أبحاث

جدات السيد المسيح – المرأة في الكتاب المقدس ج3

جدات السيد المسيح - المرأة في الكتاب المقدس ج3

جدات السيد المسيح – المرأة في الكتاب المقدس ج3

 

جدات السيد المسيح - المرأة في الكتاب المقدس ج3
جدات السيد المسيح – المرأة في الكتاب المقدس ج3

 

 

مقدمــــة

من أروع الصلوات التى ارتفعت نحو العرش وصدرت عن عمق القلب البشرى صلاة القسمة للابن التى ترنم بها الأنبا كيرلس عمود الدين والتى مطلعها ” أيها الكائن الذي كان, الذاتى, الأذلى قبل الأكوان”

وقد أبدى فيها هذا  المعلم المسكونى العظيم تقديره للفداء الذي رفع به وحيد الأب الناس إلى بنوتهم لله إذ قال خلال هذه الصلاة  “وهذا العجب في إتضاعك “

وليس بغريب أن يبدى عامود الدين تعجبه من اتضاع الفادي, فتعجبه قائم على معرفته الكتاب المقدس معرفة دقيقة جعلت المؤرخين يقولون بأنها أصبحت طبيعة ثانية له. فلنسع في أثر عامود الدين ونتدارس الأسفار الإلهية باتضاع وإمعان وعندها سنهتف معه من عمق أعماقنا ” وهذا العجب في اتضاعك”.

هذا الاتضاع نجده جلياً لو رجعنا إلى الوراء وتأملنا جدات السيد المسيح لوجدنا أن جدته الأولى هي ليئة أم يهوذا التى كانت غير جميلة وغير محبوبة أراد الله بها أن يبين لنا من البدية كيف تكمل قوته في الضعف, لقد كانت ليئة ضمن العائلة التى أتم الله عهده معها إذ كانت زوجة يعقوب أبى الأسباط وابن اسحق وابن إبراهيم.

وفي الأصحاح الأول من إنجيل متى فنجده يذكر أسماء أربع سيدات أخريات عند سرده أنساب السيد المسيح وهؤلاء الأربع هن ثامار – راحاب – راعوث – والتى لأوريا(بششبع).

بالإضافة لأبيه أو أبياه زوجة حصرون حفيد يهوذا من فارص.

وكانت ثمار أممية وعندما نتساءل كيف يتاح ليهوذا وثامار امتياز أن يذكر اسماهما في سلسلة النسب المقدس ليسوع المسيح – نعرف أن الاختيار الإلهي لا يكون إلا بالنعمة ولذلك فأبوتهما لفارص (متى1: 3) يمكن أن ينظر إليها باعتبارها إذاناً بحقيقة أن كلا من اليهود والأمم يشتركون في بركات الإنجيل.

وكانت راحاب أممية كما أنها كانت امرأة موصومة بالخطية إلى حد اشتهرت بها ومع ذلك فقد نظر الرب إلى مجازفتها بنفسها في سبيل الجاسوسين وأوصى يشوع بحفظ حياتها عند الاستيلاء على أريحا ومن ثم انضمت رحاب وابنها ضمن جدود الفادى الحبيب.

ثم تأتى راعوث بعد ذلك الأممية التى أصبحت إسرائيلية لا بالجنس بل بالفكر وليس بالدم بل بالإيمان وليس عن طريق السبط بل بالفضيلة والصلاح جاء يسوع كتعبير عن كل النعم.

والعجيب أن راعوث كانت موآبية ضمن الأقوام الذين حرمهم الرب بالتحديد على اليهود, حقاً أنه ” من الجافي خرجت حلاوة ” وقد استخدم رب المجد هذه ” الحلاوة” فجعل راعوث إحدى جداته, وهي – وإن تكن موآبية – أسمى وأنبل جدة بين جدات السيد المسيح المذكورة أسماؤهن.

ثم ينتقل بعد ذلك إلى الجدة الرابعة فلا يقول لنا اسمها بل يشير إليها بقوله ” كمن التى لأوريا ” كأنه استهدف أن يذكرنا بما اقترفته من إثم: فقد كانت زوجة خانت عهد الزوجية, ولكنها صارت فيما بعد أما للملك سليمان وبالتالى جدة للسيد المسيح.

والجدة السادسة للسيد المسيح: أبية أو أبياه زوجة حصرون حفيدة يهوذا من فارص (1أى2: 24).

وليس من شك في أن “ابن الإنسان” شاء أن يجمع في ناسوته دم الخطاة والأبرار.

ودم اليهود والأمميين ودم الذين فسروا الناموس حرفياً إلى جانب أولئك الذين أدركوا أن الحرف يقتل والروح يحيى.

وليس بمدهش إذن أن يهتف عمود الدين قائلاً: ” وهذا العجب في اتضاعك ” إذ لم يكن اتضاع المخلص لمجرد نزوله من عليائه ليعيش كانسان, بل نزوله على هذه الصورة, صورة الإنسانية في كل درجاتها وتباينها.

 

ونتابع بالتفصيل فيما يلى

سيرة كل منهن بالترتيب

 

ليئــــة

الشاهــد الكتابــى: (تك 29, 30, 49: 31)

المرأة الوفية لزوجها ” إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم”

ليئة اسم عبري له معانى مثل “مرهقة” أو” ضعيفة بسبب المرض” أو” بقرة وحشية” أو سيدة” ويقول التقليد أنها كانت ضعيفة العينين, أي أن عينيها يعوزها الإشراق الذي هو عنصر من عناصر الجمال الذي تمتعت به شقيقتها راحيل.

قصة زواج يعقوب لها سحرها وجمالها فهي مرآة تعكس ما يحدث في كل العصور بين الزوج وزوجته وتوضح سبب المشاكل التى تحدث بينهما وطرق حلها.

بعدما تقابل يعقوب مع الرب في بئر سبع, وصل إلى حاران وقابل ابنة خاله راحيل عند بئر لابان وكانت تستقى ماء لأغنامها, أحبها يعقوب من أول نظرة وظل حبها يملأ قلبه حتى توفيت عندما ولدت ابنها الثانى بنيامين.

ذهب يعقوب عند خاله لابان للعمل والبحث عن رزق, وأفق أن يخدم لابان سبع سنوات بشرط أن يتزوج راحيل في نهاية هذه المدة, لحبه العميق لراحيل كانت هذه السنوات السبع أياماً قلائل.

ليئـــة وراحيـل

ولما كانت العادة في تلك الأيام أن تزف العروس إلى عريسها في صمت خلال الظلام, فقد اكتشف يعقوب في الصباح أن لابان قد خدعه وأعطاه ليئة زوجة بدلاً من راحيل. برر لابان تصرفه بأنه لا يستطيع أن يزف ابنته الصغرى قبل الكبرى. وإزاء ذلك وافق يعقوب أن يعمل سبع سنوات أخرى من أجل زواجه براحيل التى أحبها حباً حقيقياً هذا الحب جعله صبوراً ومضحياً حتى ينال مناه, ربما اعتبر يعقوب خدعة خاله هذه جزاءا وعقاباً لخداع والده الأعمى الضرير.

هل كان لليئة دور أو إسهام في الخدعة لتفوز بيعقوب زوجاً لها بدلاً من شقيقتها الأكثر جمالاً ؟ لا نستبعد ذلك فقد كانت أسرة لابان أسرة نفعية وكل فرد من أفرادها يبحث عن منفعته الشخصية.

كانت ليئة تعرف أن قلب زوجها لم يكن لها وكان متعلقاً براحيل إلا أنها أحبت يعقوب بجنون, وكانت مخلصة له حتى دفنت في مغارة المكفيلة.

ومع أن يعقوب كان مفتوناً بجمال راحيل فليس هناك أي علامة أو إشارة أن راحيل أحبته بنفس الكيفية, فقد ظلت راحيل واحدة من تلك النساء اللواتى لا يذكرن إلا بجمالهن في الحقيقة كانت راحيل حاقدة ومشاكسة ومحبة للنزاع مع أختها وقد صوبت لها كراهيتها القوية.

ليئة كانت قوية الأيمان بالله, سلمت حياتها له, وقلدته مستقبلها فكان الله يذكرها مع أن يعقوب زوجها يكرهها, بالرغم من تعدد زوجات يعقوب إلا أن ليئة أنجبت له ستة أبناء يمثلون فيما بعد ستة من أثنى عشر سبطاً في إسرائيل.

تكشف الأسماء التى اختارتها ليئة لأبنائها عن ولائها وطاعتها لله وإحساسها بفضله وعطفه عليها:

 كان أبنها الأول هو رأوبين ومعناه:”هوذا ابن” هذا الاسم يكتنز الحنان الإلهي المقدس ويعبر عن شكرها الرب لرعايته لها.

والابن الثانى شمعون: ويعنى “سماع” أي أن الله سمع صلاتها واستجاب لبكائها بسبب كراهية راحيل.

