أبحاث

جماعة قمران – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الأول ج2

جماعة قمران - مختصر تاريخ الكنيسة القرن الأول ج2

جماعة قمران – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الأول ج2

جماعة قمران - مختصر تاريخ الكنيسة القرن الأول ج2
جماعة قمران – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الأول ج2

 

ما بين الأسينيين والكنيسة الأولى
يتشابه الأسينيين مع الكنيسة الأولى في بعض النواحي. فكانوا مترابطين كجسد واحد وكان كلّ شيء بينهم مشتركًا، وكلّ واحد يأخذ على قدر حاجته. حياتهم كانت بسيطة وكل من له ثوبان يعطي ثوبًا لأخيه المحتاج ويلبس الآخر إلى أن يبلى. وكانوا مختلفين فيما بينهم على مسألة الدفاع عن أنفسهم. فالغالبية رفضت حمل السلاح، ولكن بعضهم كان من الغيورين الذين كانوا يدافعون عن وطنهم ضد المستعمر الروماني.

وادي قمران صار مسرحًا للحرب اليهودية الدموية 66-70م، الأسينيين رفضوا العبودية على أساس أن البشر جميعهم سواسية أمام خالقهم؛ وعلى الرغم من أنهم لا يحرمون الزواج إلا أن كلّ أعضاء جماعتهم من الممتنعين عنه.

والانضمام إلى هذه الجماعة كان يتطلب اختبارات ونذور يتعهد بها المنضم حديثًا، وأي تقصير يستوجب الطرد. كانوا يمارسون طقس الغسل بالماء باستمرار.

ويشتركون في وليمة مقدسة غير مسموح للغريب عنهم أن يتناول منها.

وعلى الجانب الآخر هناك أيضًا فروق جوهرية كثيرة بين الأسينيين والكنيسة الأولى:

الأسينيين كانوا متمسكين بشدة بوصية تقديس يوم السبت،

وكانوا يتحاشون الاشتراك في أي احتفالات رسمية.

وبحسب مصادرنا اليونانية كانوا يستيقظون قبل الفجر ويقدمون الصلوات باكرًا جدًا،

ولهم تعاليم سرية عن جذور الأشياء والأحجار وأسماء الملائكة الخفية.

يهتمون جدًا بالمعاني الرمزية والروحية للأسفار، ويتنبأون بالمستقبل.

هناك تشابه في الإطار العام؛ فعلى سبيل المثال ذكر في مخطوطة اسمها ’درج الحرب‘ خبر عن معركة فاصلة بين أبناء النور وأبناء الظلمة والتي تشبه معركة هرمجدون التي ذكرت في سفر الرؤيا وربما أيضا ما أشارت إليه الرسالة إلى أفسس (إصحاح 6).

ولكن من المنصف أن نقول إنه في النقاط التفصيلية فإن المتشابهات والمتطابقات ليست بكثيرة أو مؤثرة؛ بالإضافة إلى أن ’معلِّم البر‘ -الذي هو قريب الشبه جدًا من يسوع- لا يلعب دورًا رئيسيًا في فكر جماعة قمران كما يلعبه يسوع في فكر وإيمان الكنيسة الأولى.

باختصار؛ العهد الجديد ومخطوطات قمران يلقي كلّ منهما الضوء على الآخر ولكن لا يمكن القول بأن أحدهما يشرح الآخر. من المحتمل أن يصير الأسيني مسيحيًا ولكن من غير الممكن أن يكون هناك أي استمرارية لهذه الجماعة داخل الكنيسة الأولى.

بل من العجيب أن المسيحيين الأوائل تبنوا نظرة إيجابية للعبادة داخل الهيكل في أورشليم أكثر من جماعة قمران نفسها (أع7،6). وفي ذات الوقت هناك الكثير يجعلنا نعتقد أن المسيحيين لن يحتملوا جماعة تستحوذ عليها فكرة الحاجة المستمرة إلى التطهيرات الجسدية وطقوس الغسل بالماء التي تتخلل اليوم عدة مرات[1].

[1] وأهم ما يُميز المسيحية عن الأسينيين هو أن المسيحية هي كرازة عالمية مؤسسة على الإيمان بشخص يسوع لا ترتبط بسياسة مُعينة ولا قانون مُعين ولا شعب مُعين، بينما الأسينيين لم يخرجوا عن دائرة الديانة اليهودية المُنغلقة ابدًا كما أنه من أهم تعاليمهم هو الحصول على البر من خلال حفظ ناموس موسي، بينما في المسيحية فالبر بالإيمان بشخص المسيح والشركة فيه عن طريق سري المعمودية والإفخارستيا وحياة الشركة مع جماعة المؤمنين.

 

جماعة قمران – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الأول ج2