل رواية مركبة تبدو منطقية. فالواحد منا يواجه على الفور صعوبة في إيجاد توافق وتطابق بين الروايات الأربع لظهورات يسوع المتعددة بعد صلبه. إلى ذلك، وبحسب التدوين داخل الأناجيل، النساء هن اللواتي أول من اكتشفن القبر الفارغ، كما أن يسوع ظهر أولاً لنساء بعد قيامته. وحيث إن شهادة النساء لم تكن تكتسب مبدئياً أية قيمة في المحاكم في ذلك الزمان، من غير المحتمل جداً لو أن التلاميذ كانوا قد تآمروا معاً لتلفيق الروايات المتعلقة بالقبر الفارغ وبظهورات يسوع العديدة بعد صلبه، أن يبدؤوا سردهم بتفصيل هام كان من شأنه إضعاف الثقة به منذ البداية.

لذا، كان من المرغوب فيه أكثر من وجهة نظر التلاميذ – لجعل مناداتهم منطقية أكثر – أن يكون بإمكانهم التصريح بأن رجالاً هم الذين أول من اكتشفوا القبر الفارغ، وأن رجالاً هم الذين أول من ظهر يسوع لهم، فهذا العامل كما يظهر في روايات الأناجيل، يفرض علينا استخلاص أن الأمور ببساطة لم تجر على هذا النحو. بل كان جل اهتمامهم تدوين ما حصل فعلاً لأنهم كانوا رجالاً مخلصين. وهكذا اكتفى التلاميذ بنقل الأحداث كما هي، رافضين تجميلها أو التغيير فيها كما كان سيفعل الكُتاب الكلاسيكيون. هذه الظاهرة في السرد الموجود في الإنجيل، تضفي على التدوين طابع الحق.

هاتان المجموعتان العظيمتان من المعلومات في العهد الجديد – القبر الفارغ وظهورات يسوع المتعددة بعد صلبة – أوكد أنهما تدعمان فوق كل شك شرعي، حقيقة قيامة يسوع في الجسد من الموت وتاريخها.

إلى جانب هذه الخطين من الحجج مع ما يحملانه من قيمة لدعم تاريخية قيامة يسوع في الجسد من الموت، بوسع أحدنا أن يذكر ثالثاً، التغيير الجذري الذي طرأ على التلاميذ من خلال تحولهم من الفشل الذي يشل بعد موت الرب مباشرة إلى الإيمان واليقين بعد هذا بثلاثة أيام. رابعاً، عندنا اهتداء كل من يعقوب وشاول الطرسوسي الذي حصل لاحقاً، وخامساً هناك المؤسسة المنظورة في هذا العالم، أقصد بها كنيسة يسوع المسيح، من كان أعضاؤها قد دأبوا منذ البداية على عبادة يسوع المسيح بصفته الله، في اليوم الأول من الأسبوع بدل اليوم السابع[8]. كل واحدة من هذه الحقائق تستلزم لتفسيرها حدثاً وراءه، كحدث قيامة المسيح في الجسد.

قد يقر أحدهم بأن كل ما قيل حتى الآن من المسلم به أنه يدعم بقوة قضية قيامة المسيح في الجسد بالنسبة إلى المؤمنين بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، بما أن البحث بجملته تمركز واستمد جوهره من تعليم الكتاب المقدس حول هذا الحدث. لكن قد يزعم أحدهم أن الحجة لا تعني شيئاً في نظر الذين لا يؤمنون بشهادة الكتاب المقدس. كيف أرد على هذا؟ حسناً، ألحظ أن الذين لا يتأثرون بهذه الحجة، ثمة كيان، غير الكتاب المقدس، عليه تفسيره. وهذا يتمثل بوجود الكيان المنظور من خارج الكتاب المقدس والمعروف بكنيسة يسوع المسيح التي دأبت منذ البداية على عبادة المسيح بصفته الله. والأكثر من هذا، أقدمت الكنيسة من قبيل مجرد الصدفة على عبادة المسيح بهذا الشكل جهاراً في اليوم الأول من الأسبوع.

كيف عسانا تفسير هذه الحقائق؟ كيف ولماذا ظهرت كنيسة يسوع المسيح في العالم؟ وأية قوة تقف وراء نشوئها في الأصل؟ ولماذا تعبد المسيح، ولماذا تعبده جهاراً في اليوم الأول من الأسبوع؟ لا يمكن لغير المؤمن، بل يجب ألا يتجاهل هذه الأسئلة؛ بل يترتب عليه مواجهتها مباشرة لعرض تفسير لا يقل منطقياً عن الذي يعرضه الكتاب المقدس. لكن، هذا ما يعجز عنه. وكل محاولة من الزاوية الطبيعية لنشوء الكنيسة في العالم، بمعزل عن قيامة يسوع المسيح في الجسد، تفتقر إلى المعقولية، وقد وجدت ناقصة. وكما يصرح “ن. ت. رايت”: “كل التفسيرات البديلة [للقبر الفارغ و”للقاءات مع يسوع”] تخفق، الأمر المتوقع لها”.[9] باختصار، يعرض الحدث التاريخي لقيامة يسوع المسيح في الجسد في اليوم الأول من الأسبوع، السبب ليس فقط وراء إقدام الكنيسة على عبادة المسيح بصفته الله وحسب، بل لعبادته أيضاً في اليوم الأول من الأسبوع.

يظهر كل هذا التجديف الفارغ من أي معنى للمخرج “سمشا جاكوبوفيتشي” من خلال إنتاجه في العام 2007 الفيلم المسمى “وثائقي” تحت العنوان The Last Tomb of Jesus (“القبر الفارغ ليسوع”)، والذي فيه يحاول زعم أن عشرة صناديق صغيرة لحفظ عظام الموت، كان قد تم اكتشافها في ضواحي أورشليم عام 1980، من شأنها أن تكون قد احتوت عظام يسوع وعائلته. بمعزل عن كون الأسفار المقدسة الموحى بها تشهد لما هو نقيض هذا، احتمال أن تكون صناديق العظام هذه تحوي عظام يسوع، هي ضئيلة إلى أقصى الحدود، بل قل لا وجود لها. إنه لأمر محزن حقاً رؤية على أية حدود من الجهل والغباء قد يبلغ بعض القوم، لسلب البشرية وحرمانها من رجائها الأوحد، لأنه بمعزل عن قيامة يسوع المسيح في الجسد، لا يكون للبشرية أي رجاء بالفداء، حتى إنهم لا يزالون في خطاياهم.

أكرر أن التلاميذ كانوا مقتنعين في المطلق. من كون يسوع المسيح قام في الجسد من الموت في اليوم الثالث، وذلك في ضوء حقيقة قبر يسوع الفارغ والعديد من ظهوراته بعد صلبه. وعلى هذا الأساس كانوا على استعداد لمكايدة الاضطهاد، وحتى الموت من أجل اقتناعهم هذا. لو كانت شهادتهم مجرد ضرب من ضروب الخيال، يكون من الصعب تفسير لماذا لم يقدم ولا حتى واحد منهم، لدى مواجهتهم الاستشهاد، على إعلان أن روايتهم كانت مجرد حيلة مصنعة ليس إلا.

الرد على آراء النقاد

إن روايات ظهورات المسيح المدونة في الأناجيل، هي أساطير في نظر العديد من النقاد. لكن المحير في الأمر هو أن هؤلاء الدارسين أنفسهم غير المستعدين للتسليم بقيامة يسوع في الجسد من الموت، هم في معظمهم، إن لم نقل جميعهم، يقرون بتاريخية موت المسيح صلباً على عهد بيلاطس البنطي، وبحالة اليأس التي أصابت التلاميذ، وباختبارات “الفصح” التي اعتبروها بمثابة ظهورات المسيح المقام لهم، وما ينتج من ذلك من تغيير فيهم، وصولاً إلى اهتداء شاول الذي تلا ذلك. باختصار، بالنسبة إلى العديد من الباحثين اليوم، بينما لا يجب اعتبار قيامة يسوع بمثابة حدث تاريخي، يقرون بأن التلاميذ حصلوا على بعض الاختبارات الشخصية والوهمية، والتي راحوا على أساسها ينادون بأن يسوع قام من الأموات وقد ظهر لهم. كيف علينا الرد على هؤلاء؟

بالنسبة إلى الزعم بأن روايات الظهورات كانت مجرد أساطير لاحقة ابتدعتها الكنيسة الأولى، من الأهمية بمكان ملاحظة كيف أن دارسي العهد الجديد يؤيدون بأعداد متزايدة كون تصريحات بولس في 1كورنثوس 15: 3-5 (أول رواية مكتوبة لظهورات القيامة، بما أن كتابة 1كورنثوس حصلت قبل الأناجيل القانونية) إنما تعكس مضمون معتقد مسيحي قديم شبه رسمي، وهو أقدم من 1كورنثوس نفسها (هذه الرسالة التي كانت قد كتبت على الأرجح في ربيع عام 56م. من أفسس) والتي كانت قد انتشرت ضمن جماعة المؤمنين المحلية[10].

يبنى هذا التوكيد على (1) إشارات بولس إلى “تسليمه” الكورنثيين ما كان قد “تسلمه” هو، الأمر الذي يوحي بأننا هنا أمام قطعة من “التقليد”، (2) التطابق في الأسلوب للمواد نفسها التي جرى “تسليمها” (راجع الجمل الأربع هوتي، مع تكرار العبارة كاتا تاس غرافس في الأولى والثالثة بينها)، (3) اللفظة الأرامية “صفا” بالإشارة إلى بطرس، والتي توحي ببيئة محلية أبكر، وليس ببيئة يونانية – رومانية لاحقة لهذا التقليد، (4) الوصف التقليدي لمعشر التلاميذ “كالاثني عشر”، و(5) حذف من القائمة الظهورات للنساء. إن كان بولس، في الواقع، قد “تسلم” بعضاً من هذا “التقليد” مثلاُ، ما يتعلق بظهورات يسوع لبطرس ويعقوب (المشار إليها في 15: 5، 7: راجع أيضاً أعمال 13: 30، 31) مباشرة من بطرس ويعقوب نفسيهما خلال زيارته الأولى إلى أورشليم بعد ثلاث سنوات على هدايته (راجع أعمال 9: 26-28؛ غلاطية 1: 18، 19)، الأمر الذي من المحتمل جداً أن يكون قد حصل، فهذا النص يعكس ما كان يعلمه على التراب المحلي أوائل شهود العيان للأحداث الحاصلة في أورشليم، وذلك في غضون أيام بعد الصلب.

الإشارة الضمنية الواضحة هنا هي إلى كون المادة في 1كورنثوس 15: 3ب-5 هي مبينة على شهادة فلسطينية باكرة لشهود عيان، وتعد بالجهد انعكاساً لتقارير اسطورية كانت قد نشأت بعد وقت طويل ضمن ما يعرف بجماعات الإيمان اليهودية – الهلينية أو الأممية الهلينية. لم يكن هناك ببساطة الوقت الكافي، مع أخذ بعين الاعتبار التلاميذ الأولين الذين كانوا لا يزالون متواجدين في أورشليم لتصحيح روايات مغلوطة قد تكون قد نشأت عن يسوع، حتى تكون إضافات اسطورية من هذا الصنف قد نشأت وباتت بمثابة ظاهرة مقبولة ضمن “التقليد”. يثير وجود هذا “الاعتراف الباكر” بدوره اعترافات جدية حول ما إذا كانت روايات الظهور ضمن الأناجيل القانونية هي قصص اسطورية مبنية على مصادر غير محلية، كما أصر على ذلك العديد من الدارسين “البلتمانيين”. تأتي الحقائق لتوحي بقوة بما هو عكس ذلك. أي أن رايات الظهورات في الأناجيل ليس من قبيل القصص الأسطورية، كما يزعم هؤلاء الدارسون “البلتمانيون”.

الآن، من الأهمية بمكان أن كل النقاد مبدئياً اليوم، كما لاحظنا قبلاً، هم على استعداد للتسليم بأن التلاميذ بعد وقت قصير على موت يسوع – لسبب أو لآخر – قد جرى لهم تغيير عاطفي ملحوظ ورائع بحيث حل عندهم اليقين والثقة فجأة مكان الفشل واليأس اللذين كانا يمتلكانهم. وحتى “بلتمان” نفسه يقر بتاريخية اختبارهم “الفصح”[11] ويسلم بأن هذه الثقة الحديثة العهد هي التي أنشأت الكنيسة كحركة إرسالية. ما الذي أحدث هذا التغيير؟ إن كان أحدنا يجيب، على نسق بعض الدارسين، بأن اعتقادهم أنهم رأوا يسوع حياً، هو السبب الذي أجرى هذا التغيير فيهم من الخوف إلى الثقة، فعليّ الإشارة إلى أن في هذا تكراراً للمعنى ذاته: هنا يزعم أحدنا في نهاية المطاف أن اعتقادهم بأنهم قد رأوا يسوع الحي، هو الذي أنشأ فيهم إيمانهم بقيامة يسوع. نحن لا نزال أمام السؤال عينه: ما الذي أنشأ فيهم اعتقادهم أنهم رأوا يسوع الحي وعلى صعيد شخصي؟ لعل حدثاً سابقاً هو الذي أثر في اعتقادهم أنهم رأوا الرب المقام.

ترى، ما كان ذلك الحدث؟ إن كان أحدنا يجيب بالقول إن الأمر كان ينطوي على اختبار رؤيوي، أي على هلوسة، كان الحدث الذي أسفر عنه إيمانهم الفصحي، علينا أن نسأل عما تسبب بهذا الاختبار الرؤيوي. هنا، تختلف الآراء بالطبع. بعض الدارسين (“لامب”، “شوايتزر”، و”بورنكم” مثلاً) رأوا أن ظهورات القيامة كانت بمثابة صور ذهنية للذات الروحية ليسوع من دون جسده، والتي قد تواصل من خلالها مع تلاميذه من السماء. بكلام آخر، كانت ظهورات القيامة أنشطة فعلية من قبل يسوع “المروحن” والتي من خلالها دخل في علاقة حقيقية فعلية مع تلاميذه. اعتبر آخرون أن اختبار رؤية يسوع بعد صلبه، كانت ظاهرة طبيعية بحتة، جاءت ببساطة نتيجة عمل الإيحاء الذاتي.

يوحي “بلتمان”، مثلاً، بأن علاقة يسوع “الحميمة والشخصية” بهم إبان أيام خدمته بينهم، هي التي كانت قد شرعت في تغذية هكذا ذكريات طيبة فيهم حتى بدؤوا باختبار “رؤى شخصية وغير موضوعية” له، مع تخيلهم كونهم قد رأوه حياً من جديد[12]. “مايكل غولدر” في الأولى من مساهمتية في كتاب The Myth of God Incarnate (“أسطورة الله المتجسد”)، يعيد الإيمان بقيامة يسوع إلى بطرس الذي نعته نفسياً بأنه “mumpsimus” (مامبسيمس) أي من كانت معتقداته تقوى بدل أن تضعف، على قدر ما تتعرض أكثر فأكثر للدحض[13]. فبطرس هذا حصل على “اهتداء اختبره تحت شكل رؤيا” وتخيل أنه رأى يسوع في صبيحة أول يوم فصح ذاك. وفي تلك الليلة نقل اختباره إلى التلاميذ الآخرين، وهكذا.

…. سرت قوة الهستيريا بشكل عظيم داخل جماعة صغيرة حتى أنه في المساء، وتحت تأثير [السحر المنوم (؟)] لنور الشمعة مع [حالة التوتر العاطفي الشديد السائدة] من جراء خشيتهم من احتمال إلقاء القبض عليهم، وقد بدأت تنمو فيهم براعم الأمل بالعزم والإقدام أيضاً [لكن، على أي أساس؟]، بدأ لهم كأن الرب أتاهم عبر الباب الموصد، قبل أن غادرهم. [والآن، لنلاحظ كيف انتقل “غولدر” إلى خلاصته من دون بذل أي جهد]… أضرم اختبار الفصح إيماناً رفع يسوع إلى مصاف الألوهية، وحمل تعاليمه إلى كل زوايا المعمورة[14].

ينظر “غرد لودمن” إلى قصة القيامة كضرب من التخيل الوهمي الناتج من حزن الرسل وشعورهم بالذنب[15]. لكن فعلياً الآن، هل هذه تفسيرات منطقية تقف وراء وجود الكنيسة وإيمانها؟ بالجهد كذلك. أضف إلى ذلك حقيقة كون كل هذه الآراء (1) تترك حقيقة القبر الفارغ من دون تفسير (ولسنا نبالغ إن قلنا إنها تتحطم على “صخرة” القبر الفارغ، و(2) يفوتها تقبل التنوع في التفاصيل المجردة للروايات المتعددة للظهورات نفسها. أصاب جداً “جورج أ. لاد” من خلال إشارته إلى كون:

…. الرؤى لا تحصل بشكل عشوائي. فاختبارها يستلزم بعض الشروط المسبقة عند الأشخاص المعنيين، هذه الشروط المسبقة الغائبة بالتمام عن تلاميذ يسوع. أن نتصور التلاميذ وهم يراعون ويغذون ذكريات حميمة عن يسوع بعد موته، ويشتاقون إلى رؤيته مجدداً، ولا يتوقعون له أن يموت فعلاً. كل هذا هو نقيض الدلائل التي في حوزتنا. كما أن تصوير التلاميذ على أنهم مشبعون بهذا المقدار من الرجاء من جراء ما خلفه يسوع فيهم من تأثير، ما مكن إيمانهم من التغلب بسهولة على حاجز الموت لكي ينصبوا يسوع كربهم الحي والمقام. كل هذا يفترض إعادة صياغة جذرية للتقليد الإنجيلي. وبينما قد لا يكون من المطري للتلاميذ، التصريح بأن إيمانهم كان بإمكانه فقط أن ينتج من اختبار حقيقي بتجرد، هذا ما تدونه الأناجيل فعلاً[16].

عدد من تلامذة “بلتمان” بمن فيهم “غيرهارد إيبلينغ” و”إرنست كازمان” و”غنثر بورنكام” و”إرنست فاكس” رفضوا عملية تذويب معلمهم للروابط التي تجمع بين الإيمان والتاريخ العلمي، وذلك على أساس أنها تجعل من غير الممكن التمييز بين الإيمان المسيحي والتزام رب أسطوري. يسلم “بورنكام” أحد تلامذة “بلتمان” الأكثر نفوذاً، “بعدم وجود تفسير مرض لمعجزة القيامة في طبيعة التلاميذ الداخلية”:

الرجال والنساء الذين يقابلون المسيح المقام [في الأناجيل] وصلوا إلى نهاية حكمتهم. كانوا في حالة اضطراب وانزعاج من جراء موته. راحوا يسيرون كمفجوعين على غير هدى حول قبر سيدهم في محبتهم العاجزة عن فعل أي شيء، محاولين بوسائل تدعو إلى الشفقة – على غرار النساء عند القبر – أن يوقفوا العملية وانبعاث رائحة النتانة. كان هؤلاء التلاميذ متجمهرين معاً على نسق الحيوانات في العاصفة (يوحنا 20: 19 والأعداد التالية). هكذا كانت أيضاً حال التلميذين على طريق عمواس عشية يوم الفصح، بعد أن كانت قد تحطمت آخر آمالهم. يحتاج أحدنا إلى قلب جميع روايات الفصح هذه رأساً على عقب في حال أراد إظهار هؤلاء القوم بكلمات “فاوست”: “إنهم يحتفلون بقيامة الرب من الأموات، لأنهم هم قاموا من الأموات”. كلا، هم لم يقوموا من الأموات. فما يختبرونه هو الخوف والشك، كما أن الشيء الوحيد الذي يوقظ الفرح والسرور في قلوبهم هو مجرد هذا: التلاميذ في يوم الفصح هم الذين يتميزون بالموت، فيما المصلوب والمدفون هو الحي[17].

يواصل “بورنكام” كلامه بالقول إن “رسالة قيامة يسوع، لم تكن بأي شكل من الأشكال، من نتاج الجماعة المؤمنة وحدها”. ثم يستخلص أنه “لمن المؤكد أن ظهورات المسيح المقام مع كلمة شهوده، هي التي أنشأت هذا الإيمان في المرتبة الأولى”[18]. أنا أوافق، بل أصر على أن “الاختبار الحقيقي بتجرد” الذي كان قد حصل عليه التلاميذ، والذي كان “لاد” قد تحدث عنه قبلاً، جاءهم نتيجة “البراهين المقنعة الكثيرة” (أعمال 1: 3) على قيامته في الجسد من خلال ظهوراته العديدة لهم بعد صلبه. إذ لا شيء أقل من القيامة الفعلية في الجسد من الموت، باستطاعتها تفسير ظاهرتي كل من القبر الفارغ والتحول الجذري الذي حصل للتلاميذ والذي نقلهم من حالة الشك والغم إلى الإيمان وفرح الشهيد. لذا، لا داعي للبحث عن تفسير آخر يصلح كأساس لإيمانهم الفصحي.

مكانة قيامة يسوع في الجسد على صعيد المناداة المسيحية في الكنيسة الأولى

اعتمدت الكنيسة الأولى حق قيامة يسوع في الجسد من الأموات “كالمدخل” لإعلان بشارة الإنجيل. يوضح المسح الشامل السريع للعظات المدونة في أعمال 2: 14-39؛ 3: 13-26؛ 4: 10-12؛ 5: 30-32؛ 10: 36-43؛ 13: 17-41؛ 17: 22-31 إلى جانب تعاليم رسائل العهد الجديد (رومية 1: 2-4؛ 2: 16؛ 8: 34؛ 9: 5؛ 10: 8، 9؛ 1كورنثوس 15: 3، 4) كيف أن اعتماد الرسل قيامة يسوع في الجسد من الأموات، لم يكن بالأمر الشاذ على الإطلاق. استخدموه بسبب ما يحدثه من صدمة، وهنا تكمن قيمته.

حقاً، كان التركيز في “الكريغما” (المناداة) البدائية دائماً على قيامة المسيح في الجسد من الأموات. لا يلحظ أي من هذه العظات المدونة إقدام الواعظ على التوقف أمام الحاضرين للتركيز على ما ينطوي عليه موت المسيح من أهمية خلاصية. لكنهم يشددون جميعهم على أن الله كان قد قلب رأساً على عقب حكم الناس من خلال إقامته من الأموات رجلاً – يسوع المسيح – والذي كانت السلطات الرومانية قد صلبته كمجرم، وذلك بإيعاز من السنهدرين اليهودي. وفي هذا السياق، يؤكد “ولبر م. سميث” ما يلي: “يشهد سفر الأعمال لحقيقة أنه من خلال الكرازة بقيامة المسيح [وليس الصليب] قد جرى قلب العالم رأساً على عقب”[19]. وبأكثر دقة، فإن الانعكاسات التي كان الرسل قد استنتجوها من هذا الحدث الجلل، هي التي هزت العالم الروماني من القرن الأول حتى جذوره. والمقصود بذلك كون:

  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، أظهرت هويته الإلهية (رومية 1: 3، 4)[20].
  • † قيامة المسيح في الجسد، السبيل لجلوسه على العرش في السماء رباً على بني البشر (أعمال 2: 36؛ 10: 42؛ رومية 14: 9).
  • † المسيح بفضل قيامته في الجسد تبرهن أنه مخلص الناس الأوحد (أعمال 4: 12). وبالتالي أبرزت جميع ديانات العالم الأخرى على أنها على خطأ وغير أهل لكي يعطيها الناس ولاءهم.
  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، أظهرت كيف أن الله جعل ختم رضاه على عمل المسيح الفدائي (رومية 4: 25؛ عبرانيين 9: 24، 25؛ 13: 20).
  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، جعلت منه “موقع الهيكل” الحقيقي حيث بإمكان الناس العثور على الله وعبادته (يوحنا 2: 19، 21؛ مرقص 14: 58).
  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، تشكل جانباً أساسياً من الإيمان الذي يخلص الخطاة (رومية 10: 9).
  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، تؤكد للمسيحيين مدى مصداقية تعليمه (متى 16: 21) وتحثهم على البقاء أمناء له لدى تعرضهم للاضطهاد من أجل إيمانهم (2تيموثاوس 2: 8).
  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، بصفته “باكورة الراقدين”، تؤكد للمسيحيين، وضمناً لجميع الشعوب الأخرى، أن قيامة الأموات في نهاية الأيام قد بدأت، وأنهم بالتالي سيقامون في الجسد ذات يوم إما لسرورهم، وإما لويلهم (يوحنا 5: 28، 29؛ أعمال 24: 15؛ رومية 8: 19 والأعداد التالية؛ 1كورنثوس 15: 20 والأعداد التالية؛ 1تسالونيكي 4: 14؛ 1بطرس 1: 3، 4).
  • † قيامة المسيح في الجسد من الأموات، وما تلى ذلك من صعود وارتقائه إلى الربوبية، قد ثبتاه دياناً لكل الناس (أعمال 17: 31).
  • † كان على الكنيسة الاحتفال بحقيقة قيامة المسيح في الجسد من الأموات، من خلال اجتماعها معاً في كل أول يوم من الأسبوع، على مدار السنة، وحتى نهاية العالم! على الكنيسة ألا تدع البشرية تنسى السبب وراء انتقال السبت من اليوم السابع إلى اليوم الأول.

بينما يبقى أحدنا غير متأثر بالإعلان عن أحد الأشخاص الذي يدعي بأنه مسيا اليهود، كون صلب على صليب روماني، بما أن آلافاً من الناس لقوا هذا المصير نفسه، لا يمكن لأحدنا البقاء محايداً حيال الإعلان بأن الله قد أقام يسوع هذا في الجسد من الأموات. لا يستطيع أحدنا أن يقول متثائباً: “ما أروع هذا”، قبل أن يهز رأسه ويمضي في طريقه بلا مبالاة! لكن قيامة يسوع كانت ولا تزال معجزة! فإما أن تكون قد حصلت، وإما ألا تكون قد حصلت! فلا مكان للحياد هنا! هذا الجانب من المناداة في بدايتها، استحوذ على اهتمام السامع، واستلزم منه قراراً فكرياً. وفي حال رفضها، عرض بذلك نفسه للخطر من خلال تنكره للرب المرفع والمزمع ذات يوم أن يدينه. وإن قبلها، فإنه يكون بذلك قد تحول إلى مخلص البشرية الأوحد الذي مات من أجل خطاياه. وعندما شرح له بولس تلك “الأخبار السارة”، شرحها، رجاء ملاحظة هذا جيداً، من زاوية التبرير بالإيمان وحده!

هذا “المدخل” على طريقة مناداة الكنيسة الأولى بالإنجيل، كنت قد أشرت إليها في محاضراتي على مر السنين. ولئن تأثر تلامذتي في حينه دائماً بهذه الحقيقة. لا أحد منهم، كما أعلم، خرج لتطبيق أسلوب الكنيسة الأولى هذا في التبشير على الذين لا يعرفون الكتاب المقدس. صلاتي أن يقدم على ذلك أحدهم في يوم من الأيام. ومن يعلم؟ فهذا الشخص قد يفتن المسكونة من جديد، كما حصل مع الكنيسة الأولى!

 

 

[1] أحد المؤشرات على استمرار في PCUSA هو ما حصل خلال الجمعية العمومية في دورتها التي تحمل الرقم 217، والملتئمة في “برمنغهام”، “ألاباما”، خلال صيف 2006. فلقد “قيلت” بناء على اقتراع 282-212 وثيقة بحث تلحظ أن المعروف بلغة الكنيسة التقليدية بشأن الثالوث (والذي يصدف أنه لغة الكتاب المقدس) تصور الله على أنه ذكر، الأمر الذي يشير ضمناً إلى تسامي الرجال على النساء (“ونحن نندم على هذا التشويه”، كما صرح التقرير). هذا يسمح لكل كنيسة بمفردها بتقرير لنفسها إن كانت تفضل التحدث عن “التجسيدات الثلاثة” لله تحت شكل “الأم الحنونة”، و”الطفل المحبوب”، و”الرحم الواهب الحياة”، أو “المحب”، و”المحبوب”، و”المحبة” التي تربط المحب بالمحبوب، أو “قوس قزح الوعد”، و”تابوت الخلاص”، و”حمامة السلام” أو “الصخرة”، و”حجر الزاوية”، و”الهيكل”، أو “الشمس”، و”النور”، و”الشعاع المحرق”، أو “المتكلم”، و”الكلمة”، و”النفس”.

[2] إلا أنه يتحدث عن “الحق المنزه عن الخطأ” للأسفار المقدسة في 1,5، كما يعلن أن “القانون المنزه عن الخطأ لتفسير الأسفار المقدسة، هي الأسفار المقدسة نفسها” في 1,9. هذا مع العلم أن “القانون” يفترض عدم وجود أخطاء فيه.

[3] لا يعرض التوكيد أي تفسير منطقي لماذا عقيدة العصمة تنتقص من سلطة الكتاب المقدس أو تضعف شهادة الكنيسة للإنجيل. أنا أفترض أن التوكيد يقصد بذلك القول إن عقيدة عصمة الكتاب المقدس تحول الاهتمام بعيداً عن “الكلمة الحي” (المسيح) إلى “الكلمة المكتوبة” (الكتاب المقدس). في الواقع، نقيض ذلك هو الصحيح: لأننا في حال راعينا نظرة أدنى إلى الكتاب المقدس، لا نضفي بذلك أهمية أكبر على المسيح؛ بل بالحري ننتقص من شهادته. إلى ذلك، فالكتاب المقدس الذي هو عرضة للخطأ وغير معصوم، من شأنه الانتقاص من سلطة هذا الكتاب وإضعاف شهادته للمسيح الكلمة الحي. بوسعي فقط استخلاص أن الذهن الليبيرالي هو ذهن مشوس.

[4] غالباً ما يجري التأكيد بشكل مغلوط على أن السلطات الرومانية، أي بيلاطس وهيرودوس، هما المسؤولان عن صلب يسوع المسيح، مع النظر إلى القيادة الدينية اليهودية، على الغالب، كمجرد ممثلين متواطئين في هذا الحدث. لكن واقع الأمر يظهر عكس ذلك تماماً؛ لم يكن للسلطات الرومانية أي اهتمام بسوع قبل إقدام القيادة الدينية اليهودية على إرغامهم على النظر في قضيته. وحتى بعد ذلك، وجد القائدان الرومانيان يسوع بريئاً من التهم التي وجهها إليه اليهود. لكن القيادة الدنية اليهودية ظلت متصلبة في رفضها قرار الرومان القاضي بإطلاقه، وطالبت بصلبه. حقاً، أمن الرومان “السكين” في صلب يسوع، أي أسلوب القتل، في حين ظهرت القيادة الدينية اليهودية بمثابة “اليد التي دفعت السكين”. إذاً، القيادة الدينية اليهودية هي التي حرضت على صلب المسيح فيما قامت روما بدور الممثل المتواطئ.

[5] تستلزم العبارة “في اليوم الثالث”. بعض التعليق. أين يعلم العهد القديم أن يسوع سيقوم من الأموات في اليوم الثالث بعد موته؟ يحاجج “أندرو ثيسلتن” في تفسيره

(NIGTC; Grand Rapids: Eerdmans, 2000), 1196-97) The First Epistle to the Corinthians

في كون العبارة “بحسب الكتب” لا تتعلق “باليوم الثالث” بل فقط بالعبارة “قام”. لكن يسوع نفسه أعلن في لوقا 24: 44-46 أن العهد القديم شهد لكون المسيا سوف يموت ويقوم في اليوم الثالث. تأمل الباحثون لوقت طويل في هذه المسألة وذلك في غياب العديد من نصوص العهد القديم من أجل الاختيار منها. في معظم الأحيان، يتم اختيار هوشع 6: 2 وأحياناً يجري عرض يونان 1: 17 و2ملوك 20: 5. لكن المشكلة مع هوشع 6: 2 هي أنه يتحدث عن قيامتنا نحن، لا عن قيامة المسيا. كما أن المشكلة مع يونان 1: 17 هي أنه يستلزم متى 12: 40 كرابط أما المشكلة مع 2ملوك 20: 5 فهي أنه لا يتحدث قط عن القيامة.

أنا أقترح أن حادثة المريا في تكوين 22، والتي قليلاً ما تؤخذ بعين الاعتبار، تبقى على الأرجح الخيار الأفضل بعد التفكير بكل شيء آخر. فتصريح إبراهيم في تكوين 22: 5 يشير ضمناً بوضوح إلى أن إبراهيم آمن بأن اسحق سوف يقام من الأموات في اليوم الثالث بعد أن كان الله قد أمره بتقريبه. في ذلك الوقت، كان إبراهيم يعتبر اسحق كأنه ميت، كما صرح كاتب العبرانيين بوضوح أن إبراهيم “من الزاوية الرمزية” استرجع اسحق من الموت في ذلك الوقت. يحتاج أحدنا فقط أن يفهم رمزية “موت وقيامة” اسحق، وينظر إليها كرمز لموت المسيح وقيامته الفعليين من أجل استيعاب ما كتبه بولس عن المسيح الذي “قام في اليوم الثالث حسب الكتب”.

[6] G. C. Berkouwer, The Work of Christ, translated by Cornelius lambregste (Grand Rapids: Eerdmans, 1965), 184.

[7] بحسب مرقص 16: 9، يسوع “ظهر أولاً لمريم المجدلية” وقد يكون هذا ما حصل فعلاً. لكن هذا التصريح من خلال وروده ضمن الخاتمة الطويلة لمرقص 16، تثار بعض التساؤلات حول مدى مصداقيته وصحته. برأي، روايات الظهور هذه يكون من الأسهل تنظيمها. إن كان يعتبر أحدنا أن يسوع ظهر أولاً للنساء اللواتي خرجن بسرعة من القبر (متى 28: 8, 9)، ومن ثم لمريم التي تبعت بطرس ويوحنا رجوعاً إلى القبر بعد اخبارهما أن القبر فارغ (راجع يوحنا 20: 1-18). لكن هذا التنظيم يبقى ممكناً حتى ولو ظهر يسوع لمريم أولاً.

[8] فيما يتعلق بتحول الكنيسة لجهة حفظ يوم السبت من اليوم السابع إلى اليوم الأول من الأسبوع، أؤكد وجود عنصرين أساسيين في الترتيب المتعلق بيوم السبت في العهد القديم: أولاً، كونه يجب أن يكون يوماً يستريح فيه المرء من أعماله، وثانياً، ضرورة تخصيصه لعبادة الله وفي خدمة الدين. وكل شيء آخر كان ظرفياً وقابلاً للتغيير. وحتى اليوم المحدد من الأسبوع كان قابلاً للتغيير (1) لسبب وجيه، و(2) من قبل سلطة أهل لذلك. حقاً، مع توافر هذه العنصرين، كان التغيير إجبارياً. هل حضر هذان العنصران في القرن الأول، ما يضفي شرعية على تبديل حفظ يوم السبت من اليوم السابع إلى اليوم الأول من الأسبوع؟ كانا حاضرين حقاً! فإن سبباً وجيهاً توافر بوضوح: الحدث الجليل المتمثل بقيامة يسوع من الموت في اليوم الأول من الأسبوعّ! كما أن السلطة الجديرة حضرت أيضاً بوضوح: مثال المسيح نفسه وكلماته، رب السبت، ورسله (يوحنا 20: 1، 19، 26؛ أعمال 20: 7؛ 1كورنثوس 16: 2؛ عبرانيين 10: 25؛ رؤيا 1: 10).

كانت الخلاصة الحتمية التي توصلت إليها الكنيسة المسيحية، أن التبديل في الأيام لم يكن ملائماً وحسب، بل حظي أيضاً بالموافقة الصريحة من قبل المسيح ورسله. فلو كانت الكنيسة لتواصل حفظها السبت في اليوم السابع، لكان في هذا التأكيد ضمناً أن حدث الفداء الرمزي في سفر الخروج مع الوصية المتعلقة باليوم السابع مقابل عمل المسيح الفدائي المرموز إليه، شكل الحدث الفدائي الأهم بينما لم يكن حدث الخروج سوى ظل لعمل المسيح الفدائي. أو تكون الكنيسة بذلك قد أنكرت حدث القيامة بجملته. ثانياً، إن حفظاً كهذا كان سيعني رفض سلطة المسيح ورسله (ناهيك أيضاً بأسفار العهد القديم النبوية أيضاً) على الكنيسة. بكلام آخر، مواصلة الكنيسة حفظها السبت في اليوم السابع، كان سيعني تجاهل طبيعة الإعلان التدريجي الذي كان هنا سيد الموقف. يشرح “غيرهاردس فوس” نقطتي هذه في كتابته Biblical Theology (Grand Rapids: Eerdmans, 1954, 158).

على قدر ما كان العهد القديم لا يزال ينظر قدماً إلى أداء العمل المسياني، من الطبيعي أن تأتي أولاً أيام العمل التي تصب في هذا الاتجاه، وفي هذه الحال، يقع يوم الراحة في نهاية الأسبوع. أما نحن تحت العهد الجديد، فننظر رجوعاً إلى العمل الذي كان قد أكمله المسيح. لذا، نحتفل أولاً بالراحة التي كان المسيح مبدئياً قد أمنها لنا، هذا مع كون السبت لا يزال علامة تنظر قدماً على الراحة النهائية في آخر الأيام. كان على شعب الله في العهد القديم أن يرمزوا من خلال حياتهم إلى التطور العتيد للفداء. من هنا، كان على أسبقية العمل ونتيجته الراحة أن يجد تعبيراً له ضمن روزنامتهم. أما كنيسة العهد الجديد فليس عليها تتميم هكذا عمل رمزي، ذلك لأن الرموز قد تمت.

لكن عندها حدث تاريخي عظيم عليها تذكره، إنجاز العمل بواسطة المسيح، ودخوله هو وشعبه من خلاله، حالة الراحة التي لا نهاية لها. نحن يفوتنا إدراك بما فيه الكفاية، الأبعاد العميقة التي كانت لدى الكنيسة الأولى بشأن الأهمية العظمى لظهور المسيا، ولا سيما لقيامته. لم يكن هذا الحدث الأخير في نظرهم أقل من إحضار خليقة جديدة، الخليقة الثانية، فشعروا بضرورة التعبير عن ذلك من خلال جعلهم السبت مقابل أيام الأسبوع الأخرى. عرف المؤمنون أنفسهم أنهم، إلى حد ما، شركاء في تتميم السبت. إن كان أحد أعمال الخلق يستلزم تسلسلاً معيناً، فعمل الخلق الآخر في هذه الحال يستلزم تسلسلاً آخر.

[9] Nicholas T. Wright, The Resurrection of the Son of God (Minneapolis, 2003), 717.

[10] يشير “غنثر بوونكام”، مثلاً، على تعداد بولس لظهورات المسيح المقام في 1كورنثوس 15: 3-7 على أنها “النص الفصحي الأقدم والأكثر موثوقية… والذي كانت قد جرت صياغته قبل بولس بوقت طويل”. يصرح بشأن هذه “الصيغة القديمة” أنها تبدو أشبه “بسجل رسمي”.

(Jesus of Nazareth [New York: Harper and Brothers, 1960], 182)

 راجع أيضاً” ولفهارت بانتبرغ”.

Jesus – God and Man (Philadephia: Westminster, 1968), 90, 91.

هذه النظرة المقبولة على وجه العموم، جرى تناولها بشكل مميز في الكتب التالية:

George E. Ladd, “Revelation and Tradition in Paul,” in Apostolic History and the Gospel, eds, W. Ward Gasque asn Ralph P. Martin (Exeter: Paternoster, 1970), 233, 30, particularly 244, 25; Grant R. Osborne, The Resurrection Narratives: A Redactional Study (Grand Rapids: Baker, 1984), 221 -25; and Gary R. Habermas, Ancient Evidence for The Life of Jesus (Nashville: Thomas Nelson, 1984), 124-27.

 

[11] يكتب “رودلف بلتمان” ما يلي: “ليست القيامة بحد ذاتها حدثاً من التاريخ الماضي. كل ما بإمكان النقد التاريخي إقراره هو حقيقة كون التلاميذ الأوائل آمنوا بالقيامة”

“New Testament and Mythology” in Kerygma and Myth, ed. Hans-Werner Bartsch [London: Spck, 1972], I, 42].

بالمقابل، “دونالد غثري” هو على حق بالكامل في إصراره عند هذا الحد على تفسير “إيمانهم الفصحي” هذا: “تنشأ فوراً الحاجة الملحة لتفسير “حدث نشوء الإيمان الفصحي”. إن واقع تشكيك “بلتمان” بأهمية البحث التاريخي في الأساس وراء الإيمان المسيحي، ينفي إمكانية عرض تفسير مرض لأي حدث، سواء أكان القيامة بحد ذاتها، أو نشوء إيمان الفصح. فالواحد بينهما لا يختلف في موقعه عن الآخر. إن نشوء الإيمان يستلزم نشاطاً خارقاً وفوق الطبيعية بالمقدار عينه للقيامة نفسها، وبالأخص بما أنها نشأت في أصعب الظروف”.

(New Testament Theology [Leicester: Inter-Varsity, 1981], 183).

[12] الكلمات الفعلية التي اعتمدها “بلتمان” في هذا السياق هي التالية: “لعل باستطاعة المؤرخ، إلى حد ما، تفسير ذلك الإيمان في ضوء تلك العلاقة الشخصية الحميمة بيسوع، التي كان التلاميذ يستمتعون بها إبان حياته الأرضية، وبذلك نحصر ظهورات القيامة بسلسلة من الظهورات الشخصية وغير الموضوعية” (Kerygma and Myth, 42).

[13] “المامبسيمس” هو الشخص الذي يتمسك برأيه بعناد، بالرغم من أوضح الدلائل على كونه على خطأ هذه اللفظة بالإنجليزية أول ما وردت عام 1530 في كتاب “وليام تندايل” The Practice of Prelates (“ممارسة الأساقفة”). يبدو أن راهباً إنجليزياً من القرون الوسطى، كان قد أصر على استخدام جملة من الافخارسيتا اللاتينية بطريقة مغلوطة إما لأنه كان أمياً وإما لكون نسخته من الطقس كانت قد نقلت مشوبة بالأخطاء. فعوضاً عن كود، إن أور سامبسيمس، بمعنى “ما تناولناه داخل الفم” كان يقول كود إن أور مامبسيمس، هذه العبارة الخالية من أي معنى. ما يجعل خطأه محفوراً في الذاكرة، هو ما قاله لدى تصحيح لغته اللاتينية. فحسب “ريتشارد بايس” عام 1517. والذي أصبح فيما بعد عميد كاتدرائية مار بولس في لندن، صرح الراهب بالقول: “تلوت الإفخارستيا بهذه الطريقة على مدى أربعين سنة. لن أبدل مامبسيمس القديمة عندي بـ سامبسيمس الحديثة التي عندكم”.

[14] Michael Goulder, “Jesus, The Man of Universal Destiny” in The Myth of God Incarnate, edited by John Hick14 (Philadelphia: Westminster, 1977), 59.

[15] Gerd Ludemann, The Resurrection of Jesus: History, Ecperience, Teheology, translated by John Bowden (Minneaplis, 1994).

[16] George E. Ladd, “The Resurrection of Jesus Christ” in Christian Faith and Modern Theology, edited by Carl F. H. Henry (Grand Rapids: Baker, 1964), 270-71.

[17] Bornkamm, Jesus of Nazareth, 184-85.

[18] Bornkamm, Jesus of  Nazareth, 183.

لكن على القارئ تذكر أن “بورنكام” يتبنى فكرة أن ظهورات يسوع بعد القيامة، كانت بمثابة رؤى مرسلة من السماء، وليست بطبيعتها مادية.

[19] Wilbur M. Smith, “Resurrection” in Baker’s Dictionary of Theology (Grand Rapids: Baker, 1960), 453.

في سفر الأعمال الذي كتبه لوقا، “دم” المسيح مذكور مرة واحدة، وذلك في سياق كلام بولس إلى شيوخ أفسس (20: 28)، كما أن حقيقة “مقتل” يسوع مذكورة مرة واحدة (3: 15)، وحقيقة “صلبه” مرتين (2: 5؛ 4: 10). أما الخشبة التي مات عليه فمذكورة ثلاث مرات (5: 30؛ 10: 39؛ 13: 29) فيما لا ذكر على الإطلاق “للصليب”؛ بالمقابل، قيامته مذكروة 10 مرات. وحقيقة كونه “أقيم” في الجسد من الأموات، مذكروة 14 مرة. كما أن الشهادة الرسولية لحقيقة قيامته في الجسد من الأموات وانعكاساتها.

[20] راجع تفسيري لهذا النص في كتابي

Jesus, Divine Messiah: The New and Old Testament Witness (Ross – shire, Scotland: Mentor, 2003), 372-84.