آبائيات

الآلام المحيية – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

الآلام المحيية - ق. يوحنا ذهبي الفم - د. سعيد حكيم يعقوب

الآلام المحيية – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

 

الآلام المحيية - ق. يوحنا ذهبي الفم - د. سعيد حكيم يعقوب
الآلام المحيية – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

 

الآلام المحُييّة

للقديس يوحنا ذهبي الفم

 

عذابات وإهانات فاقت كل الحدود[1]:

   ” فأخذ عسكر الوالي يسوع إلى دار الولاية وجمعوا عليه كل الكتيبة، فعروه والبسوه رداءً قرمزيًا وضفروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه وقصبة في يمينه وكانوا يجثون قدامه ويستهزأون به قائلين السلام يا ملك اليهود” (مت27:27ـ29).

 

    لقد رقص الشيطان في الجميع دلالة على أن الحسد والشر قد سادا على اليهود، وتعاملوا مع المسيح بقسوة وعدم حياء. لكن من أين ولأي سبب كان تعامل الجنود سيئ هكذا؟ أليس من الواضح جدًا في ذلك الوقت أن الشيطان هو الذي وضع في الجميع هذا الهوس المملوء حنقًا؟ ومن أجل هذا تلهوا هؤلاء المفترسين والمتوحشين بالشتائم التي وجهوها للمسيح. وكان ينبغي أن يخجلوا ويبكوا، كما فعل الجمع، إلا أنهم لم يفعلوا هذا، بل بالعكس أهانوه، ورقصوا بنشوة، ربما لكي يشكروا اليهود، أو أنهم فعلوا كل هذا، بسبب طبيعتهم الخاصة التي تتسم بالسلوك الشرير. وإهاناتهم كانت كثيرة ومتنوعة، لأنهم تارة كانوا يضربون رأس المسيح المقدسة، وتارة أخرى يعاملوه بإهانة بوضع أكليل الشوك على رأسه، ومرة يضربونه بالقصبة، إنهم حقًا رجال يوصفون بالخسة والوحشية.

 

    إذًا هل يحق لنا أن نتذمر إذا تعرضنا للإهانة، بعد كل ما عاناه المسيح و تألم به؟ لأن ما حدث كان أقصى حد يمكن أن تصل إليه الإهانة. وكما ترون لم يُضرب عضوًا واحدًا، بل كل الجسد بكل ما فيه أُهين، الرأس يوضع عليه إكليل الشوك، ويتلقى الضربات، والوجه تعرض للبصق، والخد لُطم. كل الجسد جُلد، ألبسوه ثوبًا إرجوانيًا، وكانوا يسجدون له بتهكم، وضعوا في يده قصبة، بدلاً من صولجان، والفم أيضًا سقوه خلاً بواسطة أسفنجة. وهل كان يمكن أن ينال ما هو أكثر بشاعة من كل هذا؟ وهل هناك ما هو أكثر وضاعة من هذه (الإهانات)؟ لأن ما حدث يتجاوز كل وصف. لقد صنعوا كل شيء، كأنهم يخشون من أنهم يبدون وكأنهم قد فاتهم شيء من عملهم المشين، بعدما قتلوا الأنبياء بنفس الأيدي. أما بالنسبة للمسيح فقد صاروا قتلة بحكم القضاء، وأصدروا حكم محكمة، وشاركوا بيلاطس في إصداره، قائلين: “دمه علينا وعلى أولادنا”[2]، ورقصوا بهوس وعاملوه بإهانة، وهم أنفسهم الذين قيدوا يسوع وقادوه، وصاروا سببًا في إهانات الجنود، وسمروه على الصليب، وجدفوا، وكانوا يبصقون عليه ويسخرون منه. إذ لا شيء هنا قد فعله بيلاطس، بل إن كل شيء قد فعله هؤلاء. لقد صاروا ممثلي إتهام، وقضاه، وشعب، وكل شيء.

 

إتضاع لا مثيل له:

    وهذه الأمور نقرأها نحن، حين يكون الكل مجتمعين. حتى لا يقول الأمم أننا نهدف إلى الإشارة إلى الأمور الحسنة والبهية فقط، مثل الآيات والمعجزات التي حدثت للجموع والشعوب، وأننا نخفي الإهانات. فإن نعمة الروح القدس رتّبت أن تُقرأ كل هذه الإهانات في هذا الإحتفال العام، عندما يكون جموع الرجال والنساء حاضرين، وبشكل عام عندما يكون الجميع حاضرين في مساء يوم البصخة العظيم. فعندما تكون كل المسكونة حاضرة، عندئذ يُبشر بهذه الأمور بصوتٍ عالٍ. وبرغم أن هذه الأمور الصعبة تُقرأ وتصير معروفة للجميع، فإن الإيمان بأن المسيح هو الله، يقوى ويزيد ويُسجَد للمسيح، لأنه قَبِل أن يتضع إلى هذا الحد الكبير، من أجلنا، حتى أنه جاز كل هذه الآلام، لكي يُعلّمنا كل الفضائل.

 

    إذًا هذه الأمور نقرأها على الدوام، لأن الربح من وراء هذا كثير جدًا، وعظيمة هي الفائدة. لأنه حين تراه وهو يُستهزأ به بإشارة اليد، أو بالفعل، وأن يُسجد له بسخرية شديدة، ويُلطم، وأن يتألم من كل هذه الأمور الرديئة، فإنك ستذوب أسرع من أي شمع حتى إن كنت متحجر القلب، وستنزع من نفسك كل غضب.

    اسمع إذًا ماذا حدث بعد ذلك. ” مضوا به للصلب” (مت31:27) بعدما عروه، أخذوا ثيابه وأقتسموها مقترعين عليها، وجلسوا منتظرين موته، الأمر الذي يحدث لأكثر المتهمين حقارة وإجرامًا، والذين ليس لهم أي أحد (ليُعينهم)، ويعيشون في وحدة تامة. إقتسموا تلك الثياب التي جرت منها معجزات كثيرة. لكنه لم يفعل أي شيء وقتها، رغم أن المسيح له المجد يملك قوة فائقة. وهذا الأمر لم يكن عيَّنة بسيطة لفقدان الوعي أو لعدم الإتزان. لأنهم (أي اليهود) تجرأوا على فعل كل شيء، كأن الأمر متعلق بشخص فاسق ومجرم، كما قلت، ومحتقر بالأكثر. أنهم لم يتصرفوا هكذا مع اللصين، أما بالنسبة للمسيح فقد تجرأوا على فعل كل شيء بل وصلبوه بين هذين اللصين، لكي يكون معدودًا مع اللصوص.

    ” وأعطوه خلاً ممزوجًا بمرارة ليشرب، ولم يرد أن يشرب” (مت34:27).

     فعلوا هذا لكي يتهكموا عليه، لكن يسوع لم ينطق بكلمة، والإنجيلي الأخر (أي يوحنا) يقول ” فلما أخذ يسوع الخل” قال ” قد أكمل[3]. ماذا يعني بعبارة ” قد أُكمل”؟ أي تمت النبوة عن المسيح، التي تقول: “ ويجعلون في طعامي علقمًا وفي عطشي يسقوني خلاً[4]. لكن ولا يوحنا، قد بيّن أنه شرب (الخل) لأنه لا يوجد إختلاف بين حقيقة أنه قد ذاق فقط، وحقيقة وأنه لم يشرب، بل يعني أن هذا الأمر وذاك هو شيء واحد.

 

    بل إن هذا السلوك الإجرامي لهؤلاء المهووسين، لم يتوقف عند هذا الحد بل إنهم بعدما عرّوه، وصلبوه، وقدموا له خلاً، ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إذ قد تهكموا عليه وهم ينظرونه مُسمّرًا فوق الصليب، سواء حدث هذا من قِبَل هؤلاء أو من قِبل المجتازين أمام الصليب، وهذا يعد أسوأ ما يمكن أن يحدث لبشر، بمعنى أنهم رأوا أن معاناته لكل هذه الآلام تعد أمرًا مُبررًا، وأنه مخادع ومحتال، وكمتباهي غير متعقل قد أفتخر بكل ما قاله. من أجل هذا صلبوه بشكل علني، وتهكموا عليه أمام الجميع، ولهذا صلبوه بأيدي العسكر، ولكي يطيلوا من أعمالهم المجنونة، تجرأوا على فعل هذه الأمور في محاكمة علنية.

 

    ومَن ذا الذي لن يجعل العامة التي تبعته وناحت عليه أن تشفق عليه؟ أما هؤلاء الوحوش فلا يشفقون. ومن أجل هذا، فإن يسوع يعتبر أن هؤلاء العامة مستحقون أن تُسمع تضرعاتهم بينما الذين عذبوه فهم غير مستحقين. لأنه بعدما فعلوا كل ما أرادوه، شرعوا يلوثون سيرته، لأنهم خافوا من قيامته من الأموات. من أجل هذا أخذوا يتهكمون عليه علانية، وصلبوا معه لصيّن، راغبين في أن يُظهروا أنه مُحتال فقالوا “يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلّص نفسك إن كنت ابن الله فأنزل عن الصليب”[5]، ولأن بيلاطس لم يسمع لهم عندما طلبوا منه أن يحطم العلة التي كان مكتوب عليها هذا هو يسوع ملك اليهود، بل رفض، قائلاً: “ما كتبت قد كتبت”، فحاولوا بتهكمهم أن يُظهروا بأنه ليس ملكًا ولهذا قالوا: ” إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب”، وقالوا ” خلّص آخرين أما نفسه فما يقدر أن يخلّصها[6]، مُحاولين بهذا أن يُشهّروا ويشككوا بالمعجزات التي صنعها، ثم قالوا ” قد إتكل على الله فلينقذه الآن إن أراده[7].

 

    حقًا هؤلاء يتسمون بالخسة ويثيرون الإشمئزاز! لماذا يا ترى كل هذا الافتراء؟ هل الأنبياء لم يكونوا أنبياء، أو أن الأبرار لم يكونوا أبرارًا، لأن الله لم يجنبّهم الأخطار؟ بالتأكيد كانوا أنبياء وابرار، بل وحين عانوا كل تلك الآلام (كانوا أنبياء وأبرارًا). إذًا هل هناك حماقة مثل حماقاتهم؟ لأنه إن كانت معرفة الإضطهادات والآلام التي تحملها الأنبياء لم تلوث سيرتهم، بل وحين تألموا ظلوا أنبياء، فبالأكثر جدًا ما كان ينبغي أن يتعثر أحد في المسيح، في كل ما عمل وتكلّم به، من أجل أن يغيّر أذهاننا.

    لكن رغم كل ما قالوه وصنعوه، لم يتمكنوا من أن يفعلوا  أي شيء، ولا في ذلك الوقت (أي في القديم). هكذا فإن ذاك (أي اللص اليمين) الذي فسد في الشر، وأمضى حياته كلها في القتل والسرقة، عندما قيلت هذه الأمور تحديدًا، وقتها إعترف به أنه إله، وتذكّر الملكوت[8]. وناحت الجموع بأنين على المسيح له المجد، برغم أنه بات واضحًا أن كل ما حدث كان سيتأكد بطريقة عكسية بالنسبة للذين لم يفهموا سر التدبير الإلهي، والذين كانوا يروا أنه من المستحيل أن يحدث شيء، سوى ما شاهدوه، تأكدوا بأن العكس هو الحقيقة التي ثبت صحتها.

 

فلنتمثل بالمسيح:

   إذًا ونحن نسمع كل ذلك، فلنسلح أنفسنا ضد كل غضب. حتى ولو كان قلبك مشتعلاً، إختم صدرك واضعًا عليه الصليب، تذكّر شيئًا من تلك الأمور (الآلام) التي تعرض لها المسيح وستشعر وكأنك تلقي ترابًا على غضبك (المشتعل)،. فكّر في أقواله وأفعاله، فكّر في أن  المسيح كان سيدًا، بينما أنت عبد، وأنه تألم من أجلك، بينما أنت تحيا لأجل نفسك، تألم من أجل الذين صلبوه وأحسن إليهم، بينما أنت تحيا لنفسك، تألم من أجل الذين أهانوه، بينما أنت مرات عديدة، تحيا على حساب أولئك المظلومين، لقد تألم أمام أنظار المدينة كلها. أو ربمّا أمام أعين كل اليهود والأغراب وأهل المدينة الذين كلمهم كلامًا مملوءًا رحمة، بينما أنت تتألم أمام قليلين، بل والأسوأ بالنسبة له أنه تُرِكَ من قِيل تلاميذه. لأن هؤلاء الذين سبق وأظهروا له كل وقار وتقدير تركوه، أمام أعدائه ومقاوميه. بعدما أخذوه، سمروه على الصليب في الوسط (أي بين لصّين)، أهانوه، جدّفوا عليه، سخروا منه، إستهزوا به، تهكم عليه اليهود من أسفل، والجنود من أعلي، وتهكم عليه اللصان من الجانبين، لأن اللصان كليهما قد أهناه وسخرا منه.

 

    إذًا كيف يقول لوقا أن واحدًا قد جدّف عليه[9]؟ الأمران قد حدثا لأن الاثنين تهكما عليه في البداية، لكن بعد ذلك لم يحدث هذا. لكي لا تعتقد أن الأمور صارت بخلاف ذلك، وأن اللص بقى لصًا، فوق الصليب ومن خلال الإهانة (التي وجهها للمسيح) يظهر لك بأنه لص وعدو. إذًا فكّر في كل هذا، وواجه بصبر وإحتمال كل الصعوبات. لأنه بماذا تألمت من كل ما تألم به سيدك؟ هل أُهنت علانيةً؟ بل إن الأمر لم يقتصر على ذلك. هل إستُهزأ بك؟ قد يحدث، لكن بدون آلام تصيب جسدك كله، ولا بسياط على جسد عاري.

 

    ويمكنك أن تُضيف أشياء أخرى، من قِبل مَن عانى كل هذه الآلام، ولماذا، بل والأسوأ من كل هذا، أن لا أحد إعترض على كل ما حدث أو أدانه. بل بالعكس إمتدحوا ما حدث، وإستهزوا به، وضايقوه وجدفوا عليه كمتباهي وكمخادع، وغاش، ولا يقدر أن يُبرهن في الحال على تلك الأمور التي تكلّم عنها. أما المسيح له المجد فقد صمت في كل شيء، وصنع أدوية فعالة من أجلنا بطول الأناة.

    لكن نحن الذين نسمع كل هذا، لا نظهر صبرًا ولا حتى تجاه العبيد، بل نثور ونركل أكثر من الحمير المتوحشة. إذا كان الأمر يخصنا نصير قساة ومتوحشين، بينما إذا كان يخص الله، لا نُعطي أهمية كبيرة. ونسلك بطريقة مماثلة في مواجهة الأصدقاء، وعندما يُسبب لنا أحد ألمًا فإننا لا نحتمله، وإن أهاننا نتحول إلى متوحشين أكثر من الوحوش، نحن الذين نطالع هذه الأمور يوميًا. أما بالنسبة للمسيح، فقد خانه التلميذ (أي يهوذا)، والآخرون تركوه ورحلوا، والذين أحسن إليهم بصقوا عليه. عبد رئيس الكهنة لطمه، الجنود تهكموا عليه، والمارة إستهزأوا به وجدّفوا عليه، اللصان اتهماه، ولم ينطق بشيء في واحدة من تلك التهم، لكنه واجه الجميع بالصمت، مُعلمًا إياك أنه قدر ما تعاني بهدوء، بقدر ما ستنتصر بالأكثر على كل مَن يصنع بك شرًا، وستنال تقدير الجميع.

 

    لأنه مَن ذا الذي لا يُعجب، بمن يتألم ويعاني بهدوء، تجاه أولئك الذين يعذبونه؟ مثلما لو أن أحد برغم من أنه يُعَاقَب بعدل، مُتحملاً العقاب بهدوء، فيعتقد الكثيرون أنه عُوقب ظلمًا، هكذا فعندما يتألم ظلمًا، لكنه يعترض بوقاحة، فإنه سيُعطي إنطباعًا أنه بعدل عُوقب، وسيصير مثارًا للسخرية، لأنه ينجرف نحو الخطأ بسبب الغضب، ويقع أسيرًا (لغضبه)، ويفقد وقاره. هذا لا يمكن أن يدعوه أحد حرًا، حتى ولو كان سيدًا لآلاف العبيد. لكنك ستعترض بأن فلان سخط عليك كثيرًا. وما معنى هذا؟ يعني تحديدًا أنه ينبغي عليك أن تُظهِر احتمالاً، فالوحوش أيضًا يمكن أن نراها مستأنسة أو أليفة. ومن ناحية أخرى، فإن هذه الوحوش ليست في حالة هياج مستمر، إلا إذا آثارها أحد. إذًا إن كان هدوءنا مرتبطًا فقط بعدم إثارة أحد لنا، فماذا فعلنا أفضل (من الحيوانات المتوحشة)؟ وتلك الوحوش في مرات كثيرة تثور بشكل مُبرر، لأنها حين تتحرك وتتصادم تهيج. وبالإضافة إلى ذلك فإنها لا تملك عقلاً، وفي طبيعتها أن تثور وتهيج. أما أنت، كيف يمكنك أن تعتذر أو تطلب المسامحة، عندما تثور وتصبح متوحشًا؟ ما هو الألم الذي عاينته؟ هل وقعت ضحية خطف؟ من أجل هذا تحديدًا يجب أن تحتمل، لكي تربح أكثر. هل خسرت مجدًا ما؟ وماذا يكون هذا؟ لأنك إذا فكرت فيه جيدًا، فستجد أن ما تملكه لا ينقص شيئًا، بفقدان هذا المجد. أما إذا كنت لا تُعاني من أي سوء أو شر، فلماذا تغضب وتثور على مَنْ لم يصنع بك أي شر؟ لأن الذين يشيدون بالغاضبين، يجعلونهم بالأكثر متباهين، بينما الذين يشتمون ويحتقرون كل مَن يلاحظون أنفسهم، يجعلونهم بالأكثر مُحتملِين. فلو أننا اتّسمنا بالهدوء، فإن هؤلاء سيصيرون بالنسبة لنا سبب إحتمال. أما أولئك فإنهم يُثيرون فينا أنانيتنا، ويملؤننا بالزهو وبالمجد الباطل، والحماقة، ويجعلون نفوسنا أكثر ضعفًا.

 

   والآباء يؤكدون هذه الأمور، فهم لا يتملقون أبناءهم كثيرًا، بل يجعلونهم متضعين، خوفًا من احتمال تعرضهم للخسارة بسبب التملق. بل والمعلمون يستخدمون نفس العلاج تجاه من يتملقونهم. وحتى إن كان يجب أن نتوجه بالإرشاد للبعض فينبغي أن نوجهّه للذين يتملقوننا، أكثر من هؤلاء الذين يهينوننا. لأن هذا الُطعم (أي التملق) بسّبب ضررًا أكثر من الإهانة، هذا ومن الصعوبة بمكان أن تنحصر في هذا الأمر. والأكثر صعوبة هو احتمال الإهانة .

 

إحتمال الإهانة يجلب الخيرات:

   إن مكافئة احتمال الإهانة هي كبيرة جدًا، والإعجاب بالإحتمال أكثر عظمة. لأنه بالحق هو أمر يستحق الإعجاب أكثر من أي شيء، أن ترى إنسانًا يُهان ولا يرد الإهانة، أو يُضرب ولا يُقاوم. وكيف يمكن إلا يدافع عن نفسه؟ هل أهانك أحد؟ إذًا فإرشم على صدرك علامة الصليب. تذكّر كل ما حدث للمسيح وعندئذٍ سيُمحَى كل شيء. لا تنظر فقط إلى الإهانات، فهي قد تجلب لك خيرًا، وتجعلك وديعًا ومترفقًا. أو من الأفضل أن نقول تذكّر في كل الأحوال مخافة الله، وسرعان ما تصبح لطيفًا ورقيقًا.

 

    بالإضافة إلى هذا، تعلّم من عبدك كيف يكون الاحتمال وبذلك يمكن أن ترى نفسك فيه وهو يُهان، ويصمت. فكّر فيما يُظهره من إحتمال كبير، وأَدنْ نفسك، وتعلّم كيف لا ترد الإهانة، وبهذه الطريقة فإنك لن تتألم حتى حين تُهان. فكّر أن الذي يهينك أصابه الخبل وكأنه قد فقد صوابه، وعندئذٍ لن تغتاظ. لأن الذين ساد عليهم الشيطان، يضربوننا، أما نحن فإننا ليس فقط لا ندافع عن أنفسنا، بل ونترفق بهم.

 

    وأنت أيضًا إفعل هذا، تراءف على من ٍيُهينك، فهو خاضع تحت سيطرة وحش جبار، وهو الغضب، وسيطرة شيطان مخيف، وهو الحنق أو السخط. حرر ذاك الذي يأسره شيطان مرعب، وسيتحطم تمامًا خلال فترة قصيرة. لأن هذا المرض له طبيعة خاصة، حتى أنه لا يحتاج إلى وقت طويل، حتى يهلِك مَنْ يسيطر عليه. أردت من كل هذا أن أبيّن، وبشكل أساسي، طغيان أو إستبداد الغضب، أي أنه في وقت قصير يمكن أن يُثير شرورًا كبيرة، أي أن تأثيره المدمر يظهر سريعًا.

 

    أردت أن أبيّن أيضًا مَن هو الذي يُهين، ومَن الذي يحتمل، وأن أظهر نفس كل واحد عارية. سترى حينئذٍ، أن هناك نفسًا تشبه عرض البحر الذي يضطرب بالأمواج، والأخرى تشبه ميناء هادئًا خاليًا من اضطرابات البحر. إذ أن تلك النفس لا تضطرب من الشياطين، بل بالحري تغلبها بسهولة. لأن الذين يهينون يصنعون كل شيء حتى وكأنهم ينهشون غيرهم. وعندما يفقدون رغبتهم ينسحبون، ويتراجعون بتعقل. لأنه من غير الممكن للإنسان الذي يغضب، أن لا يدين نفسه، مثلما أنه من غير الممكن لإنسان لا يغضب أن يدين نفسه. لأنه حتى وإن كان يتحتم عليك أن تهاجم، فيمكنك أن تفعل ذلك بدون غضب، بل بهدوء وتعقل، ودون أن تُصاب بأي شيء كريه. لأنه إن أردنا (أن نفعل هذا)، فستأتي الخيرات بنعمة الله، وسنُصبح مكتفين في أماننا وكرامتنا.

 

لنسلك باستقامة ضمير:  

   لماذا إذًا تطلب المجد من آخر؟ عليك فقط أن تسلك بكرامة، ولن يستطيع أحد أن يهينك. لكن إن أهنت نفسك، فلن تُكرّم، حتى وإن كان الجميع بعد يكرمونك، لأنه كما أننا حين لا نرغب أن نضع على أنفسنا شرورًا، فإنه لا يستطيع أحد أخر أن يُصيبنا بشر؛ هكذا حين لا نهين أنفسنا، فإنه لا يستطيع أحد أخر أن يهيننا. فلنفترض أن هناك رجل له مكانته ووقاره، وأن الجميع يدعونه زانيًا، وسارقًا، ونابشًا للقبور، وقاتلاً، ولصًا، لكنه لا يغضب ولا يغتاظ، ولا يصدق أي شيء من ذلك عن نفسه. فأي إهانة ستلحقه من جرّاء هذا؟ لا شيء، وبناء على ذلك فهل ستتأثر مكانته إذا كان هذا هو رأي الكثيرين عنه؟ لن تنقص مكانته في شيء بهذا الرأي، بل بالعكس هؤلاء سيخجلون من أنفسهم، لأنهم يظنون أنه هكذا، بينما هو ليس كذلك. أخبرني، لو أن شخصًا يعتقد أن الشمس مظلمة، هل هو يدين معارفه أم يدين نفسه؟ من الواضح جدًا أنه يدين نفسه، لأنه يعطي إنطباعًا عن نفسه أنه أعمى أو مجنون. هكذا أولئك الذين يعتقدون أن الأشرار صالحون، هم أنفسهم يشمئزون من أنفسهم.

 

    من أجل هذا يجب أن نحاول أكثر أن ننقي ضميرنا، وألا نعطي أي دافع (للإدانة)، ولا مجرد شكوك خبيثة. فلو أن البعض يريدون أن يكونوا مجانيين، عندما نسلك نحن هكذا (أي بإستقامة ضمير )، فيجب ألا نعطى لهم أهمية، وأن لا نتضايق.لأن ذاك الذي خرجت عنه سمعة سيئة، بينما هو صالح، لن يُعاق مطلقًا عن أن يكون هو مَن هو (أي صالحًا). وذاك الذي صار موضع شك ظلمًا وبطلانًا، لن يتعرض لأي ضرر. هكذا تمامًا هو الشرير، فهو موضع شك (عن حق)، برغم ما يظهره من صلاح مزيف، فهو لن يربح شيئًا من وراء هذا، بل بالعكس سيُحّمل بخطية كبيرة، وسيوؤل به الأمر إلى وضع أسوء.

 

   لأن ذاك الذي هو شرير، يمكن أن يتّضع ويعترف بخطاياه ولكن عندما يخرج عن طريقة الصحيح، فإنه يسقط في القسوة والعنف. وإن كان الخطاة الذين يدينهم الجميع، بمجرد أن يتأثروا ويرجعوا عن خطاياهم، فهم ليس فقط لن يكونوا موضع إدانة، بل إن البعض يمتدحونهم أيضًا، فمتى يفهم ذلك هؤلاء الذين يعيشون في الخطية؟ ألم نسمع أن بولس أدان الخطية، وأن أهل كورنثوس ليس فقط لم يدعوا الذي زنى مع أمرأة أبيه أن يشعر يخطيته، بأن إستحسنوه وكرموه، بل إنهم بهذه الطريقة دفعوه نحو الخطية[10]؟

 

    من أجل هذا أترجاكم، بعدما نترك شكوك الكثيرين والإهانات، ومظاهر التكريم، فلنسعَ نحو أمر واحد فقط، ألا نملأ ضميرنا بأي شيء خبيث أو شرير مرة أخرى، وألا نهين نحن أنفسنا. لأنه هكذا سواء هنا أو في الدهر الآتي سنتمتع بمجد كثير، والذي نرجو نواله جميعًا بالنعمة ومحبة البشر اللواتي لربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى أبد الأبدين آمين.

 

الصلب والموت والقبر والقيامة:       

   ” وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا. وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ ” (مت45:27ـ48).

 

   هذا هو الجزء الذي كان المسيح قد أشار إليه عندما طلب منه اليهود من قبل أن يصنع آية. فقال لهم: ” جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطى له آية إلا آية يونان النبي” (مت39:12). وكان يعني بهذا الكلام، الصلب، والموت، والدفن في القبر، والقيامة.

 

    ولكي يوضح قوة الصليب قال: ” متى رفعتم إبن الإنسان فحينئذٍ تفهمون إني أنا هو” (يو28:8). ما يقصده، هو الآتي: عندما تصلبونني وتعتقدون أنكم سببتم لي آذىً أو ضررًا، حينها بالضبط ستعرفون قوتي. لأنه بعد الصلب حُطِمَّتْ المدينة، أُبطلتْ العادات والتقاليد اليهودية، فقد اليهود حياتهم وحريتهم، إنتشرت البشارة، وإمتدت كلمة الصليب إلى أقاصي المسكونة. لقد كرز (الرسل) على الدوام بقوة المصلوب، في اليابسة، وفي البحر، في المناطق الآهلة بالسكان، والمناطق غير المأهولة بالسكان.

 

    هذه الأمور إذًا هي ما كان يقصدها، والتي حدثت لحظة الصلب. لأن العجائب التي حدثت أثناء صلبه قد أثارت الدهشة والتعجب أكثر مما حدث أثناء دفنه على أن ما جعل كل ذلك أمرًا يثير الدهشة والتعجب هو أن هذه الأمور قد حدثت من السماء. وما طلبه الرسل، قد تحقق لهم، الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق في الماضي في أي مكان، إلا في مصر فقط، عندما كانوا  سيقيمون الفصح. وهذا لأن تلك الأمور التي حدثت قديمًا كانت نموذجًا لهذه الأمور. ولاحظ متى حدثت. حدثت في منتصف النهار حينما كان في كل المسكونة نهار، لكي يعلم بها كل الساكنين على الأرض، الأمر الذي كان كافيًا، لكي يحولهم (أي اليهود إلى الإيمان)، ليس فقط لعظم المعجزة، بل لأنها حدثت في اللحظة المناسبة.

 

    لقد حدثت بعد كل أعمال السكر والتهكم غير اللائق، عندما هدأ الغضب وتوقفوا عن السخرية، وشبعوا من الازدراء، وقالوا كل ما أرادوا أن يقولوه. عندئذٍ ساد الظلام منتصف النهار ويا ليتهم كانوا قد انتفعوا من هذه المعجزة بعدما هدأ غضبهم. هذا بحد ذاته كان أمرًا يستحق الدهشة بالأكثر، أن يصنع هذا وهو على الصليب. فلو كانوا قد آمنوا بأن هذه المعجزات قد صنعها المسيح، لكان ينبغي عليهم أن يؤمنوا وأن يخافوا، أما إن كانوا لم يصدقوا أن المسيح صنعها، بل صنعها الآب، فكان عليهم أيضًا أن يتأثروا بعمق، لأن ذلك الظلام كان تعبيرًا عن غضبه على كل ما تجرّأوا على عمله.

 

    وهذا الظلام لم يكن حجبًا للشمس أو اختفاء لها، بل غضبًا وسخطًا وهذا يتضح من المدة التي ساد فيها الظلام كل المسكونة، لأنه ظل ثلاثة ساعات، بينما الإحتجاب يحدث في فترة زمنية قصيرة، ويعرفه الذين سبق أن نظروه، لأنه حدث في جيلنا. ويتساءل المرء كيف لم يندهش الجميع (أمام هذه المعجزة)، وكيف لم يؤمنوا بأنه هو الله؟[11] لأن جنس البشر كانوا مُصابين آنذاك بأمراض وشرور كثيرة. وبعدما حدثت هذه المعجزة، فإنها عبرت على الفور، ولم يهتم أحد أن يفحص أو يبحث عن السبب، لأن الشك كان كبيرًا والإعتقاد الباطل مع عدم التقوى، كان سائدًا وهو الأمر الذي جرت عليه العادة. وهكذا لم يعرفوا سبب الظاهرة، وربما اعتقدوا أن هذا الظلام الذي ساد، حدث كإحتجاب للشمس، أو لِسبب طبيعي آخر (مرتبط بالطبيعة الكونية).

 

الابن يكرّم الآب:

    ولماذا تشك، فيما يتعلق بالأمم الذين لم يعرفوا شيئًا، ولا سعوا أن يتعلموا بسبب لا مبالاتهم الشديدة، بينما أولئك الذين عاشوا في اليهودية، وبعد كل هذه المعجزات (التي صنعها المسيح)، لا زالوا يهينوه، على الرغم من أنه قد أظهر لهم بكل وضوح، أنه هو الذي صنع هذه المعجزة؟ ولهذا يتكلم بعد ذلك، لكي يعرفوا أنه لا يزال حيًا، وأنه هو الذي صنع المعجزة، حتى يجعلهم هكذا أكثر رأفة. يقول “إلهي إلهي لماذا شبقتني”، لكي ينظروا أنه كان يكرم الآب حتى النفس الأخير، وإنه لم يكن ضد إرادة الآب. ولهذا صرخ هذه الصرخة النبوية، مؤكدًا حتى اللحظة الأخيرة على ما جاء بالعهد القديم. ولم تكن صرخة نبوية فحسب، بل وصرخة عبرانية أيضًا، لكي يظهر لهم (ما حدث) بكل وضوح. وبشكل عام فقد أظهر، من خلال كل ما حدث، مدى طاعته واتفاق إرادته مع إرادة أبيه.

    لكن انظر إلى فسقهم وفجورهم. يقول الكتاب لقد ظنوا أنه يُنادي إيليا، وعلى الفور سقوه خلاً. بينما جاء آخر وطعن جنبه بالحربة. هل يوجد سلوك لا معقول وأكثر وحشية مما لأولئك الذين وصل بهم الهوس إلى هذا الحد، أن يهينوا جسدًا قد فارق الحياة؟ أرجوك إذًا أن تلاحظ الأسلوب الذي نفذ به هؤلاء إجرامهم، من أجل تتميم خلاصنا. لأنه بعد هذا الجرح، تفجرت من هناك ( من الصليب) ينابيع خلاصنا.

 

    ” فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم وأسلم الروح” (مت50:27). هذا هو ما قاله: ” لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن أخذها أيضًا” (يو18:10). وأيضًا “وأضعها أنا من ذاتي”. ومن أجل هذا صرخ، لكي يظهر أن الموت حدث بسلطانه الذاتي، وق. مرقس يقول إن بيلاطس تعجب كيف مات هكذا سريعًا، وإن قائد المئة من أجل هذا تحديدًا، قد آمن، لأنه مات بسلطانه ” ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح، قال حقًا كان هذا الإنسان ابن الله” (مر39:1).

 

أسلم الروح فأقام الموتى:

   هذه الصرخة شقت حجاب الهيكل، وفتحت القبور، وجعلت الهيكل خرابًا. وقد صنع ذلك، لا لكي يظهر عدم تقدير للهيكل، لأنه كيف يصنع هذا، وهو الذي قال: ” لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة” (يو6:2). بل لكي يُظهر أن هؤلاء اليهود غير مستحقين بعد، أن يقيموا هناك، تمامًا كما حدث من قبل عندما سلم الهيكل للبابليين. لكن هذه الأمور لم تحدث لأجل هذا السبب فقط، أي أنها صارت تحقيقًا لنبوة مستقبلية عن خراب الهيكل وبطلانه أمام ما هو أعلى وأسمى.

 

    بالإضافة إلى هذه الأمور، فإنه أظهر ذاته كإله، وذلك بقيامته من الأموات ومن خلال الظلمة التي سادت في وضح النهار واضطراب عناصر الطبيعة. كما حدث في عصر إليشع، عندما    ” مس ميت عظام إليشع عاش وقام على رجليه” (2ملو21:13).

 

    هكذا أقامت صرخة المسيح هؤلاء (الموتى)، بينما كان جسده فوق الصليب. من ناحية أخرى فإن ما حدث في الماضي كان مثالاً، لما سيحدث في المسيح. لأن ما حدث في حادثة إليشع كان لأجل أن يؤمن اليهود بالمسيح. إن الموتى لم يقوموا فحسب، بل الصخور تشققت، والأرض تزلزلت، لكي يدركوا أن المسيح استطاع أن يستأصلهم ويقطعهم، لأن ذاك الذي شقق الصخور، وأظلم المسكونة، سيمكنه بالأحرى جدًا أن يصنع هذه الأمور في هؤلاء، إن أراد ذلك. لكنه لم يرد، بل بعدما أظهر غضبه في عناصر الطبيعة، أراد أن يخلّصهم، بسبب رأفاته ومحبته.

 

قوة المصلوب:

   لكنهم لم يقللوا من هوسهم. لأن الحسد والغيرة لا يتراجعان بسهولة. بل سلكوا بطريقة مُثيرة للاشمئزاز وسفيهة تجاه نفس الظواهر. فبعد أن قام المسيح، بينما كان القبر مختومًا وعليه حراسة من الجنود، أعطى رؤساء الكهنة فضة للحراس لكي يفسدوهم ويُكذّبون بشارة القيامة.

 

    إذًا لا تشك إن كانوا وقتها قد أظهروا جحودًا، ما داموا قد تخلوا عن كل معاني اللياقة والحياة تجاه كل شيء. لاحظ فقط مقدار المعجزات الكبيرة التي صنعها، بعضها من السماء، وبعضها على الأرض، والبعض الآخر داخل الهيكل، وهي تظهر غضبه، ومن ناحية أخرى صارت الطرق الغير مسلوكة، مسلوكة، وهكذا ستُفتح السماء، وكل الأمور ستؤول إلى قدس الأقداس الحقيقي.  وهؤلاء قالوا: ” إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب(مت42:27). وبينما أظهر المسيح أنه ملك كل المسكونة، خاطبه هؤلاء قائلين: ” يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلص نفسك(مت39:27)، بينما أعلن المسيح أن الهيكل سيخرب تمامًا. أيضًا هؤلاء (أي رؤساء الكهنة) قالوا ” خلص آخرين أما نفسه فما يقدر أن يخلصها(مت43:27)، بينما وهو باق فوق الصليب، أعطي بركة عظيمة لأجساد الموتى. لأنه إذا كانت إقامة لعازر من الموت بعد أربعة أيام في القبر، تعتبر معجزة فائقة، فإن الأكثر أهمية من ذلك بكثير، هو أن يظهر الأموات الذين ماتوا من سنوات طويلة، مع بعضهم البعض الأمر الذي كان دليلاً على القيامة الآتية. لأن الكتاب يقول: ” والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين.. ودخلوا المدينة المقدسة(مت52:27ـ53). ولكي لا يُعتقد أن هذا الحدث خيالي، ظهروا أمام كثيرين في المدينة.

 

    بل إن قائد المئة مجّد الله وقتها، قائلاً: ” بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا. وكل الجموع الذين كانوا مجتمعين لهذا المنظر لما أبصروا ما كان رجعوا وهم يقرعون صدورهم[12]. هكذا كانت عظيمة هي قوة المصلوب، حتى أنه بعد كل هذا التهكم والسخرية، والإستهزاء، فإن قائد المئة والجموع تأثروا بعمق. والبعض قالوا أن قائد المئة هذا قد إستُشهد، بعد أن قَبِل الإيمان، بعد كل ما رآه.

 

    ” وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم أبني زبدي” (مت55:27ـ56). بينما كانت هذا الأحداث تُجرى، فقد تتبعتها هؤلاء النسوة، واللاتي نُحن كثيرًا. ولاحظ كم كان صبرهن وإصرارهن كبيرًا. تبعنه حتى الصليب، واعتنين به، وكن حاضرات وتعرّضن للأخطار. ومن أجل هذا فقد رأين كل شيء، رأين كيف صرخ بصوت عظيم، وكيف أسلم الروح، وكيف تشققت الصخور، ورأين كل الأمور الأخرى. وهؤلاء أولاً رأين يسوع، وهذا الجنس (أي جنس النساء) الذي إتهم بإتهامات كثيرة، هذا الجنس يتمتع أولاً، بامتياز أن يرى الأمور المفرحة. هذا الجنس برهن بالأكثر على مدى الشجاعة. فبينما هرب التلاميذ، بقيت النساء. مَن هن هؤلاء؟ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب، والنساء الأخريات.

 

    والإنجيلي الآخر (أي لوقا) يقول: ” والنساء اللواتي كن يلطمن وينحن عليه، هؤلاء تبعنه حتى الصليب”. ما يُظهر قسوة اليهود، هو أن الأمور التي من أجلها ينوح البعض، تجعل هؤلاء يسعدون ولم تتحرك مشاعرهم ويشفقون عليه، ولم يرتعدوا بالخوف (من الله). لأن كل ما حدث كان عّينه لغضب شديد. وليس فقط عّينه للغضب، بل علامة للسخط، وهكذا كان أيضًا الظلام، وتشقق الصخور، وإنشقاق حجاب الهيكل إلى اثنين، وزلزلة الأرض، كل هذا يظهر غضب الله الشديد.

 

 

القبر الجديد:

   “ جاء رجل غني من الرامة اسمه يوسف..وطلب جسد يسوع” (متى57:27ـ58). هذا هو يوسف الذي إختبأ من قبل. أما الآن فبعد موت يسوع، أظهر جرأة كبيرة. لأنه كان شخصًا له مكانته المرموقة، وليس في عداد المهمشين، بل كان واحد من أعضاء المجمع ومن المعروفين جدًا. وقد تجلّت شجاعته، لأنه حكم على نفسه بالموت عندما أعلن إشمئزازه من الجميع، من خلال محبته ليسوع، وتجرأ أن يطلب جسده، وظل هناك حتى حقق ما أراد. وقد أظهر محبة وشجاعة، ليس فقط بأنه أخذ جسد المسيح ودفنه بكرامة وإجلال، بل بأن دفنه في قبره الجديد الخاص به. وهذا لم يحدث هكذا مصادفةً، بل لكي لا يكون هناك أدنى شك، في أن الذي قام كان هو المسيح ولم يكن شخصًا آخر.

 

النساء يظهرن شجاعة نادرة:   

   ” وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاه القبر” (مت61:27). لماذا جلستا تجاه القبر؟ أنهما لم تعلما بعد أي شيء عظيم وسامي، كما ينبغي عن يسوع. ومن أجل هذا أحضرتا أطيابًا وانتظرتا بصبر أمام القبر، وبعد هدأ هوس اليهود؛ بدأتا تتحركان وتدهنان الجسد بالأطياب.

 

    أرأيت مدى شجاعة النساء؟ أرأيت مقدار المحبة؟ أرأيت عظمة  النفس ، والتي تصل إلى حد قبول التعرض لخطر الموت؟ فلنتمثل نحن الرجال بالنساء، وألا نهجر يسوع في تجاربه. لأن هؤلاء النسوة، عندما مات يسوع، أنفقن الكثير وعرّضن حياتهن للخطر، بينما نحن ولا حتى حين يجوع نُطعمه، ولا نكسوه حين يكون عريانًا، بل على العكس حين نراه وهو يمد يده، نعبر عنه. أنا متأكد إن رأيتم الرب نفسه موجودًا، فإن كل واحد منكم سيُعطي كل ما يمتلكه. بل والآن، هو نفسه موجود (في الفقير والعريان). فضلاً عن ذلك فقد قال “أنا هو”.

 

    إذًا لماذا لا تقدم كل شيء؟ ومن أجل هذا، الآن تسمعه بقول:      “فبي قد فعلتم”، وليس هناك فرق أبدًا أن تعطي ليسوع، أو تعطي للفقير. إن مكافأتك لن تكون أقل من هؤلاء النسوة اللاتي أطعمن يسوع في ذلك الحين، بل العكس ستكون أعظم. لكن حين تصنعون هذا فلا يجب أن تُحدِثون صخبًا. لأنه ليس هو نفس الأمر أن تطعموا يسوع عندما يظهر بسلطانه، الأمر الذي يؤثر حتى في النفوس المتحجرة، وأن تطعموا الفقير، والعاجز، والأحدب، من خلال تنفيذ وصية المسيح فقط. بينما هنا (في هذه الحياة) عمل الإحسان هو خاص بك، وما يُعد برهانًا كبيرًا على إكرامك للمسيح هو أن تريح شريكك في العبودية، من خلال وصية المسيح، وتعتني به في كل لحظة.

 

 

البر بالمحتاجين يفتح أبواب الملكوت:

    إذًا أرح المحتاجين، مؤمنًا بذاك الذي يأخذ ( إحسانك)، إذ يقول ” فبي قد فعلتم”. لأنه إن لم تعطِ لذاك، فلن تكون مستحقًا للملكوت. إن لم تتحول عن ذاك (المسيح)، فلن يرسلك إلى جهنم حيث النار المتقدة. لكن ذاك الذي أُحتقر، من أجل هذه الخطية هو ممجد الآن. هذا هو مَن إضطهده بولس، عندما إضطهد أتباعه. ولهذا قال له ” لماذا تضطهدني”[13]. لنسلك إذًا بهذه الطريقة، حتى أنه عندما نعطي شيئًا للمحتاج، فإننا نكون قد أعطينا للمسيح. لأن كلامه جدير بالتصديق أكثر من رؤيته.

 

    إذًا عندما ترى في طريقك فقير، تذكّر الكلمات التي تؤكد أن هذا الفقير الذي تطعمه هو يسوع. لأنه على الرغم من أن الذي تراه أمامك (أي الفقير) ليس هو المسيح، إلا أنه بظهوره يكون المسيح هو الذي يأخذ ما تقدمه وهو الذي يمد يده. لكن هل تخجل حين تسمع أن المسيح هو الذي يمد يده؟ يجب أن تخجل بالأكثر، حين تراه وهو يمد يده، ولا تعطيه شيئًا. لأن هذا هو الخجل، هذا هو العقاب والجحيم. لأنه من جهة أن يمد يده، فهذا مرتبط بنقائه ، ومن أجل هذا يجب علينا نحن أن نفتخر، بما يقوم به. إن امتناعك عن العطاء يظهر قسوتك أنت. فإن كنت لا تؤمن أنك بإهانتك للفقير، تهين المسيح، فإنك ستؤمن حينئذٍ، عندما تُقاد إلى المحاكمة يوم الدينونة، ويقول لك: “فبما أنكم فعلتم بهؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم”. ولكن ليتنا لا نحتاج نحن بهذه الطريقة أن نتعلم (طريقة التهديد بالعقاب)، بل بعدما نؤمن الآن، نجني الثمار، ونسمع ذلك الصوت الطوباوي، الذي سيدخلنا إلى الملكوت.

 

    لكن ربما يقول أحد، إنك تُكلّمنا كل يوم عن عمل الرحمة والإحسان ومحبة الناس، وأنا من جانبي لن أتوقف عن الحديث في هذا الموضوع، لأنه إن نجحتم في تحقيقه، يجب أيضًا أن لا أتوقف عن الحديث فيه، حتى لا أجعلكم كسالي أو متوانين، لكن ما عدا ذلك، لو حققتم وأنجزتم هذا العمل (عمل الرحمة)، يمكنني أن أرتبط بكم أو إتحد بكم. ولكن إن لم تصلوا حتى ولو إلى المنتصف، فلا تدعوني للتوقف عن الحديث عن عمل الرحمة. لأنك عندما تتهمني، فإنك تفعل ما يفعله الطفل الذي يسمع باستمرار حرف الألف (A) ولا يتعلمه، فيتهم المعلم بأنه يكرر نفس الحرف باستمرار، مذكرًا به. لأنه مَن هو الذي صار بواسطة هذا الكلام، أكثر رحمة (تجاه المحتاجين)؟ هل ألقى أموالاً (في الصندوق)؟ ومَن الذي وهب نصف ثروته (للفقراء)؟ لا أحد. كيف إذًا لا يكون أمرًا غير مقبول، بينما أنتم لم تتعلموا (كيف تعطون)، توصوننا أن نتوقف عن التعليم بهذا الأمر؟ كان يجب عليكم أن تفعلوا عكس ذلك. فإذا أردت أن أتوقف عن الحديث في هذا الموضوع، عليكم أن تقولوا لي، إننا لم نتعلم بعد كيف نعطي، لماذا تتوقف عن أن تُذكّرنا؟

 

    فإن حدث وكان أحد يُعاني من ألم في عينه، وكنت أنا طبيب، وبعدما اعتنيت بالعين ودهنتها (بالمراهم)، وصنعت لها كل ما يجب من عناية، دون أن تحدث فائدة كبيرة، ألا يأتي ذلك المريض إلى باب عيادتي ، ويصرخ وينسب لي الخمول والتقصير الكبير، لأنني تركته، وهو لا يزال يعاني من المرض؟ وإن أجبت في مواجهة هذه الإتهامات، بأنني إعتنيت بها ودهنتها بالمراهم، فهل سيقتنع بهذه الإجابة؟ بالطبع لا، بل سيُجيب، وما المنفعة، ما دمت لا أزال أتألم؟ هذا ما ينبغي أن تفكر فيه عندما يتعلق الأمر بالنفس. ماذا سيحدث، إن سكبت مرات عديدة ماء على يد يابسة وبها وخزات، دون أن أتمكن أن أجعلها مرنة؟ ألا أسمع نفس الكلام؟

 

    والآن اليد اليابسة والتي بها وخزات، إن لم تعالج وإن لم تعد صحيحة تمامًا، فلن أتوقف عن الكلام. أتمنى منكم أنتم أيضًا، ألا تتكلموا إلا عن هذا الموضوع (عمل الرحمة)، سواء في البيت، أو في السوق، أو على المائدة، وسواء كان ذلك في المساء، أو في أحلامكم. لأنه إن إعتنينا بهذا الموضوع باستمرار، بالنهار وفي أحلامنا، فإننا سننشغل به على الدوام. هل تقول إنني أتكلم باستمرار عن عمل الرحمة؟ وأنا أريد ألا أضطر كثيرًا أن أنصحكم بالاهتمام والعناية بالفقراء، وأن أتكلم عن مواجهة أو مقاومة اليهود والوثنيين والهراطقة، لكن كيف يمكن للمرء أن يُسلّح أُناسًا، ليسوا أصحاء؟ كيف يمكن للمرء أن يأمر أُناسًا بالدخول إلى المعركة، وهم لا يزالون مجروحين، وجراحاتهم لا تزال ساخنة؟ بينما لو كنت قد رأيتكم أصحاء تمامًا، لكنت قد دفعتكم لتلك المواجهة، وسترون آلافًا يسقطون صرعى، وآلافًا منكسي الرؤوس.

 

    لقد تحدث معكم في كتب كثيرة لكم عن هؤلاء. لكن ولا هكذا نستطيع أن نحتفل إحتفالاً تام بالنصر، بسبب نقيصة الكثيرين. لأنه لو إنتصرنا عليهم آلاف المرات، في إثبات صحة العقائد، فسيتهموننا بالعنف الذي يمكن أن يمارسه الكثيرون مما يؤمنون بعقائدنا، وسيقولون إننا مصابون بالأمراض النفسية. كيف إذًا نتجرأ أن ندفعكم إلى المواجهة، في اللحظة التي فيها تؤثّرون فينا معنويًا، وأنتم موضع سخرية من الخصوم؟ لأن أيدي البعض قد تتألم، وتعاني من الوخزات، حين تنوي أن تعطي. كيف إذًا يستطيع هذا الذي يتألم، أن يمسك درعًا ويحارب به، وألا يُصاب من قسوة السخرية؟ وقد تفسد أرجل البعض الآخر، ونعني بهم أولئك الذين يرتادون المسارح الهزلية، ومواضع التسلية لدى الساقطات. كيف لهؤلاء أن يقفوا في المعركة، وألا يُصابوا من آثام الفسق والفجور؟ البعض الأخر يعاني في رؤيته وهو عاجز، ولا يرى بشكل صحيح، لكنه مملوء فسقًا، ويعثر النساء المتعقلات. كيف له إذًا أن يقاوم الأعداء، ويحرك الرمح، ويرمي السهم، ما دام يُواجه بالإستهزاء من كل ناحية؟ من الممكن أن يرى المرء كثيرين من هؤلاء الذين يشبهون مرضى الاستسقاء وهم يعانون على الأقل من آلام البطن، عندما تسود عليهم الشراهة، والسكر. إذًا كيف لي أن أدفع بهؤلاء إلى الحرب، بينما هم سكارى؟

 

    البعض الآخر لهم فم فاسد، هؤلاء هم سريعو الغضب، وشتامون ومجدّفون. إذًا كيف لذاك أن يصمت في المعركة، وأن يحقق شيئًا هامًا، طالما أنه ثمل بنوع أخر من السُكر، ومثار سخرية لدى الأعداء؟ من أجل هذا آتى كل يوم إلى هذا المعسكر (الكنيسة)، وأداوي هذه الجروح، وأعالج القروح. وعندما تعودون إلى رشدكم، وتصيرون قادرين على الانتصار على آخرين، حينئذً سأعلّمكم هذه الخطط أو هذه الفنون، وسأدربكم على كيفية استخدام هذه الأسلحة. وربما تكون (أعمال الرحمة) هي أسلحتكم، وعندئذٍ سيخضع الجميع، على الفور لو كنتم تصنعون إحسانًا، وتتراءفون، وإذا صرتم ودعاء، ومتسامحين، وأظهرتم كل الفضائل الأخرى. لكن إن كان لدى البعض اعتراض، حينئذً يجب أن نضيف ما يختص بنا، عارضين الأمور التي تختص بكم، طالما أنكم تعطلونني، على الأقل الآن، عن السير في هذا الطريق.

    ولكن انتبه: يُقال أن المسيح صنع أعمالاً عظيمة، منها أن يجعل البشر كالملائكة. وعندما يطلبون منا مبادئ محددة، وأتحفز لأقدم من بين هذه الجموع دليلاً يثبت ما أقول فإنني أصمت. وأخاف أن أقدم بدلاً من ملائكة، خنازير، وخيولاً. أعرف أنكم متضايقون، لكن هذا الكلام لا يخص جميعكم، بل يخص المسئولين، وقد لا يكون هؤلاء هم المقصودين، إذا عادوا إلى رشدهم. لأن كل شيء قد فُقد الآن، والكنيسة فسدت، ولا تختلف في شيء عن إسطبل (بهائم)، أو زريبة حمير وجمال. وأجول أطلب خرافًا ولا أجد. فالجميع يرفسون مثل بعض الخيول والحمير المتوحشة، ويملأون المكان هنا بنجاسات كثيرة. وأعني بها حواراتهم المتبادلة فيما بينهم.

 

    وإذا تمكنت من سماع كل ما يُقال في كل اجتماع، من الرجال ومن النساء، سترى أن كلامهم هو أكثر قذارة من روث البهائم. من أجل هذا أترجاكم أن تغيروا من هذه العادة الرديئة، لكي تستنشق الكنيسة طيبًا. فأنا الآن أنثر في الكنيسة بخور الأحاسيس الروحية المتميزة.

 

    إذًا ما هي المنفعة (من وراء هذا)؟ لأنهم على قدر ما يُسيئون للكنيسة بهذه الأحاديث، فيحملون داخلها قذارة، بقدر ما نشمئز عندما يتحدثون بيننا عن الربح، وعن المشروعات التجارية، والتجارة الصغيرة، وعن أمور لا تعنينا مطلقًا. أريد أن يكون المكان هنا مكانًا، للملائكة، وأجعل الكنيسة سماء، ولا يجب أن نعرف شيئًا آخر سوى الصلوات، والهدوء التام. هذا يمكن أن نطبقه الآن حتى ننقي حياتنا، وننال الخيرات التي وُعدنا بها، بالنعمة ومحبة البشر اللواتي لربنا يسوع المسيح، الذي له المجد إلى الأبد آمين.

1 العناوين الجانبية من وضع المُترجم.

2 مت25:27.

3 يو30:19.

4 مز21:69.

5 مت40:27.

6 مت42:27.

7 مت43:27.

8 حين قال ” أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك” (لو42:23).

9 لو40:23.

10 1 كو1:5ـ2.

11 هكذا يتساءل القديس أثناسيوس قائلاً “فأي إنسان أظلّمت الشمس وتزلزلت الأرض عند موته؟ فأي من البشر الذين يموتون كل يوم منذ القديم وإلى الآن، حدثت عند موته عجيبة كهذه؟” “تجسد الكلمة”، إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، ترجمة د. جوزيف موريس، الفصل التاسع والأربعون، ص146.

12 لو 47:23ـ48.

13 أع4:9.

 

الآلام المحيية – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !