أبحاث

النبوة الثانية – العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1

النبوة الثانية - العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1

النبوة الثانية – العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1

النبوة الثانية - العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1
النبوة الثانية – العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1

الجزء الثاني : العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج2

النبوة الثانية لبلعام

1ـ في العظة السابقة حاولنا بقدر الإمكان شرح الجزء الأول من نبوة بلعام ونبدأ الآن شرح الجزء الثاني حتى نفسر ما يرد فيها من أفكار حسب طاقتنا وبإلهام الرب لنا.

 

الحالات: الظروف والملابسات

أصيب الملك بالاق بالفزع من الكلمات غير المتوقعة التي سمعها من بلعام. إنه سمع بركات بدلاً من لعنات فلم يحتمل واعترض قائلاً « ماذا فعلت بي؟ لتشتم أعدائي أخذتك وها أنت قد باركتهم » (عد1:23)، هذا الملك السيئ لم يتحمل عذوبة البركات فهو يبحث عن اللعنات ويطلبها. إنه ينتسب لتلك التي قال عنها « ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية » (تك 3: 14).

ماذا يجيبه بلعام ” الذي وضع الله كلام في فمه “، قال « أما الذي يضعه الرب في فمي أحترص أن أتكلم به » (عد23: 12) اعتقد بالاق بأن بلعام أرتعب من عدد شعب إسرائيل وأنه ليس عنده شجاعة، ولهذا السبب افتكر بأن يغير المكان حتى ينجح في مسعاه وقال له «هلم معي إلى مكان آخر تراه منه وإنما ترى أقصاءه فقط وكله لا ترى فإلعنه لي من هناك » (عد23: 13). يا له من أحمق!! إعتقد بأن نعمة الإسرائيليين يمكن أن تختفي بواسطة عائق موضعي ولا يعرف أن « المدينة الموضوعة على جبل لا يمكن أن تختفي » (مت3: 14). « فأخذه إلى حقل صوفيم إلى رأس الفسجة وبنى سبع مذابح وأصعد ثورًا وكبشًا على كل مذبح وقال لبالاق: قف هنا عند محرقتك وأنا أوافي هناك. فوافي الرب بلعام ووضع كلامًا في فمه وقال بلعام: إن الله هو الذي يتكلم … وأنه قال أرجع إلى الأرض وتكلم هكذا … لكن هو .. اسمعوا لبالاق كان واقفًا عند محرقته ورؤساء موآب معه فقال له بالاق: ماذا تكلم به الرب »؟ (انظر عد14:23ـ17). العرافة تعمل بواسطة ذبائح دنسة، وتبحث بأن يحصل إتصال بالسحر لكن الله يريد بأنه « حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا » (رو5: 20). فالله يتكرم بوجوده ولا يلتفت إلى هذه الطقوس المقامة حسب ضلال الوثنيين وليس حسب الطقس الإسرائيلي. أنه لا يتجلى مع ذلك في الذبائح لكن يحضر للذي يأتي أمامه.إنه يعلّم كلامه ويعلن أسراره المستقبلة بواسطة من يتمتع أكثر بثقة وإعجاب الوثنيين حتى إن الذين لا يريدون أن يصدقوا أنبيائنا، يصدقون سحرتهم وعرّافيهم.

 

النص

2ـ فنطق بمثله وقال ـ بلعام يقول إذا بمثل « قم يا بالاق اسمع … إصغ إلىَّ يا ابن صفور .. ليس الله إنسانًا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟ أني قد أُمرت بأن أبارك. فإنه قد بارك فلا أرده، لم يبصر إثمًا في يعقوب ولا رأى تعبًا في إسرائيل. الرب إلهه معه وهتاف ملك فيه، الله أخرجه من مصر، له مثل سرعة الرئم. إنه ليس عيافه على يعقوب ولا عرافه على إسرائيل … ما فعل الله. هوذا شعب يقدم كلبوة ويرتفع كأسد، لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى » (انظر عد23: 18ـ 24).

 

“ينهض” من عبادة الأوثان

هذا هو مضمون النبوة الثانية لبلعام. فلنفحص أولاً الكلام: « قم يا بالاق » (عد23: 18). إنه يدعوه أن ينهض، رجل سبق أن قيل عنه إنه “كان واقفًا”. هذه الكلمة من النبوة لا يجب أن تُهمل إذا ما قيلت بأنه “واقف عند محرقته”. هذا يعني بأن نيته كانت غير مستقيمة. إنه كان واقفًا مع الأصنام، أنه كان يعادي الله فليس من الأفضل أن يقف بل أن يقع. وقد وقع فعلاً. ولهذا السبب بلعام يأمره بلغة النبوة بأن “ينهض”، أنه وقع بالعمل الوحيد بأن كان واقفًا في معبد الأصنام، فأمره في هذه الحالة بأن “ينهض” بشجاعة بأن “ينهض بإيمان”، وأن يصبح شاهدًا، “شاهدًا” للإيمان إذا إهتدى، “شاهد” لإدانته إذا ثبت في عدم الإيمان.

 

صدق الله

3ـ لكن لنرَ ما تحتويه هذه الرسالة « ليس الله إنسانًا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم » (عد23: 19)، حيث إن كثير من الحوادث والرذائل تمنع الإنسان من أن يقول الحقيقة عندما يتكلم. تارة يتكلمون تحت تأثير الغضب، تارة بتأثير الخوف وبتأثير الكبرياء وشهوات أخرى مماثلة. كل ما يقال تحت سلطان الرذيلة لا يكون إلا كذبًا وباطلاً. ولكن في الرب، لا يوجد شهوات ولا يوجد طيش، وكل كلماته تهتم بما يستحقه كل كائن مسئول. لهذا السبب لا يستطيع أن يكذب، حيث كل ما يقول بإدراك لا يمكن أن يكون مخالفًا للصواب، إذ ليس الله كالإنسان الذي يتكلم بالباطل ولا ابن إنسان فيندم (يخاف)  أو بصورة أخرى ” أنه لا يخاف مثل ابن إنسان “. أحيانًا الخوف يغير رأي الإنسان، لكن الله الذي هو فوق الكل من ماذا يخاف حتى يتغير رأيه؟

ومن الجزء الثاني من الآية نأخذ الدرس الذي سبق أن قلناه ” وأنه لا يخاف كابن إنسان “. هذا يشير إلى الرجال الذين بكبريائهم يسببون الخوف ويهددون أناسًا دون أن يضروهم، أما الله فبالعكس لا يخيف الإنسان كأنه لا يستطيع أن يعاقبه. وإن كان يسبب خوفًا فهو خوف معقول. هذا لكي يبكت الإنسان ببعض التجارب حتى متى خاف بالتهديد، يتهذب المذنب بما تسببه له أعماله السيئة. إذًا الله لا يسبب الخوف مثل الإنسان. والإنسان كما قلنا يسبب الخوف بسبب كبريائهن بينما خوف الله سببه رغبته في إصلاح الإنسان.

 

مقاصد الله الثابتة

4ـ ثم يقول بلعام: ” هل هو يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟” يجب أن ندرك هنا أنه يطلب بصيغة السؤال: هو ـ يعني الله ـ ألا يعمل إذًا ما يقوله، إلا يفي بكلامه؟ الإنسان لا يعمل ما يقوله. وبسبب عدم ثبات الإنسان لا يفي بكلامه حيث إن الإنسان مُتقلب، أما الله فلا تغيير فيه ولا ظل دوران.

 

يونان، داود: اعتراض

       نستطيع أن نعترض: كيف أن الله لم يفِ بكلامه، بأن « نينوى ستهلك كلها بعد ثلاثة أيام » (يون3: 4). ولا بكلامه المنطوق لداود، في خلال ثلاث أيام الموت سيكون على شعبك، وهذا لم يستمر إلا يومًا واحدًا، حتى ساعة العشاء (انظر 2صم13: 25).

 

الإجابة: هي عبارة عن سؤال

نستطيع أن نجيب بأن هذه الجملة كانت في صورة سؤال، لا يمكن أن تؤخذ كأنها تأكيد صريح بأنه ستكون هي طريقة للتعبير عن الكلمة، ولا يكون لها لفظ لقصد أكيد ومحتوم بالطريقة ” التي بها يقول، ولا يفعل؟ ” فهذا تعبير أبسط من التعبير ” سيفعل بكل تأكيد “.

 

حالة يونان

لكن لنرَ مرة أخرى النصوص نفسها في الكتاب المقدس، سواء في سفر يونان، أو في سفر الملوك، ربما الكتب الإلهية تحمل كالعادة أسرارًا إذ أنه مكتوب في سفر يونان « وصار قول الرب إلى يونان بن إمتاى قائلاً: قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ونادٍ عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي » (يون1: 1ـ 2؛ 2: 11)، وبعد ما قذف الحوت يونان إلى البر حسب الأمر الذي أُعطى له، كما إنه مكتوب أيضًا   « ثم صار قول الرب إلى يونان ثانية قائلاً: قم اذهب نينوى المدينة العظيمة، ونادِ عليها المناداة التي أنا مكلمك بها » (يون 3: 1ـ 2).

ويونان “نادي” وقال “بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى، فآمن أهل نينوى بالله. ونادوا بصوم ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبعد قليل: لما رأى الله أعمالهم وأنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة.   « ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه ». يونان قد دخل المدينة التي هي مسيرة ثلاثة أيام، وهو الذي يقول: بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى بطريقة أن الكلمة المنطوقة وغير المكتملة تبدو من فعل يونان وليس من الله.

 

في حالة داود

فلنعرض أيضًا نص الكتاب، حيث بعد التعداد المعمول بواسطة داود، كان كلام الرب إلى جاد النبي، الرائي قائلاً: « اذهب وقل لداود هكذا قال الرب، ثلاثة أنا عارض عليك فأختر لنفسك واحدًا منها، فأفعله بك فأتي جاد إلى داود وأخبره قائلاً: أتأتي عليك سبع سني جوع في أرضك، أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك أم يكون ثلاثة أيام وبأ في أرضك. فالآن انظر واعرف ماذا أرد جوابًا على مرسلي. فقال داود لجاد قد ضاق بي الأمر جدًا فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان. فجعل الرب وبأ في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف رجل وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها فندم الرب على الشر وقال للملاك المهلك كفى. الآن رد يدك » (2صم 24: 11ـ 16).

 

 

كلام النبي وكلام الله:

لاحظ أيضًا في هذه التهديدات الثلاثة، نجد أيضًا أن الله قد تكلم عن الموت لمدة ثلاثة أيام. هذا الإعلان موجود في كلمات جاد وليس في أوامر الرب. إذًا الكلمات المنطوقة من النبي لا تؤخذ دائمًا على أنها كلمات الله.

موسى كمثال، إجتهد كثيرًا لينقل كلام الرب على لسانه لكنه أعطى أيضًا عددًا من الأوامر الصادرة منه شخصيًا. الرب قد أوضح هذا التمييز في الأناجيل عندما سُئل عن طلاق المرأة، يقول: « موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هكذا » (مت 19: 8) فالذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى، وباركهما قائلاً: « من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا » (مت19: 4ـ 5)، ويضيف:  « إذًا فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان » (تك5: 2). نرى من هذا النص أن الله لم يأمر ولم يُرد الطلاق، ولكن موسى ” من أجل قساوة قلوب اليهود “، قد كتب بأنه « يعطي كتاب بالطلاق » (1كو7: 10). وأكد بولس هذا التمييز في رسالة عن بعض المواضيع بقوله: « فأوصيهم لا أنا بل الرب » (1كو7: 19). وأيضًا « الذي أتكلم به بحسب الرب » (1كو7: 25؛ 2كو11: 17). أيضًا بنفس الطريقة في الأنبياء الآخرين يوجد كلمات من الرب وليس من النبي، وبالعكس يوجد كلمات من النبي وليس من الرب. بهذا يبدو أن الاعتراض قد وجد حلاً. فالرب لا يرجع في كلامه ولكنه يصحح كلام الأنبياء إلى الأحسن.

 

أحيانًا يغير الله مقاصده:

لكن في رأييي أن الحل الأول يترابط بالحرى مع معنى الكتاب المقدس عامة وخاصة مع الكلمات التي أعلنها الرب “طويل الأناة وكثير الرحمة” الذي ” يندم على الشر”. ولكن بالأخص في كل حالات ارميا الذي يرينا بوضوح كثرة رحمته وفي لطفه غير المدرك، “الله يقول ولا يفعل، يتكلم ولا يتمادي”. أنه يقول على فم إرميا “أتكلم” أي بطريقة متقطعة « على أمة وعلى مملكة بالقطع والهدم والهلاك فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها فأندم على الشر الذي قصدت أن أصنعه بها. وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس فتفعل الشر في عيني فلا تسمع لصوتي فأندم على الخير الذي قلت أني أحسن إليها به » (إر18: 7ـ 10). كيف إذًا نستطيع أن نفضل شهادات بلعام المشكوك فيها على تأكيدات ارميا الصريحة، إلا لأن الإنسان المتراخي والغافل سيتمسك بالثانية. وأما الكاملون فسوف يتمسكون بالشهادات الأولى وسيجاهدون لفهم مغزاها السري العميق.

 

البركات

5ـ يكمل بلعام « أني قد أمرت أن أبارك فأنه قد بارك فلا أرده» (عد23: 20). بلعام أختير ليبارك وليس بالاق، والله هو الذي وضع كلامًا في فمه “ليبارك الشعب” و “لا يرد” هذه البركة. حقًا لا يستطيع لسان بشري أن يغير كلام الله.

 

 

 

 

لا ألم ولا تعب في الحياة الآتية

ويكمل: « لم يبصر أثمًا في يعقوب ولا تعبًا في إسرائيل » (عد23: 21)، تنبأ بكل صراحة في هذه الآية عن الحياة الآتية: من الذي يستطيع أن يعبر الحياة الحاضرة بدون ألم ولا تعب؟ لا أحد ولا حتى بطرس وبولس أيضًا. كيف لا يكون الإنسان في ألم ولا تعب عندما يضرب بالعصى ثلاث مرات، ورُجم مرة، عندما انكسرت به السفينة ثلاث مرات وعندما يكون « قضيت في العمق ليلا ونهار واحتمل آلاف الآلام والأتعاب » (أنظر 2كو11: 25)، الأخرى التي ترد في الرسائل؟ لكن كل هذا سيكون له إكليل كما كُتِبَ « ويهرب الحزن والتعب والتنهد » (إش35: 10).

مع هذا الكلام لا يخص كل إنسان، لكن هؤلاء فقط الذين باستحقاقهم يكونون يعقوب وإسرائيل. وأيضًا لعازر المسكين، هو الذي قضى حياته الحاضرة في “ألم وتعب” ولكن في الحياة الآتية، كما قيل للغني فإنه يتعزى للأبد: « يا ابني أذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزي وأنت تتعذب» (لو16: 25). إسرائيل ويعقوب واحد، هم إذًا الذين لم يلحقوا   “بالألم ولا بالتعب”. الغني هو أيضًا كان إسرائيل بحسب الجسد، حيث يقول له إبراهيم إن أخوته ” لهم الناموس والأنبياء وإنه ليس علينا إلا أن نسمعهم “. لكن لأنه ليس من إسرائيل بحسب الروح لذلك يقع في ” الألم والتعب “.

 

 

امتيازات الملوك

6ـ « الرب إلهه معه وهتاف ملك فيه » (عد23: 21). في الحقيقة الله لم يهمل إسرائيل أبدًا. ولكن أي ملك يملك على إسرائيل له هذه الامتيازات، فامتيازات الملوك القوة، السلطة، والملكوت ولكن يوجد ملوك سيعزلون أو قد عزلوا[1] فعلاً، والذين سيوضعون مكانهم على عروشهم هم الإسرائيليون الحقيقيون، كل امتيازات الملوك الذين لم يحفظوا عروشهم والذين قد تركوا المساكن الأبدية سينضمون لإسرائيل ويعقوب، المعبر عنهم بالذين قد صارعوا وانتصروا ولذلك ستمكث فيهم كل امتيازات الملوك (تك32: 34).

 

الغزال… وحدانية في المسيح

” الله أخرجه من مصر له مثل سرعة الرئم “. إسرائيل القديم أخرج من مصر الأرضية، وإسرائيل الروحي أخرج من مصر العالم “وربوبية الظلام” ومجده، مثل سرعة الغزال. الرئم هو حيوان أو اسم يشير إلى شكله وهيئته. الرئم يساوي ثور وحشي. نجد هذا الحيوان مذكورًا كثيرًا في الكتاب المقدس ولا سيما في سفر أيوب (أي39: 9)، حيث الله يظهر قدرته وقوته، هنا كما في كثير من الأماكن هو يمثل المسيح. من جهة أخرى في الكتب الإلهية نجد كثيرًا ـ قرن ـ بمعنى مملكة كما جاء في النبوة ” الأربع قرون هم الأربع ممالك ” (دا22:8). أيضًا اسم الرئم (الثور الوحشي Unicorne) ينطبق على المسيح بمعنى أن قرنه الوحيد يشير إلى مملكة وحيدة يملكها المسيح، « لأنه أخضع كل شئ تحت قديمه » (1كو15: 26ـ 27). وتحت عنوان الرئم (الثور الوحشي)، المسيح يملك المملكة الوحيدة لكل الكائنات حيث إنه مكتوب « لا يكون لملكه نهاية » (لو1: 33). إذًا إسرائيل الروحي سوف يكون له “مجد مثل الرئم”. حقًا المسيح نفسه قال في الإنجيل « ليكون الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا » (يو21:17). لذلك سيعطي لإسرائيل “مجد مماثل لمجد الرئم (الثور الوحشي) ولا سيما الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده (في 3: 21).

 

العرافة

« أنه ليس عيافة على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل في الوقت يقال عن يعقوب وعن إسرائيل ما فعل الله » (عد 23: 23). حيث أننا قد عرضنا أن ندرس بإصغاء تفاصيل النص، أنه لا يبدو مستحيل أن نبحث عن ما هي العيافة، أو العرافه المذكورة في الكتاب المقدس بأن نُظن جيدًا بأن نعمل تذكير، نحن نريد بأن لا يسقط إنسان في هذه الضلالة[2]

أنه يبدو لي بأن معرفة المستقبل هي شئ لا تعني أحدًا، هذا الشئ لا خير منه ولا شر منه. أن معرفة المستقبل ممكن أن تأتي أحيانًا من الشيطان وبواسطته ولكن عند الضرورة وعندما يريد الله، فإنه يعطي أيضًا بالأنبياء معرفة المستقبل للبشر.

أيضًا قلنا إن معرفة المستقبل لا يمكن أن نسميها خير تمامًا لأنها قد تأتي أحيانًا من الشر ولا أن نسميها شر لأنها قد تكون من الله.

[1] ربما هم “اليهود حسب الظاهر” حيث إن المسيحيين هم، إسرائيل الحقيقي، قد ورثوا الملكوت ولكن أرواح الشر والشيطان رئيس هذا العالم، سوف يُهزموا في المعركة الأخيرة.

[2] هنا يبدأ أوريجينوس بحديث طويل لدحض العرافة واستعمالها كما كرس في العظة السابقة حديثه ضد السحر. نذكر أن الرؤى أحتلت مكانًا هامًا في الديانات القديمة. وهذا الموضوع كان موضع نقاش في القرن الثالث. وأوريجينوس يحاول أن يؤكد أن التقليد الكنسي يقف ضد العرافة كما هو ضد السحر.

النبوة الثانية – العظة السادسة عشر من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)