وأبنها الثالث لاوي: الذي معناه “مقترن” سمى بهذا الاسم لأنها قالت الآن يقترن بى رجلي, لقد استمتعت ليئة بعد ولادة الابن الثالث بالإحساس بأن زوجها سوف يحبها, وأنها من خلال ولادتها لاوي ستكون أكثر قرباً وصلة لزوجها.

وكان يهوذا الابن الرابع: الذي يولد لها وهو اسم عبرى معناه “حمد” وأعطته هذا الاسم عند ولادته بسبب شكرها لله, لقد سبحت ليئة الرب عند إنجابها الابن الرابع وبكل انكسار القلب امتدحت ليئة الرب.

وكان لليئة ابنان أخران يساكر وزبولون وابنة اسمها دينة.

وبمقارنة ليئة براحيل نجد أنها لم تكن وسيمة الطلعة مثل أختها, ولكن الله عوضها ذلك بإنجاب ست بنين ليعقوب.

ليئة كانت تمتاز بشخصية مطيعة وبولاء لإلهها, وبذلك استحقت أن تكون أداة لتنفيذ المشيئة الإلهية لتكوين النسل الملوكى أكثر من أختها الجميلة المنصرفة إلى الاهتمام بالعالم ومنهمكة فيه.

ونتعلـم مـن حيــاة ليئــة:

اختيار الإنسان لشريكة حياته يجب أن لا يؤسس على المظاهر الخارجية من جمال وخلافه بل ينبغى أن يبنى على الجمال الداخلى الكثير الثمن, وكانت راحيل جميلة, ودفع يعقوب الكثير من أجل الزواج منها, ولكن ليئة وإن كانت منبوذة من الكثير حتى من يعقوب, لكن قلبها كان أكثر جمالاً من قلب راحيل.

جمال الوجه يذبل بعد قليل أما جمال الروح فيزداد نمو وازدهاراً يوماً بعد يوم ومثل هذا الجمال لا ينطفئ أبداً.

الإنسان نظر إلى العنينين وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب (1صم16: 7) وخلف كل وجه معبر رتب الله جمالاً عقلياً وفكرياً وأخلاقياً.

 

ثامـــار

الشاهــد الكتابــى: (تك 38: 6 – 30 )

اسم عبرى معناه نخلة

ثامار اسم ثلاث من نساء العهد القديم ونحن نتحدث الآن عن ثامار الأولى لا نعرف شيئاً عن نسب ثامار, ويتضح من اسمها أنها كنعانية. كما يوحى بذلك اسمها الوثنى.

تزوجت ثامار عيرا بكر يهوذا, كان شريراً في عينى الرب, لم يذكر الكتاب المقدس السبب الذي من أجله أمات الرب عيرا, ومن المؤكد أنه فعل خطأ فادحاً فغضب الرب عليه وأماته, الرب هو فاحص القلوب وعارف خفايا النفس وكل شئ عريان ومكشوف لديه, وهو وحده يعرف خطايا البشر وخفاياهم.

وأوضح بولس الرسول سبب انتقام الله من البشر فقال: ” أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله, وطول أناته, غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة, ولكن من أجل قساوة قلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب وإستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله” (رو2: 4-6).

بعد موت عيرا لم يترك يهوذا ثامار أرملة بل أزوجها لأونان أخيه طبقاً للقانون الإلهي: “إذا سكن أخوة معاً ومات واحد منهم وليس له ابن فلا تصر امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبي, اخو الزوج يدخل عليها, ويتخذ لنفسه زوجة, ويقوم لها بواجب أخي الزوج, والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت لئلا يمحى اسمه من إسرائيل” (تث25: 5, 6).

كان أونان الزوج لثامار, ولكنه لم يتمم مسئوليته لإقامة نسل لأخيه الميت, ولا احتفظ باسمه, لأنه علم أن النسل لا يكون له, فكان إذا دخل على امرأة أخيه, أنه أفسد على الأرض, لكيلا يعطى نسلاً لأخيه, فقبح الأمر في عينى الرب, فأماه أيضاً, وصارت ثامار أرملة للمرة الثانية, فقال لثامـار كنته: ” أقعدى أرملة في بيت أبيك متى يكبر شيلة ابنى فمضت ثامار وقعدت في بيت أبيها “.

اعتقدت ثامار أن من يهوذا سيأتى مخلص البشرية, وما دام شيلة مازال صغيراً, فمن حقها أن تتزوج والده حسب القانون الإلهي للعشيرة , لذلك التجأت إلى حيلة تسقط يهوذا في شباكها فيتزوجها.

ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا ثم تعزى يهوذا, فصعد إلى حزاز غنمه إلى تمنة وحيرة صاحبة العدلامى.

فأخبرت ثامار وقيل لها يهوذا حموك صاعد إلى تمنة ليجز غنمه, لما سمعت ثامار هذا وضعت خطتها ليتزوجها يهوذا موضع التنفيذ, لأنها رأت أن شيلة كبر, ولم تعط له زوجه.

خلعت عنها ثياب ترملها, وتغطت ببرقع, وتلففت وجلست في مدخل عينايم التى عن طريق تمنة, فنظرها يهوذا, وحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها, فمال إليها على الطريق, وقال هاتى أدخل عليك, لأنه لم يعرف أنها كنته, فقالت ماذا تعطينى لكى تدخل على, فقال أنى أرسل جدي معزى من الغنم.

فقالت هل تعطينى رهنا حتى ترسله, فقال ما الرهن الذي أعطيك, فقالت خاتمك, وعصابتك, وعصاك التى في يدك, فأعطاها ودخل عليها فحبلت منه, ثم قامت ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترملها.

وبعد ثلاثة أشهر أخبر يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كنتك, وها هي حبلى من الزنا فقال يهوذا أخرجوها فتحرق أما هي فلما أخرجت أرسلت إلى حميها قائلة من الرجل الذي هذه له أنا حبلى, وقالت حقق لمن الخاتم والعصابة والعصا هذه, فتحققها يهوذا وقال هي أبر منى لأنى لم أعطيها لشيلة أبنى” (تك38: 13, 26) وأخذها يهوذا زوجة له.

ولدت ثامار ليهوذا توأمين فارص وزارح وبحكمة ثامار صارت أما لفارص الذي من نسله مخلص البشرية (مت1: 3). وعلى الرغم من أننا نصطدم بالطريقة غير المشروعة التى انتجتها ثامار للعمل على تواصل نسل يهوذا إلا أن نسلاً مباركاً قد نتج عن ذلك ” إن الله لا يقدس الشر ولكنه يسيطر عليه لتحقيق أغراضه الصالحة ” (را 4: 12, 18, رو 3: 5- 8).

نتعلـم مــن ثامــــار الأتــــى:

  • لقد حقق الله قصد ثامار لإنجاب نسل, وعالج تراخى يهوذا وخوفه من إعطاء ثامار لابنه الثالث, وأنجبا فارص الذي جاء من نسله السيد المسيح, فالله يغير مسار الأمور لمجد اسمه, ليعلمنا أن بيده أمرنا وحياتنا.
  • مدح بوعز وشيوخ بنى إسرائيل تصرف ثامار واعتبروه حكمة منها, لتقيم لاسم الميت على ميراثه ولا ينقرض اسم الميت من بين اوخوته ومن باب مكانه فقالوا: ” ليكن بيتك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا من النسل الذي يعطيك الرب ” (را4: 9- 12).
  • كانت ثامار وثنية كنعانية, وزواجها بأبناء يهوذا ومعيشتها وسط عشيرته تعلمت الإيمان بالله ووعده الصادق بمجيء مخلص ورغبة السيدات العبرانيات في إنجاب الأولاد فقد يكون أحدهم هو الفادى, لذلك اشتاقت أن يكون لها نسلاً, وتمم الله قصدها.
  • كان يهوذا عبرانياً, و ثامار من الأمم, وأنجبا فارص, الذي أتى من نسله مخلص البشرية, وكانت هذه نبوة على أن السيد المسيح أتى فادياً ومخلصاً لليهود والأمم, ولجميع الشعوب, واشترك الجميع في بركات البشارة بالإنجيل.

 

راحـــــاب

   الشاهــد الكتابــى: ( يش 2: 1 , 3 , 6: 17 – 25 ) 

” بالإيمـان راحــاب الزانيـة لـــم تهلـــك مـــع العصـــاة

إذ قبلـــت الجاسوسيـــن بســـلام ” (عب11: 31).

كانت راحاب تنتمي لجنس واقع تحت دينونة الله, وشعب تحت لعنة الله, غريب عن مواعيد الله, وكان بيتها على سور مدينة أريحا (الروائح) روائح العالم الكريهة. هي زانية قدمت جسدها للشيطان وقدمت الخطية للعابرين الذين لم تكن مخافة الله أمام عيونهم.

جاء رسولان من قبل يشوع لينظرا أريحا أول مدينة تقابل يشوع عند دخوله كنعان من شرق الأردن, استقبلتهما راحاب وهما كلماها عن الإيمان بالرب.

رأت أنهما باران وطاهران وليسا زانيين ولهما رسالة معينة هي إتمام مشيئة الله, بحكمة خططت لحمايتهما.

لقد نجت راحاب من الموت, إذ سقط سور أريحا لكن بيتها الذي كان يشكل جزء من لسور لم يسقط لماذا؟ لأن من كوته يتدلى (الحبل القرمزى), وجاءت دينونة الله على كل أريحا وسقط السور.

ولكن راحاب ومن معها نجوا, إذا كانوا محتمين في البيت الذي في كوته يتدلى حبل القرمز الذي هو رمز للدم وبهذا بتطبيق عليهم قول الكتاب ” أرى الدم وأعبر” أى أن علامة الأمان هو دم المسيح  المعروف سابقاً قبل تأسيس العالم المتمثل في حبل القرمز” بدون سفك دم لا تحصل مغفرة”.

والذين بقوا من أهل أريحا سقطوا بحد السيف, ولكن راحاب ومن معها نجوا من سيف القضاء الإلهي” لا شئ من الدينونة الأن على الذين هم في المسيح يسوع “.

أن التقارير التى كتبها العهد الجديد عن راحاب أوضحت كيف أمنت هذه السيدة بالله وصارت من شعبه, لقد أخذها الله من الحمأة ورفعها وقدسها.

فقد مدح بولس الرسول راحاب, لإيمانها الفعال وأعطاها مكانها وسط شخصيات العهد القديم اللامعة بإيمانهم وقال ” بالإيمان راحاب الزانية لم تهلك مع العصاة إذ قبلت الجاسوسين بسلام ” (عب11: 31).

والرسول يعقوب أضاف قى تقريره عن راحاب أنها تبررت بالأعمال ” إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق أخر ” (يع2: 25).

لقد كان أيمانها عاملاً بالمحبة والتضحية.

الإيمان بررها أمام الرب وأثمر فيها أعمالاً صالحة وأعمالها الصالحة بررتها أمام الناس ” لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت هكذا الإيمان أيضاً بدون أعمال ميت ” (يع2: 26).

عند دخول يشوع أريحا لم تهلك راحاب مع العصاة وباركها الرب إذ تركت الأصنام وتابت عن خطاياها باسم رب الجنود, بعد ذلك تزوجها سلمون أحد الرسولين اللذين أتيا إليها, فولدت له بوعز أبو عوبيد جد داود الملك, ومن نسلها تجسد المسيا, وذكرها البشير متى في إنجيله في أنساب السيد المسيح.

ما أعظم نعمة الله التى أنتشلت أشر الخطاة وأوصلتهم إلى السماء.

راحاب أنقذت الجاسوسين لأنهما من رجال الله, فتذكرها الله في ضيقتها وأنقذها وأعطاها مكاناً عالياً وسط القديسات.

هي أمنت بينما هلك عاخان بين كرمى بسبب محبته للعالم إذا اشتهي وسرق.

راعـــــوث

الشاهــد الكتابــى: ( سفر راعوث، مت 1: 5 ) 

سفرين في الكتاب المقدس من ستة وستين سفراً معنونين باسم سيدتين هما سفر راعوث وسفر أستير, والسفر ين يوضحان زهرتين ناجحتين, والتقليد اليهودى ينص على أن يقرأ سفر أستير في عيد الفوريم وسفر راعوث في عيد الخمسين.

راعوث هي فتاة أممية… وهي الأممية الوحيدة التى أخذ سفرها مكاناً بين صفحات الكتاب المقدس.

لم تكن راعوث تملك مقتنيات ولا مواهب سوى الحب والوفاء, أغلب الظن أنها لم تقرأ كتباً عن الله قبل نعمى…. كانت نعمى أستاذها الخالد الذي أنار لها الطريق, وكم نحس ضعف إيماننا ونحن نرى هذه الفتاة الموآبية تناضل بأيمانها الظلام والجوع والفقر والتعاسة والشقاء.

لقد استطاعت راعوث بوفائها العجيب وخدمتها الأمنية المخلصة أن تكون في مركز سام سبقت به الكثيرين, وتوجت بكرامة فائقة.

ألم تترك وطنها لتسير إلى أرض غريبة, وهناك تخلع عنها ثوب الراحة, فتناضل وتكافح لتجد لقمتها ولقمة حماته نعمى التى تركت وحيدة.

إنه الإيمان الذي انتصر على الفقر… الإيمان الذي انتصر على الترمل.

 

  • وكـــم نقـف إزاءهـا لنتأمــل في:
  • مــا تميــزت بــه.
  • مكافــأة الله العظيمــة والعجيبــة للنفــس التى تمسك به بشجاعة وإخلاص وقوة.

 

 

  • أولاً: مـــا تميـزت بــه راعـــوث:

1- الوفـاء للأحيـاء والأمـــوات:

التصقت بحماتها نعمى التى تركت وحيدة بعد موت رجلها وابنيها وذهبت معها تاركة أرضها وشعبها لشعب لم تعرفه من قبل فكانت بهذا العمل وفيه لحماتها ووفية لرجلها الذي مات.

2- بالمحبـــة للرب:

فقالت لنعمى ” لا تلحى على أن أتركك وأرجع عنك, لأنه حيثما ذهبت أذهب وحيثما بت أبيت, شعبك شعبى وإلهك إلهي ” (را1: 16).

3- بالعطــاء الكريم:

فأعطت كثيراً مما التقطته من حقل بوعز لحمايتها.

4- بالطاعـــــــــة

فأطاعت حماتها إذ أرسلتها لبوعز وأطاعت هذا لما قال لها ” إلا تسمعين يا بنتى, لا تذهبي لتلتقطي في حقل آخر, وأيضاً لا تبرحى من ههنا, بل هنا لازمي فتياتي”.

5- النشــــــاط:

فقيل عنها ” فجاءت ومكثت من الصباح إلى الآن قليلاً ما لبث في البيت (را2: 7) وقيل ” أرأيت رجلاً مجتهداً في عمله, أمام الملوك يقف, لا يقف أمام الرعاع” لو اجتهد كل الخدام في كرم الرب بروح راعوث لامتلأت الأرض من مجد الرب.

6- بالعفـــة:

فلم تسعى وراء الشبان فمدحها بوعز قائلاً: ” إذ لن تسعى وراء الشبان فقراء كانوا أو أغنياء “.

7- وبالسمعة الحسنة:

” لأن جميع أبواب شعبى تعلم أنك امرأة فاضلة ” (را 3: 11) وهنا ” الصيت الحسن “

ترملت راعوث وهي شابة وعاشت في أسرة حلت بها مأساة من مآسي البشرية إذ مات حماها ورجلها وأخوة وبقيت مع حماتها معدمتين من الماديات ولكن كان لهما الإيمان سند الحياة”.

جاءت راعوث مع نعمى إلى بيت لحم يهوذا في إسرائيل وبدأت تعمل لتعيش, فإتفق أنها عملت في حقل بوعز وهو ذا قرابة لرجلها فعطف عليها, فكرت نعمى وأرسلتها لبوعز ليقيم لها حق الولي فتخفت راعـوث واضطجعت عند طرف رجليه وقالت ” أنا راعوث أمتك, فإبسط على أمتك لأنـك ولي ” (را 3: 9).

مدحها بوعز, وأمهلها حتى يدعو الولي الأحق منه, وهذا رفض الزواج براعوث وخلع نعله وأعطاه لبوعز حسب الشريعة فسموه ” مخلوع النعل”.

  • ثانيــاً مكافـــاة الله العظيمــة

1- مكافأة الخلاص:

لقد سارت عرفة نسيبتها شوطا في طريق الخلاص ولكنها لم تتمه إذ عادت إلى شعبها وألهتها, وتابعت النور مدى يسيراً ثم عادت لتغرق في ظلام الوثنية, ولعلها اقرب الكل إلى ذلك الشاب الغنى الذي وقف على أبواب الملكوت ثم ارتد عنه حزيناً.

غير أن راعوث أتمت خلاصها, وركضت حتى بلغت جعالتها العليا… وهل هو قليل أن ينتقل المرء من كموش إلى الإله الحي, ومن الشيطان إلى المخلص, ومن الحياة الباطلة الحقيرة إلى حياة النور الحقيرة إلى حياة النور والمجد والخلود.

2- مكافــأة الــــــزوج:

تزوجت راعوث من بوعز وكان يهوديا وراعوث كانت موآبية, بوعز يفك فكاك راعوث وبعد ذلك تزوجها وصارت راعوث الخط المختار الذي أشرق من خلاله نور مخلص البشرية فسرى في عروقه دم الإثنين اليهودى والأممى, والسيد المسيح أتى ليخلص الجميع, وكنيسته مكونة من كل الأجيال من اليهود والأمم, ودعى الجميع عروسه.

وبوعز فيما نعلم شخصية عظيمة جليلة, فهو رجل من أسياد قومه يصفه الكتاب المقدس بأجل الصفات وأبدعها… فهو جبار بأس, ذو ثراء عريض, وتقى, كريم, وديع النفس, واسع الحيلة.. هذا الرجل ارتضى أن يقترن بالموآبية ليقيم نسلاً لقريبه الميت, ولا شك أن حياتها معه كانت نعيماً مريحاً.. ويكفي أن زواجها أخذ منه الوعاظ مادة خصبة لاقتران السيد المسيح بالكنيسة.

3- مكافــأة النســـل:

ولدت راعوث عوبيد, وكان عوبيد جداً للملك داود ولسلسلة الملوك التى جاءت منه, ولكن مكافأة راعوث لم تقف عند هذا الشأن بل تعدته إلى مدى سرمدى بعيد.. إذ جاء من نسلها السيد المسيح مخلص العالم.

هذه الفتاة التى أدارت ظهرها لموآب وسارت وراء إله إسرائيل, فكتب اسمها في سجل الخالدين.

وهي الأممية الوحيدة التى أخذ سفرها مكاناً بين صفحات الكتاب المقدس… أنها تعلمنا أن أقل ما نقدم يصبح ثروة طائلة متى تسلمته يد الله, قال بطرس ” ها نحن قد تركنا كل شئ وتبعناك فماذا يكون لنا”.

فقال لهم يسوع ” الحق أقول لكم أنتم الذين تبعتمونى في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسى مجده تجلسون أنتم أيضاً على أثنى عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الإثنى عشر, وكل من ترك بيوتاً أو اخوة أو أخوات أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل أسمى يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية “.

ترى هل فينا صفات الوفاء والإخلاص والإصرار على خدمة الآخرين

بحب وحتى المنتهي بهذا المثال ؟

بششبع

الشواهد الكتابية (2صم11: 2, 3, 12, 24, 1مل1: 11- 31, 2: 13- 19, 1أخ3: 5).

جاءت بششبع من أسرة تخاف الله, كانت ابنة أليعام أو عميئيل الذي كان ابناً لأخيتوفل, وأليعام الذي كان يعنى اسمه ” الله رحيم ”  كان واحداً من ضباط داود الشجعان, وأصبحت بششبع زوجة أوريا, أخلص رجال داود, وبعد قتل أوريا أصبحت زوجة داود وأما لخمسة أبناء منه مات الأول وهو طفل, والأخرون هم سليمان وشمعى وشوباب وناثان, وقد ذكرت في سلسة نسب ربنا بالقول ” وداود ولد سليمان من التى لأوريا ” (مت1: 6).

يخبرنا السجل المقدس أن اتصال داود ببششبع كان البقعة الوحيدة في ثوب داود “داود عمل ما هو مستقيم في عينى الرب ولم يحد عن شئ مما أوصاه به كل أيام حياته إلا في قضية أوريا الحثى” ( 1 مل 15: 5 ) فإذا كانت هذه هي البقعة الوحيدة في صفحته،  فإنها بقعة متأصلة لا تمحى،  وإذا أخذنا تأثير ما عمله مع أوريا في الحسبان وفي حين أن الله يعفو عن الخاطئ،  إلا أن أثار الذنوب التى اقترفها تظل باقية.

وتبدأ القصة الحزينة هكذا بهذه العبارة ذات المغزى ” وأما داود فأقام في أورشليم ” ( 2 صم 11: 1 ).

كان بنو إسرائيل يحاربون العمونيين،  والملك الذي أظهر شجاعته وانتصاره في المعارك كان من الواجب عليه أن يكون مع جيشه،  ولكنه الآن بعد أن أصبح ناضجاً،  ومحارباً قديماً أجتاز في حروب عديدة وحاكماً على إسرائيل لما يزيد عن 12 سنة أصبح الآن هشاً قد ركن إلى الدعة والخمول.

وحين خلد إلى الاسترخاء على سطح قصره رأى امرأة على سطح منزل مجاور تخلع ملابسها لتستحم،  وبششبع المرأة التى رآها كانت ” جميلة المنظر جداً “،  وداود كانت تجتذبه دائماً النساء الجميلات،  اشتهاها،  فأصبح مداناً بارتكاب فعل شنيع،  ومع أن داود اعترف بأنه وحده المسئول عن إثمه الشنيع،  لكن المرء يتساءل على أى مدى تعتبر بششبع شريكته في هذا الذنب والتحريض على ارتكابه. وأضاف داود لخطية الزنا خطية أخرى وهي تدبير عملية قتل أوريا الحثى.

بعد فترة الحداد المعتادة أصبحت بششبع زوجة لداود،  وولد طفلها،  لكى يموت بعد أسبوع من ولادته. ولا بد أن داود وبششبع قد حزنا كثيراً حيث أنهما قد أدركا أن موت أبنهما – الذي حبل به نتيجة لزواج غير شرعى – كان عقاباً إلهياً على خطيتهما الثقيلة.

وماذا عن بششبع ؟ هل جعلها الله تدرك مع داود أنها كانت شريكه له في ارتكاب المعصية في الماضى ؟ ولكنها مسئولة عن خطية داود،  فهل اختلطت دموع توبتها بدموع توبة زوجها ؟ يبدو أن الأمر هكذا،  لأن الله باركها بابن أخر أسمياه سليمان أى ” محبوب من الله “.

لماذا  لم يعط هذا الأبن لزوجة أخرى من زوجات داود. ألا يعد إعطاء سليمان لداود وبششبع دليلاً وتعبيراً عن محبة الله الغافرة لكليهما ؟ ثم أليس إدراج بششبع في سلسلة نسب يسوع ( 1 مت ) علامة أخرى على أن الله وضع خطاياها وراء ظهره ؟ وإذا استردت بششبع الفضل الإلهي،  وأصبحت طاهرة وحكيمة كما أنها جميلة،  فقد ربت سليمان في خوف الرب وإنذاره بكل اهتمام ورعاية واستطاع سليمان نفسه أن يكتب قائلاً ” رب الولد في طريقه فمتى شاخ لا يحيد عنه ” ( أم 22: 6). فهذه النصيحة تعكس تنشئته الصالحة. ويقول التقليد أن بششبع هي التى كتبت أصحاح 31 من سفر الأمثال كنصائح لسليمان عند زواجه من ابنة فرعون. فإن كان الأمر هكذا،  نستطيع أن نفهم كل هذه التحذيرات ضد تملقات النساء الأجنبيات التى يزخر بها سفر الأمثال.

بعد ارتكابها للمعصية وتوبتها وميلاد سليمان فإن بقية حياة بششبع مغلفة بالصمت،  إننا نستطيع أن نتخيل أنها أصبحت تتميز بالهدوء رفيع المستوى،  والشرف الرفيع والشجاعة الملكية،  وكونها كانت محتفظة بتأثيرها على داود حتى موته ثابت من الطريقة التى ذكرته بها بوعده لجعل سليمان ابنهما خليفة له،  ويرتفع حاجز الصمت مرة أخرى عندما صار سليمان ملكاً يكن لها تقديراً خاصاً،  عندما جاءت إلى حضرته لتطلب أن تعطى أبيشج التى كانت تعتنى بداود في أيامه الأخيرة،  لأدوناى زوجة،  وهو ابن حجيث إحدى زوجات داود الأخريات.

هناك درس نتعلمه من بششبع وهو أنه عند التأكد من غفران الله لها،  لم تجعل الخطية الوحيدة التى ارتكبتها تنغص عليها حياتها كلها،  وإذ تابت فقد استفادت من غلطتها لتكون نبراساً هادياً لسلوك أفضل في مقتبل حياتها،  وعندما نفكر كثيراً في خطايا قال الله أنه لن يعود يذكرها،  فإننا بذلك العمل نشك في رحتمه ونحرم أنفسنا من القوة الروحية والتقدم.

أبية أو أبياه

 

الشاهـد الكتابــــى  ( 1 أى 2: 24 )

  • اسم أبية معناه: ” الرب آب ” أو ” الرب أبى “.
  • كانت أبيا زوجة حصرون حفيد يهوذا من فارص.
  • ووالدة أشحور أبا تقوع ( أى أن نسله سكن تقوع )
  • ذكرت عشيرة يهوذا في سلسلة أنساب السيد المسيح له المجد (مت1،لو3) فأبيا لها الشرف أن يأتى من نسلها السيد المسيح.
  • لم يذكر الكتاب المقدس شيئاً عن هذه السيدة لذلك لا نستطيع أن نصف شخصيتها ولكن من المؤكد أنها كانت تعرف الله وتخافه وتتعبد له.
  • أبية أو أبيا اسمين لسيدة واحدة كما هو اسم الأبـن الثانى لصموئيـل النبى (1 صم 8: 2 ).

انتظروا الجزء الرابع من المرأة في الكتاب المقدس

 

الخاص بالملكات في الكتاب المقدس

 

جدات السيد المسيح – المرأة في الكتاب المقدس ج3

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !