أبحاث

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المحتوى

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن السفر وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

 

أولاً: كاتب سفر المكابيين الثاني

ليس هناك دليل على صحة ما قيل عن أن الكاتب ربما كان يهوذا المكابى نفسه أو يشوع بن سيراخ أو فيلون السكندرى أو يوسيفوس. ولكن المرجح أن الكاتب هو أحد أبناء أو أحفاد هركانوس، والذي أراد أن يجعل لعائلته اسماً.

 

ثانياً: لغة سفر المكابيين الثاني

يُجمع العلماء والنقاد والشراح على أن سفرى المكابيين قد كُتبا أولاً باللغة العبرية، ويذكر جيروم بوضوح في كتابه أن العبرية هي اللغة التى كُتب بها سفر المكابيين الثاني، غير أنه من غير الواضح إن كان يقصد اللغة العبرية الفصحى، وهي ما يسميها اليهود ” اللسان المقدس ” أم الآرامية التى تكلم بها أهل فلسطين؟

ويقول القديس جيروم أنه أطلع على نسخة من سفر المكابيين الثاني في العبرية، غير أن تلك النسخة اختفت في وقت مبكر، أما العلامة أوريجانوس فيقول أن سفر المكابيين الأول كانت فاتحته هكذا ” عصا العصاة على الرب ” أو ” قضيب رؤساء أبناء الله ” (وهى مصطلحات فنية عبرية) وهكذا يؤيد كل من القديس جيروم والعلامة أوريجانوس على عبرية سفر المكابيين الثاني أو الآرامية الفلسطينية الشائعة في ذلك الوقت.

غير أن هناك اعتبارين يجعلان من المؤكد أنها العبرية، مثل بعض العبارات الواردة في سفر المكابيين الأول مثل ” سنتين من الأيام ” (30:1) و” شهراً فشهراً ” (16:1) و” أهل القلعة ” (2:4) وغيرها… وهي مصطلحات عبرية ترد في كثير من أسفار العهد القديم، وذلك بعض الكلمات التى ترجمت خطأ مثل كلمة ” ضد ” (28:1) والتى يفترض أنها تعنى في الأصل ” بسبب ” (والأصل يفيد المعنيين حسب القرينة التى يرد فيها) إضافة إلى أمثلة أخرى (راجع 24:9، 28:14) مما يؤكد في جميع هذه الحالات أنها مترجمة عن العبرية، يضاف إلى ذلك أيضاً الكثير من المصطلحات العبرية والتى ترجمت حرفياً كما هي إلى اليونانية.

 

ثالثاً: مفتاح سفر المكابيين الثاني

رعاية الله

 

رابعاً: غاية سفر المكابيين الثاني

غايته تقديم فكر لاهوتى للأحداث التاريخية، مع إبراز رعاية الله لشعبه وقدسية الهيكل.

يتحدث عن خلقة العالم من العدم (27:6)، ويقدم أعمالاً مجيدة للملائكة، ويوضح العلاقة الوثيقة بين المجاهدين والراقدين (43:12، 11:15).

 

خامساً: مصادر سفر المكابيين الثاني

1 تاريخ ياسون القيرينى (القيروانى): يذكر كاتب سفر المكابيين الثاني، اعتماده على المجلدات الخمسة التى وضعها ” ياسون ” ويصف عمله هو كمخلص بأنه حذف الأمور المسهبة وغير المهمة، وكيف أن ذلك كلفه مشقة كبيرة، وأنه ترك التفاصيل والأرقام الكثيرة للمؤرخين. ويظن بعض الشراح أن ” المخلص ” أضفى الروح الدينية على عمله، ولكنه يجب أن يُوضع في الاعتبار أن ياسون نفسه كان يهودياً تقياً، مطلع ومدقق يزخر تاريخه بالعديد من التفاصيل، والتى تجاوز ” المخلص ” الكثير منها.

وكما قلنا سابقاً في التفاسير السابقة، فإن الله يترك لكاتب سفر المكابيين الثاني صياغة الوحي بحسب أسلوبه وثقافته، كما يرى علماء آخرون أن ” الملخص ” قد أسهب في سرد بعض الأحداث، لاسيما عند عرض سير الشهداء (أصحاحى 6، 7)

ولكن عرض سير الشهداء لا يُعد مسهباً إذا تأملنا حقيقة ما تعرضوا له بالنظر إلى السطور القليلة التى عرضته في سفر المكابيين الثاني، كما يرى أولئك العلماء أن أخباراً أخرى قد ضُغطت وعُرضت بشكل عاجل في حين أنها كانت مدونة في كتب ياسون بشكل مٌفصل، مثل (22:13-26) كما حذف الملخص قصة باكيديس في تنصيب ألكيمس رئيساً للكهنة قابل (1مكا 5:7-7، 25) مع (2مكا4:14-10) بل أورد فقط إرسال نيكانور فيما بعد لإعادة تنصيب ألكيمس (2مكا11:14-27) قارن مع (1مكا26:7-32).

وينقسم سفر المكابيين الثاني إلى خمسة أجزاء متمايزة ربما تقابل كل جزء منها واحداً من كتب ياسون الخمسة (كما سبق الإشارة) وينتهى بعبارة مختصرة تحدد النهاية بشكل واضح، لاحظ: (40:3 و42:7 و9:10 و26:13ب).

2 الوثائق الرسمية: أضاف كاتب المكابيين الثاني بعض الوثائق، مثل رسالة اليهود في فلسطين إلى أخوتهم في مصر، يحثونهم فيها على الاحتفال بعيد المظال، الذي يعيد فيه بتذكار تطهير الهيكل، وهما رسالتان:

الأولى: بشأن اشتراك يهود مصر في الاحتفال بعيد التطهير (2مكا1:1-9) وكتبت في (سنة 188 سلوقية = 124ق. م) وهذه الرسالة تشير إلى رسالة سابقة (فى الآيتين 7، 8) والتى كتبت في (سنة 169 = 143ق. م) أرسلها يهود أورشليم أيضاً إلى يهود مصر في عهد ديمتريوس.

والثانية: والتى تبدو أنها أقدم من السابقة حيث تؤرخ بسنة 148 سلوقية (=164ق. م) أى قبل ما يقرب من أربعين عاماً، يشرح فيها اليهود سبب الاحتفال بعيد التجديد (2مكا10:1 -18:2) وقبل أول احتفال بعيد المظال (وعيد التجديد).

3 سجلات الهيكل: لابد وأن الكاتب كان مطلعاً على سجلات الهيكل والتى من الضرورى أن تكون صور أو أصول بعض الوثائق مثل:

  • رسالة انطيوخس الملك إلى اليهود (2مكا19:9-27) يلاطفهم فيها ويعقد معهم صلحاً
  • رسالة ليسياس إلى اليهود رداً على رسالتهم، وعقد صلح معهم (2مكا16:11-38).

وربما كان من بين سجلات الهيكل أيضاً بعض الوثائق وسجلات رؤساء الكهنة السابقين للحشمونيين وتحمل معلومات عن ” حونيا (أونيا) وياسون ومنلاوس ” ومن المحتمل أيضاً أن تنقل بعض الأخبار عن طريق التقليد، ولابد أن ياسون قد زار الأرض المقدسة ووقف على الكثير مما كتبه من تاريخ.

4 مصادر تاريخ ياسون: نقل الملخص عن ياسون، ولكن من أين استقى ياسون نفسه مادة كتبه الخمسة؟ إنه من البديهى أن يكون قد أعتمد على نفس المصادر التى استقى منها كاتب المكابيين الأول، مثل:

  • مسيرة يهوذا (كما سبق وأشرنا).
  • التاريخ السلوقى: وهو التاريخ المدنى يؤرخ لأحداث المملكة السورية، ومن تعاقب عليها من ملوك لاسيما السلوقيين المعاصرين لهذه الفترة، ويرى بعض العلماء أنه من المحتمل أن يكون المصدر الذي استقى، منه غير المصدر الذي استقى منه كاتب سفر المكابيين الثاني الأول، حيث يذكر عدداً مختلفاً من الجنود الذي اشتركوا في الحروب عن العدد المذكور في سفر المكابيين الثاني الآخر

 

سادساً: أقسام سفر المكابيين الثاني

مقدمة ص 1، 2

انقسامات داخلية

ص3-5

غيرة يهوذا المكابى ص6-9

انتصارات يهوذا ص10-15

1. رسالة إلى اليهود بمصر (1:1-9)

2. رسالة إلى أرسطوبولس (10:1- 18:2)

3. مقدمة الكاتب (19:2-32) قبل أن يوجز تاريخ ياسون قدم الكاتب رسالتين يحث فيهما اليهود على حفظ العيد الجديد (ع18، 9)

الأولى موجهة لليهود الذين زحفوا إلى مصر أيام الاسكندر الأكبر (1مك1:1)، والثانية إلى أرسطوبولس معلم بطليموس الملك… يروى بعض القصص التى تخص الخدمة اليهودية أثناء السبى.

حدد هدف سفر المكابيين الثاني (23:2-32).

إن كان أنطيوخس دنس الهيكل فقد سمح الله بسبب الفساد الداخلى:

أ. خطة شمعون البنيامينى ضد حونيا رئيس الكهنة لدى القائد الرومانى 3

ب. اغتصاب ياسون رئاسة الكهنوت 4

ج. اغتصاب منلاوس (منيليوس) الكهنوت وسرقته الأوانى 4

د. الشعب يقتل ليسيمانس أخ فنلاوس ومحاولته عزل منلاوس 4

ه. ياسون يهاجم أورشليم 5

ز. أنطيوخس يهاجم المدينة ويسلب شعبها كعبيد ويدنس الهيكل5

الفساد الداخلى فساداً خارجياً!

لم يحتمل يهوذا بشاعة ما فعله نيكانور قائد حملة الملك أنطيوخس.

الله وهو يؤدب يقيم المخلص.

موت أنطيوخس لهزيمة قائده!

1. الهجوم لتدنيس الهيكل 6

2. الشهداء الأولون 6

3. استشهاد ألعازار 6

4. استشهاد 7 أخوة وأمهم 7

5. ثورة يهوذا 8

6. نصرته الأولى على نيكانور 8

7. انتصاراته الأخرى 8

8. مرض أنطيوخس 9

9. موت أنطيوخس 9

اهتم يهوذا بالإصلاح الداخلى فوهبه الله نصرات مستمرة:

1. تطهير الهيكل والتعييد 8 أيام (ابن أنطيوخس يقيم ليسياس قائداً للجيش عوض بطلماوس) 10

2. يهوذا ينتصر على ليسياس ويتمتع اليهود بالحرية 11

3. استيلاء يهوذا على المدن المجاورة (اهتمامه بالموتى ثم جمع تقدمة بلغت المجموع ألفى درهم من الفضة أرسلها إلى أورشليم ليقدم بها ذبيحة عن الخطيئة عن الموتى لاعتقاده في قيامتهم) 12

4. انتصار يهوذا على ليسياس ثانية 13

5. انتصار ديمتريوس على الملك وتوليه الحكم. مؤامرة القيموس اليهودى ضد يهوذا وإثارة ديمتريوس ضده 14

6. نيكانور كقائد لليهودية يطلب صداقة يهوذا، القيموس يثير ديمتريوس ثانية ويضطر يهوذا إلى الهرب، نيكانور يحاصر رازيس الشيخ المحب ليهوديته. فيضرب الأخير نفسه بالسيف، انهزام نيكانور أمام يهوذا الذي كان ملتجئاً بالسامرة 15

 

سابعاً: ملخص سفر المكابيين الثاني

يتكون سفر المكابيين الثاني من 15 إصحاح فيما يلي عرض لملخص لإصحاحاته

1 يتضمن هذا الإصحاح رسالة أرسلها شعب اليهودية وأورشليم لأخوتهم يهود مصر يبشرونهم بأنهم قربّوا الذبائح والسميذ وأوقدوا السرج وقدموا الخبز، ويحثّونهم على أن يعيّدوا معهم عيد المظال. كما يحوي الإصحاح رسالة أخرى سابقة لهذه أرسلوها إلى يهود مصر أيضاً وبصفة خاصة إلى (أرسطو بولس) مؤدب بطليموس الملك يذكرون فيها كيف انتقم الله لهم من أنطيوكس وأنهم مزمعون أن يعيّدوا عند تجديد الهيكل ويحثونهم للمشاركة أيضاً معهم في تعييد عيد المظال وعيد ظهور النار التى ظهرت حين بنى نحميا الهيكل والمذبح وقدم الذبيحة.

ويذكرون أنه حدث عند السبى أن بعض الكهنة أخذوا سراً من نار المذبح وخبأوها في بئر ليس فيه ماء. فلما ذهب نحميا لبناء الهيكل أمرهم أن يأتوا بالنار فوجدوها مثل الماء المزبد، فغرفوا منها ونضحوا على المذبح. ولما طلعت الشمس اشتعلت النار المقدسة من الزبد وتطهرت الذبيحة.

2 يذكر هذا الإصحاح كيف أن أرميا لم يكتفى فقط بأخذ النار وقت السبى، ولكنه أيضاً بوحي من الله أخذ المذبح (= الخيمة) والتابوت ومذبح البخور وأدخلها في كهف بالجبل الذي صعد عليه موسى ورأى ميراث الله. وقال أرميا ” أن هذا الموضع سيبقى مجهولاً إلى أن يجمع الله شمل شعبه ويرحمهم. وحينئذ يبرز الرب هذه الأشياء ويبدو مجد الرب والغمام ” (7:2-8) وأضاف أن أخبار موسى وسليمان وبيت الرب وكذا أخبار الملوك والأنبياء وكتابات داود والرسائل القديمة جمعها نحميا في مكتبة أنشأها.

وعلى نفس النسق جمع يهوذا المكابى (= كاتب هذا سفر المكابيين الثاني) أخبار الحروب التى حدثت واسترداد الهيكل وتطهيره وتدشين المذبح وطرد الأجانب، تلك الحوادث التى شرحها (ياسوف) القيروانى في خمسة كتب، كتبها يهوذا ولخصها في درج واحد وهي الحواوى التى سيرد ذكرها بعد.

3 حدثت مخاصمة بين (سمعان البنيامينى) الموكل إليه أمر الهيكل وبين (أونيا) الكاهن الأعظم. ولما يقدر سمعان أن يغلب الكاهن ووشى به لابلونيوس قائد الملك قائلاً أن خزانة الهيكل مشحونة بأموال ليس لها عدد والأجور يستولى عليها الملك. فلما سمع الملك بذلك أوفد أحد رجاله (هليودورس) لاغتصاب هذه الأموال. ورغم أعتراض الكاهن الأعظم فقد أصر الرجل على أخذ الأموال التى لبيت الرب. وصلى الناس ولبسوا المسوح وتضرعوا إلى الله أن يحفظ الودائع موفورة لمستودعيها.

واستجاب الرب لصراخ الناس. وإذا بفارس مخيف مهيب يثبت بفرسه على رسول الملك ويضربه. وجاء أيضاً شابان عجيبا القوة بديعاً البهاء وقفا بجانب الرجل يجلدانه. فلما صار الرجل في أخر رمق، رق الكاهن لحاله وقدم عنه ذبيحة من أجل خلاصه. وبينما الكاهن يقدم الكفارة، ظهر الشابان لرسول الملك ” وقالا: عليك بجزيل الشكر لآونيا الكاهن الأعظم فأن الرب قد من عليك بالحياة من أجله ” (33:3) فشكر الرجل الرب أنه منحه الحياة بعد الموت وشكر أونيا. وعاد الرجل إلى الملك وهو يقول ” أن كان لك عدو أو صاحب دسيسة في المملكة فأرسله إلى هناك فيرجع إليك مجلوداً ” (38:3).

4 ومع ذلك زادت عداوة سمعان للكاهن أونيا لدرجة أن أحد أتباع سمعان نوى على قتل الكاهن. فاضطر أونيا أن يطلب من الملك التدخل حقناً للدماء. ولما مات (سلوقس) وأستولى (أنطيوكس) على الملك طمع (ياسون) أخو أونيا في اغتصاب كهنوت أخيه. فأعطى الملك الكهنوت لياسون بعدما دفع له مبلغاً من الفضة. وتنكر ياسون لشريعة الرب وفتح مدرسة لتعليم الغلمان علوم وعادات الوثنيين. وأبطل رسوم الشريعة وسننها.

وضاعت هيبة الهيكل وأهمل الذبائح وانهمكوا في القمار والمجرمات. بل أن ياسون أخذ ينافق الملك فأرسل رسولاً يشتركون في المصارعة التى تقام كل خمس سنوات والتى يحضرها الملك في (صور) ومعهم ثلاثة مائة درهم فضه لذبيحة (هركليس). ولما جاء الملك لأورشليم، استقبله ياسون بالمشاعل والهتاف. وكما أغتصب ياسون رئاسة الكهنوت بغير حق من أونيا، فقد أغتصبه منه أخر وهو صديقة (منلاوس) أخو سمعان الذي أوعد الملك بأموال أكثر وطرد ياسون منفياً في أرض بنى عامون.

ولما لم يوف منلاوس بما وعد به أخذ الكهنوت عنه أخوه ليسيماكس). وانتهز منلاوس فرصة غياب الملك، فسرق أوانى الهيكل الذهبية وأهدى بعضها إلى أندرونكس نائب الملك وباع بعضها الآخر. ولما ثار على ذلك أونيا الكاهن وشى به منلاوس إلى أندرونكس نائب الملك الذي قبض عليه وقتله. غير أن الشعب ثار على أندرونكس وشكاه للملك فقتله. وبغى (ليسيماكس) واستمع لمشورة منلاوس وسرق مال الأقداس.

فثار عليه اليهود وقتلوه عند الخزانة. ولما أقاموا الدعوى على منلاوس صاحب المشورة المفسدة دفع رشوة لأحد أصحاب الملك فحكم ببراءته وقضى بالموت على الشاكين. وعاد منلاوس برئاسة الكهنوت كميناً لشعبه.

5 وبينما الملك أنطيوكس يتجهز لغزو مصر، ظهر في سماء مدينة أورشليم منظر كتائب فرسان تغدو بملابس ذهبية ومنظر خيول ورماح ودروع. وأستمر هذا الظهور مدة أربعين يوماً إيذاناً بالمتاعب التى سيلقاها اليهود وحرب الرب عن شعبه. وفعلا ما لبث أن انتهز ياسون فرصة غياب الملك في غزو مصر، فجاء من منفاه عند بنى عمون بجيش هجم به على المدينة وأخذ يذبح من أهلها الكثير حتى اضطر منلاوس الكاهن للفرار.

غير أن ياسون سرعان ما أنكسر فعاد ادراجه إلى أرض بنى عامون. لكن العرب طردوه منها فاضطره أن يهرب من بلد إلى بلد إلى أن وصل إلى مصر ومات هناك. فلما بلغ الملك ذلك جاء من مصر واسترد المدينة متفكراً بأن اليهود يتمردون عليه. فقتل منهم وذبح وأباد كثيرين من الشيوخ والنساء والرجال والعذارى والأطفال ثمانين ألفا في ثلاثة أيام. وتجاسر فدخل الهيكل ونجسه بمساعدة منلاوس الكاهن الخائن.

وأغتصب الملك بيديه أوانى البيت وهداياه وألفان وثمانمائة قنطار فضة وعاد إلى أنطاكية. ولم يكتفى بذلك بل أرسل قائده أبلونيوس بجيش كبير قام بقتل وذبح كثيرين من اليهود في يوم السبت وحدث هذا ويهوذا المكابى كان قد أقام في الجبال مع أصحابه ” يعيشون عيشة الوحوش ويأكلون العشب لئلا يشتركوا في النجاسة ” (27:5).

6 وأرسل الملك من يقهر اليهود ويضطرهم لترك شريعة الله وحول الهيكل على اسم (زوس) الاولمبى ونجسوه بالمحارم والزنا واحتفلوا بأعياد الآلهة الوثنية. وطاردوا من لجأ من اليهود إلى المغاير. ومما يذكر أن امرأتين ختنتا أطفالهما فطافوا بهم جميعاً في المدينة ثم ألقوا المرأتين من على السور. وحدث أن (ألعازار) الكاتب اليهودى ابن تسعين سنة أجبر على أكل لحم الخنزير فقذفه من فمه وفضل الموت على أن يحيا مخالفاً شريعة إلهه.

وقال وهو يتأوه مشرفاً على الموت من الضرب ” يعلم الرب وهو ذو العلم المقدس أنى وأنا قادر على التخلص من الموت، أكابد في جسدى عذاب الضرب الأليم. وأمانى نفسى فأنى احتمل ذلك مسروراً لأجل مخافته ” (3:6).

7 وقبض الملك على سبعة أخوة مع أمهم وعذبهم بالمقارع والسياط ليجبرهم على أكل لحم الخنزير فرفضوا. ولما قال أحدهم ” إنا لنختار أن نموت ولا نخالف شريعة أبائنا ” (2:7) قطع الملك لسانه وسلخ جلد رأسه وجدع أطرافه وقلاه وهو حى في طاجن محمى. وساقوا الأخوة الستة الباقين للعذاب كأخيهم الأول. وقد شهدوا جميعهم لإلههم دون خوف. قال الأخ الثاني (انك أيها الفاجر تسلبنا الحياة الدنيا.

ولكن ملك العالمين إذا متنا في سبيل شريعته فسيقيمنا لحياة أبدية ” (9:7) وهكذا قال الباقون غير آبهين بالموت. وكذلك هلكت الأم أيضاً على اثر بنيها.

8 وتسلل يهوذا المكابى وأنصاره إلى القرى وجمعوا ستة ألاف من الأنصار دربوهم كجيش قوى. وأغار يهوذا ليلاً على بلاد وقرى كثيرة وأحرقها واستولى عليها. فاضطر الملك أن يجهز جيشاً من عشرين ألفاً قام بقيادة (نكانور) لمقاتلة يهوذا. وأذاع نكانور أنه يبيع رقاب اليهود كل تسعين رقبة بقنطار. وجمع من جيشه كل الراغبين في شراء اليهود. فما سمع يهوذا بذلك، حشد الستة ألاف الذين معه وشجعهم مذكراً إياهم بمعونات الرب السابقة لشعبه.

وقسم يهوذا جيشه إلى أربع فرق وكان له ولكل واحد من أخوته الثلاثة (سمعان ويوسف وناثان) فرقة يقودها وبعد أن تلا عليهم (ألعازار) الكتاب المقدس وجعل لهم كلمة السر (نصرة الله) هجموا على أعدائهم وهزموهم وقتلوا منهم أكثر من تسعة ألاف وتعقبوا الباقين. وأدركهم السبت فحفظوه وباركوا الرب.

ولما مضى السبت وزع الغنائم واقتسمها مع الفقراء واليتامى والأرامل والمحتاجين. ثم أقام صلاة عامة طالباً رحمة الرب عليهم واستمر يهوذا في قتاله. وبلغ عدد من قتلوا من جيوش الوثنيين ما يزيد على 20 ألفاً ولما رأى نكانور كيف أن الرب هزمه في الحرب خلع ثيابه الفاخرة وتسلل متنكراً ذليلاً حتى وصل إلى أنطاكية.

9 ولما سمع الملك أنطيوكس بهزيمة نكانور جد في السير بعجلته نحو اليهودية. وبينما هو في حمو غضبه ” قال في تجبره: لآتين أورشليم ولأجعلها مدفناً لليهود ” (4:9) وإذ كان يسرع في مركبته، ضربه الرب بداء في أحشائه مع مغص أليم فسقط من عجلته وترضض جسمه وحملوه في محفة والديدان تأكل جسده، ولحمه يتساقط وأنتنت رائحته حتى لم يعد هو يطيق هذه الرائحة.

ولما اشتد به المرض، عين ابنه انطيوكس للملك وطلب رحمة الله ونذر بأنه إذا شفاه الله فسوف يحرر المدينة المقدسة ويساوى اليهود بالآثينيين ويزين الهيكل المقدس ويرد أنيته أضعافاً، بل ويدين بالديانة اليهودية. وكتب رسالة استرحام وتوسل إلى اليهود واعداً إياهم أن يعاملهم بالرفق والمروءة.

10 واسترد يهوذا المكابى المدينة والهيكل وطهره وبنى مذبحاً جديداً واقتدح ناراً من الحجارة. واتفق أنه في نفس اليوم الذي نجس فيه الغرباء الهيكل تم تطهيره ثانية في الخامس والعشرين من شهر كسلو. وقدموا الذبيحة وهيأوا البخور والسرج وخبز التقدمة. وعيدوا ثمانية أيام كما في عيد المظال وهم يحملون السعف وغصون الأشجار. ولم يطق أنطيوكس الملك الجديد ذلك فكلف (جرجياس) بقيادة جيش ناصب اليهود مستعيناً في ذلك بالأدوميين.

فهجم المكابيون على حصون الأدوميين واهلكوا عشرين ألفاً. وفر تسعة ألاف إلى برجين حصينين جداً. فحاصرهم سمعان ويوسف وزكا المكابيون. واحتال المتحصنون في البرجين على جنود المكابين ورشوهم بالمال، فلما سمع يهوذا، جاء من فوره وقتل الخونة واستولى على البرجين وأهلك فيها ما يزيد عن عشرين ألفاً. وحاول الأعداء ثانية أن ينزلوا اليهودية بجيش كبير بقيادة (تيموثاوس).

ولما اشتد القتال ” تراءى للأعداء من السماء خمسة رجال رائعى المنظر على خيل لها لجم من ذهب فجعل أثنان منهم يقدمان اليهود وهما قد اكتنفا المكابى يخفرانه بأسلحتهما ويقيانه الجراح وهم يرمون بالسهام والسواعق حتى عميت أبصارهم وجعلوا يخبطون ويتصرعون ” (29:10-30) وأنهزم تيموثاوس ولجأ إلى حصن (جازر) بعدما قتل اليهود من رجال الأثينيين عشرين ألفاً وخمسمائة ومن الفرسان ستمائة. وهجم عشرون فتى من أصحاب المكابى على السور بعد حصار للحصن دام أربعة أيام وذبحوا تيموثاوس ومن معه ودخلوا المدينة.

11 شق ذلك على (ليسياس) وكيل الملك وقريبه ونسيبه. فجمع ثمانين ألف جندى راجل مع ألوف من الفرسان وثمانين من الفيلة. ودخل اليهودية وحاصر (بيت صور) بقرب أورشليم وعزم على تدنيس الهيكل. فصرخ المكابى وأصحابه إلى الله وطلبوا منه المعونة. وبينما هم يقتحمون لنجدة أخوتهم، إذا بملاك يرسله الله بشكل فارس عليه لباس أبيض وسلاحه من ذهب.

فنصر الله اليهود وقتل الأعداء أكثر من أثنى عشر ألفاً جندى وفارس. وفر الباقون جرحى وعراه. وهذا اضطر ليسياس أن يفاوض المكابى محاولاً استرضاء اليهود. فوصلت منه ومن الملك أنطيوكس ومن الرومانيين رسائل مكتوبة لليهود يتعهدون فيها بتركهم يعبدون الله في هيكلهم وحسب شريعتهم وقضائهم.

12 وبعد إبرام هذه المواثيق، أرتاح اليهود فترة قليلة غدر بعدها أهل (يافا) بهم فأغرقوا منهم مائتين في البحر اغتيالاً وغدراً. فقام يهوذا وأحرق الميناء والقوارب وبعض أهل المدينة. ولما سمع أهل (يمنيا) سيغدرون باليهود الساكنين بينهم كما فعل أهل يافا. أحرق لهم أيضاً مرفأهم واسطولهم. وفى الطريق تصدى لهم عرب البادية وأنتصر يهوذا عليهم. ثم فتح (كسفيس) المدينة الوثنية ذات الأسوار والحصون وقتل من فيها.

وبعدها تقدم من جيوش القائد الوثنى (تيموثاوس) وكانوا مائة وعشرين ألف رجل وألفان وخمسمائة فارس، فغلبهم ودخلهم الرعب إذ ظهر لهم الرب فبددهم وقتل منهم في (قرنيم) وهيكل (أثرجيتس) خمسة وعشرين الف نفس وفى (غفرون) خمسة وعشرين الفاً أخرين بخلاف عشرة ألاف جندى من سابق. وتوغل اليهود بعد ذلك نحوه (أدوم)وحاربوها وساروا إلى مدينة (عدلام).

ولما أكتشف يهوذا أن بعضاً ممن سقطوا قتلى من جنوده كانوا يخفون تحت ثيابهم أنواطاً من أصنام أهل (يمنيا) وعظ الجيش أن يبتعدوا عن عبادة الأوثان لئلا يدركهم غضب الرب. وجمع ألفى درهم أرسلها لأورشليم لتقديم ذبيحة خطية ” وكان ذلك من أحسن الصنيع واتقاه لاعتقاده قيامة الموتى… ولاعتباره أن الذين رقدوا بالتقوى قد أدخّر لهم ثواب جميل. وهو رأى مقدس تقوى. ولهذا قدم الكفارة عن الموتى ليحلوا من الخطيئة ” (43:12-46).

13 وعاود أنطيوكس الحرب فجاء إلى اليهودية مع ليسياس بجيش يونانى مؤُلف من مائة وعشرة آلاف رجل وخمسة آلاف وثلاثمائة فارس وأفيال وعجلات بمناجل. وأنضم إليهم (منلاوس) الكاهن المحتال بدهاء أن يعود للرئاسة. فهيج الله سخط أنطيوكس مع منلاوس وقتله. ولما سمع يهوذا بتقدم جيش انطيوكس أمر بالصلاة والصوم ثلاثة أيام. ثم نصب محلته عند قرية (مودين) وجعل لهم كلمة السر (النصر بالله) وهجم ليلاً على مخيم الملك وقتل منهم أربعة آلاف.

واضطر الملك إلى عقد الصلح مع يهوذا وعاد إلى أنطاكية لإخماد ثورة فيها بعد أن صافى المكابى ونصبه قائداً وحاكماً على البلاد.

14 وبعد ثلاثة سنين قتل أنطيوكس وليسياس واستولى ديمتريوس ابن سلوقس على الحكم فجاء إلى (ألكيمس) المطرود من الكهنوت بسبب نجاسته وخلع عليه هدية وقربه إليه. فوشى ألكيمس بيهوذا أمام ديمتريوس الذي أرسل للتو (نكانور) قائداً على اليهودية وأمره بقتل يهوذا وإقامة ألكيمس كاهناً أعظم فأرسل الملك لنكانور مرة ثانية أن يقبض على المكابى ويأتى به مقيداً إلى أنطاكية. فاضطر نكانور إزاء أمر الملك أن يتربص بيهوذا دون جدوى. فلما فشل في القبض عليه هدد بتخريب الهيكل إذ لم يسلم الكهنة يهوذا إليه.

15 وعلم نكانور أن أصحاب يهوذا في السامرة. فعزم أن يفاجئه يوم السبت، ولكنه لم يفعل. وإذ عزم نكانور على نصب تذكار يشير به إلى جميع إنتصاراته على يهوذا، جمع المكابى قومه ” وسلح كلاً منهم بتعزية كلامه الصالح أكثر مما سلحهم بالتروس والرماح ” (11:15) ثم حكى لهم كيف رأى في الرؤيا أن (أونيا) الكاهن الأعظم يصلى عنهم. وبعد صلاته، ظهر رجل كريم الشيبة قال عنه (أونيا) أنه أرميا النبى.

ومد أونيا يمينه وناول يهوذا سيفاً من ذهب وقال ” خذ هذا السيف المقدس هبة من عند الله به تحطم الأعداء ” (16:15) وتحمس القوم ودعا يهوذا الرب ” لعلمه أن ليس الظفر بالسلاح ولكنه بقضائه يؤتى الظفر من يستحقه ” (21:15) وهجم يهوذا وجيشه فصرعوا من أعدائهم خمسة وثلاثين ألفاً وسقط نكانور قتيلاً. فقطعوا رأس نكانور وأخذها يهوذا مع يده وكتفه إلى أورشليم.

ثم قطع لسان نكانور أمام المذبح وأمر بتقطيعه وطرحه لطيور السماء. وعلق يده تجاه الهيكل وربط رأسه على القلعة. ورسم أن يكون ذلك اليوم عيداً واحتفالاً وهو اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني آذار بلسان أرام قبل يوم مردخاى بيوم واحد.

 

ثامناً: التعاليم في سفر المكابيين الثاني

  1. أثبت (أريوس) ملك الاسبرطيين في كتابه الذي أرسله إلى (أونيا) الكاهن الأعظم (1مكا 21:12) أن اليهود والاسبرطيين أخوة ومن أصل واحد ومن نسل إبراهيم.
  2. يذكر سفر المكابيين الثاني الأول أن اليهود استخدموا في حروبهم أسلحة حربية متقدمة هي القذافات (= المدافع والصواريخ) (2:6) وأيضاً الدبابات (43:13) وكذا آلات لرشق النار (= البنادق) (51:6).
  3. يشير عهد السلام الذي عم بلاد يهوذا حيث أنكسر الملك وآمن الناس وأعطت الأرض وأشجار الحقول أثمارها وباد الأشرار… يشير هذا العهد إلى السلام والفرح الأبدى الذي يكون في أورشليم السمائية حيث يسكن الله مع الناس وينهى أحزانهم ويمسح دموعهم (راجع 1مكابين 14 ورؤيا يوحنا 21، 22).
  4. يذكر سفر المكابيين الثاني الثاني في أكثر من موضع كيف أن الملائكة ورؤساء الكهنة والأنبياء المنتقلين قدموا لشعب الله المعونة والمساعدة، مما يؤكد حقيقة اقتدار الشفاعة التوسلية.
  5. يذكر (2 مكابين 12) كيف أن عقيدة الكنيسة في الصلاة على المنتقلين من المؤمنين وتقديم الذبيحة في القداسات عنهم، عقيدة قديمة مورست أيام المكابين في العهد القديم (راجع أيضاً طوبيا 18:4).

 

تاسعاً: سفر مكابيين الثاني والعهد الجديد

راجع المقدمة في القسم الأول من البحث

 

عاشراً: سفر المكابيين ونبوءات دانيال

يشير دانيال النبى إلى الحروب التى قامت بين حلفاء الإسكندر من البطالمة (فى مصر) والسلوقيين في سوريا.

 

أنطيوخس الرابع يحارب بطليموس مصر:

” في ذلك الزمان كان أنطيوخس يستعد لغزو مصر ثانية ” (2مكا 1:5).

فلما بلغت الملك هذه الأحداث استنتج أن اليهودية انتفضت عليه فغادر مصر ثائراً كالنمر وأخذ المدينة عنوة… ” (2 مكا 11:5).

” فيأتى ملك الشمال ويقيم مترسة ويأخذ المدينة الحصينة فلا تقوم أمامه ذراعاً الجنوب ولا قومه المنتخب ولا تكون له قوة للمقاومة، والأتى عليه يفعل كإرادته وليس من يقف أمامه ويقوم في الأرض البهية وهي بالتمام في يده ” (دا 15:11-16).

 

هليودورس مندوب سلوقس الرابع يحاول نهب الهيكل:

“… فاختار الملك (سلوقس الرابع) هليودورس… وامره بجلب الأموال المذكورة… وحضر هناك مع شرطة عند الخزانة فتجلّى روح الأرواح وكل سلطان تجلياً عظيماً، حتى أن جميع الذين اجتراوا على الدخول صرعتهم قدره الله ” (2مكا 7:3-24).

” فيقوم مكانه من يعبر جابى الجزية في فخر المملكة وفى أيام قليلة ينكس لا بغضب ولا بحرب ” (دا 20:11).

 

أنطيوخس أبيفانيوس يملك عوض لوقس الرابع:

” وحيث أنه بعد أن فارق سلوقس الحياة، وحصل أنطيوخس المقلب بأبيفانيوس على الملك… (2 مكا 7:4).

” فيقوم مكانه محتقر لم يجعلوا عليه فخر المملكة ويأتى بغتة ويمسك المملكة بالتملقات ” (دا 21:11).

 

أستشهد حونيا (أونيا) رئيس الكهنة وأغتصاب منلاوس لرتبة الكهنوت:

“… فخلا منلاوس بأندرونكس وأغراه أن يقتل أونيا (حونيا)… ثم أغتاله من ساعته… فتأسف أنطيوخس ورق شفقة وبكى على حكمة ذلك المفقود وشدة أعتاله ” (2 مكا 34:4-37).

” فأخذ منلاوس توصيات بنفسه إلى الملك وأبهره بمظاهر سلطانه وحوّل الكهنوت الأعظم إلى نفسه… ولم يكن على شئ مما يليق بالكهنوت ” (2 مكا 24:4-25).

” فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع وأثنان وستون أسبوعاً… ” (دا 25:9).

” وأذرع الجارف تجرف من قدامه وتنكسر وكذلك رئيس العهد ” (دا 22:11).

وبعد اثنين وستين أسبوعاً يقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة وإلى النهاية حرب وخرب قضى بها: (دا 26:9).

 

وإشارة إلى تعاظم أنطيوخس أبيفانيوس وتشامخ قلبه:

” فأصبح بعدما خُيّل له بزهوه الذي لم يبلغ إليه إنسان، أنه يحكم على أمواج البحر ويجعل قمم الجبال في كفة الميزان. أصبح مصروعاً على الأرض محمولاً في محفَة ليكون شهادة للجميع بقدرة الله ” (2 مكا 8:8).

” ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظّم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضى به يُجرى ” (دا 36:11).

 

 

يضاف إلى كل ما سبق أن قوة الإيمان التى مُهبت الشهداء المكابيين الشجاعة في مواجهة التعذيب والموت، يشاركهم فيها دانيال النبى ورفقاؤه الثلاثة، وذلك في رفضهم للوثنية (2مكا 10:6 – 42:7، 37:14-46) وكذلك في إيمانهم بالقيامة (دا 35:11، 2:12 * وفى كل من سفر دانيال وسفر المكابيين الثاني) على وجه الخصوص) نجد أن الحكام الوثنيون مضطرون للاعتراف بقوة ألوهية الرب (دا 47:2، 28:3، 34:4-37، 25:6-27: ومكابيين ثان 35:3-39، 36:8، 17:9) وأخيراً يرى بعض العلماء أن سمات الحسيدية واضحة في كل من هذه الأسفار.

 

حادى عاشر: قانونية سفر المكابيين الثاني

 

الشهادة الأولى: شهادة الترجمة السبعينية

أُدرج ضمن الترجمة السبعينية التى تمت أيام بطليموس الثاني فيلادلفوس سنة 285-247 ق. م. أى أن سفر المكابيين الثاني كان موجوداً ومعروفاً قبل هذا العصر،

الشهادة الثانية: شهادة الترجمات والمخطوطات

أُدرج ضمن كثير من الترجمات.

 

الشهادة الثالثة: شهادة اليهود

جاء في دائرة المعارف للبستانى ” أن الإسرائيليين الذين كانت لغتهم اليونانية كانوا يقرأون تلك الأسفار في اجتماعاتهم في زمان الشتات، وكانت معتبرة عندهم وكانوا يعدونها كُتبا مقدسة كالكتب العبرانية “.

 

الشهادة الرابعة: شهادة الأباء الرسل

1 ورد هذان سفر المكابيين الثانيان في القانون الخامس والخمسون من المجموعة الثانية للرسل الأطهار

2 كما يرد في كتاب المراسيم الرسولية الإشارة إلى قبول الله لذبيحة متتيا وبنيه المكابيين، من بين القرابين الكثيرة التى قدمها له الأباء.

 

الشهادة الخامسة: شهادة المجامع:

الشهادة الأولى: شهادة المجامع:

3 كما وردت في قوانين مجمع نيقية سنة 325م.

4 مجمع هيبو سنة 393م والذي ترأسه القديس أغسطينوس.

5 مجمع قرطاج الثالث سنة 397م.

6 مجمع قرطاج سنة 419م.

7 مجمع ترنت للكاثوليك في سنة 1545م.

8 مجمع القسطنطينية لليونان الأرثوذكس والذي كمل في ” ياش ” بقيادة البطريرك دوسيتاوس سنة 1672 م.

 

الشهادة السادسة: شهادة الأباء الأولون

  1. القديس كليمندس السكندرى (155 – 220 م).
  2. القديس كليمندس الرومانى (ولد 90 / 100 م).
  3. العلامة ترتليان (بدأ خدمته في سنة 197م).
  4. القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة، سيم أسقفاً سنة 248 / 249م وتنيح سنة 258م.
  5. العلامة أوريجانوس (185 – 254 م).
  6. القديس هيبوليتس (أبوليدس) الرومانى.
  7. القديس هيلارى (إيلاريون) أسقف بواتييه.
  8. القديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية (329 – 379 م).
  9. القديس غريغوريوس النزينزى (ولد في كبادوكية سنة 329 م).
  10. القديس أثناسيوس الرسولى (296 – 373 م).
  11. القديس كيرلس الأورشليمى (315 – 387 م).
  12. القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (340 – 397 م).
  13. القديس أغسطينوس أشهر آباء الكنيسة اللاتينية (354 – 430 م).
  14. القديس يوحنا فم الذهب (تنيح سنة 407م).
  15. القديس مار أفرام السريانى (تنيح سنة 373م).
  16. القديس إيرونيموس (جيروم) ولد في دلماطية سنة 350م.
  17. القديس يوحنا كاسيان (350/360 440/450م).
  18. الأب أفراهات السريانى (القرن السابع) ويلقب بالحكيم الفارسى.
  19. القديس يوحنا الدمشقى (تنيح سنة 754م).
  20. الشهيد فيكتوريانوس أسقف ” بيتاو ” في النمسا (تنيح سنة 30م).

 

الشهادة السابعة: شهادة البروتستانت

1 قد ورد في كتاب ” نظام التعليم في علم اللاهوت القديم ” للبروتستانت: ” ولما كانت شهادة الكنيسة ذات قيمة لأنها شهادة الجماعة التى نالت الوعد الإلهى بالروح القدس الذي هو نفسه أوحى بالأسفار المقدسة، كانت كنيسة الجيل الرسولى أقدر من غيره على تحقيق الأسفار القانونية “.

2 ورد أيضاً في ” كتاب ذخيرة الألباب في بيان الكتاب ” للبروتستانت: ” زعم اليهود أن أئمتهم عقدوا مجمعاً في عهد عزرا وجمعوا الأسفار العبرانية في قانون متعارف عليه عندهم اليوم، وضموا إليه ما لم يكن فيه قبل الجلاء (السبى) لاسيما نبوة حزقيال وحجى وسفرا عزرا ونحميا، وأما الكنيسة المسيحية فأضافت إلى قانون اليهود المدعى الأسفار التى كُتبت بعدها ولم يمكنهم ومن ثم أن يثبتوها فيه ومنها سفر الحكمة وسفر يشوع بن سيراخ

وسفرى المكابيين، ثم أثبتت ما بقى من الأسفار بعد أيام بعد أن عثرت على الحجج المؤيدة قانونيتها، وحسم الأمر بعد أن قررت الكنيسة قانونية تلك الأسفار، فلم يعد فرق بيت الأسفار الأولى والثانية من جهة صحة الوحي وقوة الشهادة، وتأخر الكنيسة في تقرير قانونية هذه الأسفار لا يضر شيئاً من جهة اعتبارها وإنما يزيدها قوة وتأييداً بحيث لم تقررها إلا بعد التحقق والإمعان للنظر والتروى في شأنها وتدبر البيانات على قانونيتها.

 

الشهادة الثامنة: شهادة قوانين الكنيسة

  1. وقد ذُكرت في قوانين الشيخ بن العسال في كتابه أصول الدين.
  2. كتاب الشيخ الصفى ابن العسال (القوانين).
  3. ذكرها كذلك القس شمس الرياسة في كتاب (مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة).

 

ثانى عشر: أهم الاعتراضات والرد عليها

 

الاعتراض الأول

يعترض البعض على سفر المكابيين الثاني باعتباره تتمة للسفر الأول.

الرد:

حتَى وأن كان هذا صحيحاً فما المانع، ولقد حدث ذلك في سفرى صموئيل والملوك. ولكن سفر المكابيين الثاني ليس تكملة للسفر الأول ولا حتى ملخَص له، وإنما هو سفر مستقل، وكما يقول عنه ” مارتن لوثر ” أنه سفر ثان عن كفاح المكابيين، ذلك أن مضمون سفر المكابيين الثاني يتناول حقبة معينة وهى: (175 – 161 ق. م. )

وهي توافق قسماً من سفر المكابيين الأول وقد ثار جدل كبير بين العلماء حول إن كان سفر المكابيين الثاني يعتد به كوثيقة تاريخية، وقد أكد العالم ” نيس ” مصداقية سفر المكابيين الثاني في هذا الشأن وأثبت أنه أقدم من سفر المكابيين الأول وذلك من خلال دراسة كبيرة شيقة.

 

الاعتراض الثاني

شكَك العلماء في وجود شخص اسمه ياسون القيرينى أصلاً، والذي يُفترض أنه كتب أحداث خمسة عشر عاماً في خمسة كتب، ويرون أن ياسون هذا أو الذي لخَص عنه، قد لخصَ سفر المكابيين الأول مع التغيير والحذف والإضافة.

الرد:

ما دمنا قد اثبتنا أن سفر المكابيين الثاني حقيقى وقانونى، فلنأخذ بما ورد فيه عن أن الملخص قد أخذ عن ياسون القيرينى، والمطالع للسفر يكتشف أن كاتب مكابيين الثاني وكذلك الملخص عنه، لم يطلَعا على سفر المكابيين الأول، وسنورد في نهاية مدخل الكتاب مقارنة بين محتويات سفر المكابيين الثانيين، فسفر المكابيين الأول يتناول فترة جهاد المكابيين حَتى تولَى خركانوس بن سمعان، بينما الثاني يركز على دور يهوذا المكابى فقط فكيف يكون ملخصاً للسفر الأول؟. ويؤكد كل من العالم ” كوسترز ” و” مونتيه ” على أن كاتب مكابيين الثاني لم يكن على دراية بسفر المكابيين الأول.

 

الاعتراض الثالث

ناك مفارقة تاريخية، إذ يُذكر مقتل ” طيموثاؤس العمونى ” في (2 مكا 37:1) نقرأ في (2 مكا 2:12-25) أنه اشترك في معركة أخرى، ويذكر، كذلك أن ” متتيا ” هو الذي جمع اليهود وأعدّهم للمقاومة ضد السلوقيين (1 مكا 1:2 – 70) بينما ينسب سفر المكابيين الثاني ذلك إلى يهوذا ابنه (2مكا 1:8-7) وكذلك يأتى تطهير الهيكل بعد ثلاث سنوات من تدنيسه (1مكا 57:1، 52:4) بينما في المكابيين الثاني تمّ ذلك بعد سنتين فقط (2مكا 3:10) فلما هذا التناقض؟

الرد:

ألحق يهوذا المكابى عدة هزائم بطيموتاؤس (1مكا6:5، 7، 34 و2مكا3:9 و24:10 و2:12، 18، 19) وذلك خلال الفترة ما بين (165 163ق. م) أما قتله في ” جازر ” فربما كانت إصابة لم تُقضى إلى قتله (2مكا27:10) فواصل هجماته بعد ذلك، قبل أن يقع في أيدى رجال يهوذا حيث أستعطفهم ليتركونه وإلا أهلك من بحوزته من اليهود (2مكا24:12) ومع ذلك فقد رأى بعض العلماء أن هناك طيموتاؤس آخر غير الأول، وهو المذكور في (2مكا2:12 وما يليه).

وأما بخصوص تاريخ تطهير الهيكل فقد يؤرخ أحياناً بحسب تاريخ اليونان بدءاً من شهر سبتمبر (أيلول) وأحياناً أخرى بحسب التأريخ الذي يبدأ بشهر إبريل (نيسان).

 

الاعتراض الرابع

ذكر في (2مكا18:1) أن نحميا أعاد بناء الهيكل والمذبح، في حين أن الذي قام بهذا العمل هو زربابل قبل نحميا بقرن من الزمان (عزرا 3:3 و15:6) أما عمل نحميا فكان ترميم الأسوار والأبواب (نح1:3-32 و1:6 و1:7) فكيف ذلك؟

الرد:

ُنسب هذا العمل إلى نحميا كعمل إضافى تجديدى بخلاف ذلك المنسوب إلى زربابل ويُحتمل أن يكون ذلك (إصلاحات نحميا) قد حدث وأُودع التقليد المتوارث، حيث يرد ذلك في بعض الكتابات غير القانونية.

 

الاعتراض الخامس

قصة ظهور الفرس وعليه راكب مخيف يضرب هليودورس بحوافره (2مكا24:3-34) وكذلك الفارس الذي ظهر في (8:11) ووصف استشهاد ألعازر والشهداء السبعة مع أمهم (2مكا18:6-31 و1:7-41) تبدو وكأنها أساطير!!

الرد:

مثل هذه العجائب كثيراً ما وردت في الكتاب المقدس، مثل إيليا النبى الذي صعد إلى السماء في مركبة نارية (12:2) والملاك الذي ضرب من جيش سنحاريب 185 ألفاً (2مل35:19)، وأعداء اليهود الذين هُزموا بسبب ” كرات البرد ” الضخمة التى نزلت عليهم من السماء (يش11:10)، وكذلك الكثير من الرؤى والمعجزات، وبالتالى فلا نستغرب أن يحدث مثل ذلك في سفر المكابيين الثاني.

 

الاعتراض السادس

توجد بسفر المكابيين الثاني خمس وقفات تقطع التسلسل المنطقى للسرد وهي (40:3 و42:7 و9:10 و26:13 و37:15) بينما القطع الوحيد المشروع هو الفقرة القصيرة العرضية في (12:6-17) والتى تتعلق بعقيدة الثواب والعقاب.

الرد:

تتسم الخطوط العريضة للسفر بوحدة الشعور الدينى أكثر من إتباع التسلسل التاريخى، بينما تعكس الخاتمة في (37:15-39) أصداء المقدمة والتى هي عبارة عن رسالتين يعقبهما استهلال صغير (19:2-32) وليس بالضرورة أن يكون سفر المكابيين الثاني عبارة عن رواية طويلة، أو كمية من النبوات مرتبة ترتيباً في شكل وثائق.

 

الاعتراض السابع

جود الرسالتين في مقدمة سفر المكابيين الثاني (1:1 18:2) يبدو وكأنهما جزءاً مضافاً إلى سفر المكابيين الثاني في وقت لاحق وبالتالى فهما ليسا جزءاً أصيلاً من سفر المكابيين الثاني.

الرد:

وجود الرسالتين هو من أجل إبراز المغزى التاريخى والدينى لعيد تجديد الهيكل، وتعتبر كلتا الرسالتان نموذجان لفن كتابة الرسائل في الأسكندرية في ذلك الوقت، والذي (أى فن الرسائل) كان مولعاً بتقديم مثل هذه الوثائق بقصد التهذيب، راجع (9:1، 18أ و16:2) وقد وضعهما الملخص بما يناسب مع عمله، دون الالتزام بالترتيب الزمنى الذي يتمشى مع سرد الأحداث.

 

الاعتراض الثامن

كيف يوضع يهوذا المكابى في لائحة الشرف مع العظماء الذين تعاقبوا بعد ” موسى وسليمان وأرميا ونحميا “؟ (10:1ب).

الرد:

هناك عدة أوجه شبه بلا شك ما بين يهوذا المكابى وكل من الشخصيات المذكورة، فهو جامع أسفار مثل نحميا (2مكا14:2) وهو الذي أعاد للأمة وحدتها ولم شمل اليهود، ولكن الاهتمام الرئيسى به موجه لتطهيره الهيكل، ومن الناحيتين نجد أنه عمل ك ” نحميا ” وأما من جهة إشعاله للنار المقدسة على المذبح، فهو يسير في تقليد موسى وسليمان وأرميا.

 

الاعتراض التاسع

قصص الشهداء في الإصحاحين السادس والسابع، رويت بتفاصيل مروعة، وأُلبست طابعاً أسطورياً، أحاطه الكاتب بهالة من القداسة وقام بتجميلها باستخدام لغة طنانة، مما أخل باللغة الأدبية للسفر، بما يتنافى مع الذوق الحديث فما تفسير ذلك؟

الرد:

القارئ بتمعن لهذه القصص، سيلمس أية آلام مبرحة عاناها هؤلاء الشهداء الأبرار بالفعل والتى تقشعر لها الأبدان، ولم يكن الكاتب مدفوعاً بالرغبة في الإثارة قدر رغبته في محاولة نقل الصورة للقارئ وكأنه يراها. هذا وقد تأثر برواية استشهادهم هذه منذ البداية، مما حملهم على الاحتفال بهم ك ” شهداء مسيحيون “.

 

الاعتراض العاشر

يرد في (2مكا37:14-46) أنه الشيخ ” رازيس ” لما رأى أنه سيقع في أيدى الجنود الوثنيين: قتل نفسه، فهل بهذا يُجيز سفر المكابيين الثاني الانتحار؟

الرد:

كانت إسرائيل في حالة حرب، وفى أوقات الحروب يجوز اللجوء إلى كافة السبل، مثل القتل والخداع، فكثيراً ما يقوم الجنود بقتل أنفسهم عندما يخشون الاضطرار إلى الإدلاء بأسرار جيوشهم وبلادهم، متى وقعوا في الأسر، وهكذا خشى الشيخ ” رازيس ” من أن يهينه الوثنيون إن هم بطشوا به بعد القبض عليه، وبهذا الدافع قتل نفسه، كما خشى أيضاً أن تضعف قلوب الكثيرين من الشبان والأطفال متى رأوا الأعداء يمثلون به.

ويجب ألا ننسى الشجاعة الفائقة التى حملته على فعل ذلك وهو رجل عجوز ” واختار أن يموت بكرامة ولا يعير في أيدى المجرمين ويُشتم بما لا يليق بأصله الكريم… فأخرج أمعاءه وحملها بيديه وطرحها… ودعا رب الجنود أن يردهما إليه وهكذا فارق الحياة (2مكا46:14)، وقد حدث أن طلب ” شاول ” من حامل سلاحه أن يقتله (1صم31) كما طلب ” أبيمالك ” من غلامه أن يقتله لئلا يقال أن امرأة قتلته (قض54:9).

يضاف إلى ذلك أن الانتحار والذي يقصده المعترض: يأتى نتيجة للقنوط واليأس، وهو ما يحرمه الكتاب المقدس والكنيسة، بينما أن شخصاً مثل ألعازر هو رجل شجاع محب لوطنه، محمود (جيد) السمعة يسمى: ” أبو اليهود ” (2مكا37:14) وقد بذلك نفسه وجسده في سبيل الشريعة (2مكا38:14) ويقول الكتاب عنه أنه ” اختار أن يموت بكرامة ” (44:14) ولا ننسى أن ” شمشون ” والذي هدم المعبد الوثنى فوقه ومن معه بالداخل: امتدحه القديس بولس ضمن سحابة الشهود في (عب11).

 

الاعتراض الحادى عشر

كيف يكون سفراً موحى به من الله، وكاتبه يقول في نهايته ” فإن كنت قد أحسنت التأليف وأصبت الغرض، فذك ما كنت أتمنى، وإن كان قد لحقنى الوهن والتقصير فإنى قد بذلت وسعى ” (2مكا39:15).

الرد:

يجب ألا نتجاهل الجانب البشرى في تدوين الأسفار المقدسة، فإن قوله هذا لا يعنى أنه قدم عملاً بشرياً من عندياته، وإنما الحديث هنا عن الصياغة والأسلوب فقط، في حين يتفق جميع ما ورد فيه مع روح وفكر الكتاب المقدس كله، وقد ورد شئ مشابه لذلك في العهد الجديد، عندما قال معلمنا بولس الرسول: ” وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضى أن تسكن معه فلا يتركها ” (1كو12:7) فهل يعنى ذلك ألا نقبل ما قاله؟!

وفى مكان آخر يقول: ” وأظن أنى أنا أيضاً عندى روح الله ” (1كو40:7) كذلك يكتب القديس بطرس الرسول قائلاً ” بيد سلوانس الأخ الأمين كما أظن كتبت إليكم بكلمات قليلة واعظاً وشاهداً أن هذه هي نعمة الله الحقيقية التى فيها تقومون (1بط12:5) فهل كان غير متيقن مما كتبه؟!

 

الاعتراض الثاني عشر

يعترض البعض على ما ورد في سفر المكابيين الثاني الأول من أن اليهود استخدموا في حروبهم ضد الوثنيين أسلحه حربية متقدمة هي القذافات (= المدافع والصواريخ) والدبابات وآلات لرشق النار (= البنادق) 1 مكا 20:6، 15، 43:13 فكيف يعقل أن ما نستخدمه الآن من أسلحة كان يستخدمه اليهود قديماً في العصور السحيقة؟

الرد:

ونقول إن التقدم العلمى والحربى الذي وصلت إليه الدول في العصر الحالى لا ينفى أن يكون هناك تقدم مثله في الدول الغارقة في القدم. فالحضارة معروفة من قديم عند المصريين والأغريق والفينيقيين وغيرهم. بل إن بعض ما تقدم فيه الأقدمون من علوم كالتحنيط وغيره لم تكتشف أسراره حتى الآن. ولذا لا يستبعد أن يكون الأقدمون قد استخدموا أسلحة مثلما ذكر سفر المكابيين الثاني. كما لا يستبعد أنهم استخدموا هذه الأسلحة بطريقة بدائية تختلف عن طريقتنا.

 

الاعتراض الثالث عشر

كيف نصدق ما ورد في سفر المكابيين الثاني الثاني في أكثر من موضع أن الملائكة ورؤساء الكهنة والأنبياء المنتقلين يظهرون ويقدمون لشعب الله المعونة والمساعدة أثناء حروبهم، إلا إذا كان الأرثوذكس والكاثوليك يهمهم إدراج سفر المكابيين الثانيين ضمن الأسفار الموحى بها لاثبات حقيقة واقتدار الشفاعة التوسلية كعقيدة؟

الرد:

يخطأ من يقول أن الأرثوذكس والكاثوليك تعمدوا اعتبار هذين سفر المكابيين الثانيين من الأسفار القانونية الموحى بها لكي يثبتوا حقيقة واقتدار عقيدة الشفاعة التى لا يؤمن بها البروتستانت. فإن البروتستانت أنفسهم يشهدون لهذين سفر المكابيين الثانيين.

وقد قال أحدهم (القس جورج خورى راعى الكنيسة الانجيلية بطرابلس لبنان قاموس الكتاب المقدس طبعة بيروت 1964 ص912) قال (إن المؤلف تحرى الحق في كتابته… أنه ثقة يعتمد عليه فيما يقوله عن الأمور اليهودية) هذا فضلاً عن أن موضع الشفاعة لم يرد فقط في المكابيين بل في أسفار أخرى في الكتاب المقدس يعترف بها البروتستانت (أنظر تك 7:20، 2:26-5، 1مل 12:11، 13، 34، أي 1:5، 8:42، زك 12:1، مت 32:22، لو 38:20، يو 3:2-5، رؤ 3:8).

 

الاعتراض الرابع عشر

يقولون أن في سفرى المكابيين ثلاث روايات مختلفة عن موت أنطيوكس:

الرد:

نحن نقول أن الروايتين المذكورة إحداهما في 1مكا 1:6-16 والثانية في 2مكا 9 متفقتان في أن أنطيوكس أصيب في بلاد فارس بألم مفاجئ. أما الأختلاف في ذكر المدينة التى مات فيها تارة باسم (ألمايس) وأخرى باسم (برسابوليس) فجائز لأنه من المرجح أن يكون لهذه المدينة اسمان لا اسم واحد.

أما الرواية عن موت أنطيوكس الواردة في 2مكا 13:1-17 فهى مكتوبة بلسان اليهود ولا شك أنهم بالغوا في تصوير كيفية قتله الأمر الذي جعل كاتب سفر المكابيين الثاني يورد رسالتهم دون أن يغير أو يبدل فيها بسبب أمانته.

 

الاعتراض الخامس عشر

يقول البعض أن ما ورد في (2مكا 37:14-46) من انتحار (رازيس) اليهودى الذي ألقى بنفسه من فوق السور فوق الجنود فانفرجوا لحينهم وسقط في وسط الفرجة ولما نزف دمه أخرج أمعاءه وحملها بيديه وطرحها على الجند، في هذا ما يحمل معنى جواز الانتحار، فكيف يشجع سفر موحى به أن ينتحر الإنسان؟

الرد:

نجيب أن الرواية التى ذكرت في سفر المكابيين الثاني عن انتحار (رازيس) لا تحمل معنى جواز الانتحار في شئ. فسفر المكابيين الثاني يسرد القصة على علاتها ويورد الباعث الذي دفع الرجل على الانتحار. لكن كاتب سفر المكابيين الثاني لم يمتدح الرجل المنتحر ولم يطرى معنى له.

وما ذكره سفر المكابيين الثاني عن حادثة انتحار (رازيس) لا يختلف في شئ عما ذكره سفر صموئيل الأول عن حادثة انتحار شاول الملك (1صم 4:31)

 

المراجع:

1 مدخل إلى سفرى المكابيين إعداد راهب من دير البراموس

2 مقدمات في أسفار الكتاب المقدس كنيسة مارجرجس سبورتنج

3 مكابيين الثاني القمص / بيشوى عبد المسيح

4 جغرافية الكتاب المقدس عهد قديم القمص / ميخائيل فهمى

 

إقرأ أيضًا:

قانونية الأسفار القانونية الثانية

المقدمة والفهرس – الأسفار القانونية الثانية Arabic Deuterocanon

ما هي الأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الأول

نظرة البروتستانت للاسفار القانونية – الفصل الثاني

لماذا لا يؤمن البروتستانت بالأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الثالث

الرد على اعتراضات البروتستانت على الأسفار القانونية الثانية – الفصل الرابع

سفر طوبيا (طوبيت) – بحث شامل عن سفر طوبيا (طوبيت) وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة استير – بحث شامل عن تتمة استير   وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يشوع بن سيراخ – بحث شامل عن سفر يشوع بن سيراخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر حكمة سليمان – بحث شامل عن سفر حكمة سليمان وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه