الردود على الشبهات

إله العهد القديم، هل هو إله يشارك في جريمة سرقة؟ شبهة والرد عليها

إله العهد القديم، هل هو إله يشارك في جريمة سرقة؟ شبهة والرد عليها

إله العهد القديم، هل هو إله يشارك في جريمة سرقة؟ شبهة والرد عليها

إله العهد القديم، هل هو إله يشارك في جريمة سرقة؟ شبهة والرد عليها
إله العهد القديم، هل هو إله يشارك في جريمة سرقة؟ شبهة والرد عليها

 

فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ وَدَعَا رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ إِلَى الْحَقْلِ إِلَى غَنَمِهِ، وَقَالَ لَهُمَا: “وَأَمَّا أَبُوكُمَا فَغَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. لكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِي شَرًّا… إِنْ قَالَ هكَذَا: الرُّقْطُ تَكُونُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ الْغَنَمِ رُقْطًا. وَإِنْ قَالَ هكَذَا: الْمُخَطَّطَةُ تَكُونُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ الْغَنَمِ مُخَطَّطَةً. فَقَدْ سَلَبَ اللهُ مَوَاشِيَ أَبِيكُمَا وَأَعْطَانِي. (تك 31: 4-9).

يقول الدكتور مصطفى محمود: “ويستمر النبي يعقوب في الغش والسرقة… يذهب إلى مساقي الماء حيث تجئ الغنم لتشرب ويضع أمام عيونها قضباناً مرقطة لتتوحم عليها فيجئ نسلها مخططاً. ويختار الأغنام القوية ليكون نصيبه كله من الأغنان القوية… وحينما يشكو أبناء لابان مما فعل يعقوب بثروة أبيهم يقول يعقوب: “فَقَدْ سَلَبَ اللهُ مَوَاشِيَ أَبِيكُمَا وَأَعْطَانِي” هي إذاً جريمة سرقة وتواطؤ يشترك فيها الله مع يعقوب. هكذا يتصوَّر كاتب التوراة. فأي إله هذا؟ وأي نبي!” [1]

وللإجابة على هذه الأسئلة أقول:

إن من يتهم إله العهد القديم بالاشتراك في جريمة سرقة نسي ان إله العهد القديم هو الذي أوصانا بالأمانة. ومن بين أهم وصاياه لشعبه: ” لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ” (خر20: 15،17). وأدان شعبه عندما كان يغش في الموازيين والمكاييل قائلين: «مَتَى يَمْضِي رَأْسُ الشَّهْرِ لِنَبِيعَ قَمْحًا، وَالسَّبْتُ لِنَعْرِضَ حِنْطَةً؟ لِنُصَغِّرَ الإِيفَةَ، وَنُكَبِّرَ الشَّاقِلَ، وَنُعَوِّجَ مَوَازِينَ الْغِشِّ. لِنَشْتَرِيَ الضُّعَفَاءَ بِفِضَّةٍ، وَالْبَائِسَ بِنَعْلَيْنِ، وَنَبِيعَ نُفَايَةَ الْقَمْحِ». قَدْ أَقْسَمَ الرَّبُّ بِفَخْرِ يَعْقُوبَ: «إِنِّي لَنْ أَنْسَى إِلَى الأَبَدِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ. أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هذَا تَرْتَعِدُ الأَرْضُ، وَيَنُوحُ كُلُّ سَاكِنٍ فِيهَا…».

إن ما قصده أبونا يعقوب بهذا القول هو أن يُظهِر لراحيل وليئة أن الله عادل. فعندما لم يُرِد لابان أن يوفي يعقوب حقه باختباره. تَدَخّل الله بنعمة عجيبة وبعمل معجزي لكي ينصفه من ظلم لابان الذي ظلمه كثيراً وغير أجرته عشر مرات. وجعل الأغنام القوية تلد أغناماً مخططة. ورقطاً وبُلقاً.

وقد اعتبر يعقوب أن تدخل الله هذا بمثابة إنقاذ له من لابان الظالم. ورد للحق المسلوب. فيعقوب يصوَّر الموقف وكأن الله سحب من لابان هذا الحق المسلوب بالقوة، ورده الى صاحبه. أو أن الله أخذ الأغنام من لابان بدون أرادته وأعطاها ليعقوب.

وما يؤكد هذا هو أن الفعل (سَلَبَ) في اللغة العبرية (נָצַל) (نتصال) يعني (يأخذ، ينجي، ينقذ، يستخلص، يسترد). ولا يعني إطلاقا (سرق أو خدع أو غش) وقد ورد هذا الفعل في العهد القديم 209 مرة[2]. وأرجو أن تلاحظ معي كيف ترجم لكي نستخلص المعنى المقصود:

(تك32: 11) نَجِّنِي (נָצַל) مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ.

(تك37: 21) فَسَمِعَ رَأُوبَيْنُ وَأَنْقَذَهُ (נָצַל) مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: (لاَ نَقْتُلُهُ).

(خر3: 8) فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ (נָצַל) مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ، وَأُصْعِدَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ وَوَاسِعَةٍ…”.

(مز34: 4) طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي، وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي.

(مز34: 19) كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ.

الفعل (נָצַל) (نتصال) يُتَرجَم هنا (ينجي، ينقذ، يخلص) وقد اعتبر يعقوب أن الله أنقذه وخلَّصه من ظلم لابان، أو خلَّص حقه من لابان.

وأرجو أن تقرأ الآية التالية جيداً لترى كيف أن الفعل (נָצַל) (نتصال) يُتَرجَم (ينقذ) بينما الفعل (يسلب) فهو كلمة مختلفة.

(مز35: 10) جَمِيعُ عِظَامِي تَقُولُ: «يَا رَبُّ، مَنْ مِثْلُكَ الْمُنْقِذُ الْمِسْكِينَ مِمَّنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْفَقِيرَ وَالْبَائِسَ مِنْ سَالِبِهِ (גָּזַל) ؟

ان الآية السابقة تُعبِّر عما حدث مع يعقوب تماماً أذ أن الله خلَّصه من سالبه.

(قض11: 26) حِينَ أَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي حَشْبُونَ وَقُرَاهَا، وَعَرُوعِيرَ وَقُرَاهَا وَكُلِّ الْمُدُنِ الَّتِي عَلَى جَانِبِ أَرْنُونَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَسْتَرِدَّهَا (נָצַל) فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ؟

الفعل (נָצַל) (نتصال) يُتَرجَم هنا (يسترد) فالله لم يسلب لابان استرد حق يعقوب.

(1صم7: 14) وَالْمُدُنُ الَّتِي أَخَذَهَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ مِنْ إِسْرَائِيلَ رَجَعَتْ إِلَى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَقْرُونَ إِلَى جَتَّ. وَاسْتَخْلَصَ (נָצַל) إِسْرَائِيلُ تُخُومَهَا مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَكَانَ صُلْحٌ بَيْنَ إِسْرَائِيلَ وَالأَمُورِيِّينَ.

(1صم 30: 18) وَاسْتَخْلَصَ دَاوُدُ كُلَّ مَا أَخَذَهُ عَمَالِيقُ، وَأَنْقَذَ (נָצַל) دَاوُدُ امْرَأَتَيْهِ.

الفعل (נָצַל) (نتصال) يُتَرجَم هنا ( يستخلص) فالله استخلص أو استرد حق يعقوب من لابان.

(2صم14: 6) وَلِجَارِيَتِكَ ابْنَانِ، فَتَخَاصَمَا فِي الْحَقْلِ وَلَيْسَ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ وَقَتَلَهُ.

الفعل (נָצַל) (نتصال) يُتَرجَم هنا (يَفْصِلُ) أي يحكم بالعدل. وقد حكم الله بينهما بالعدل.

ولذلك نجد آية موضوعنا ترد في كل التراجم المختلفة ” أخذ” كالاتي:

(ت ع م) فأخذ الله مواشي أبيكما وأعطانيها.

(ت ك) فأخذ الله ماشية أبيكما وأعطاني إياها.

(CEV). (DRB) That’s how God has taken sheep and goats from your father and given them to me.

(MKJV). (ERV). (GW). (LITV). (RV). (YLT). (KJV). (JPS). (ISV). (GNB) And God had taken away the flocks of your father. And has given them to me.

وقد تفهمت زوجتا يعقوب ما حدث وَقَاَلتَا لَهُ: «أَلَنَا أَيْضًا نَصِيبٌ وَمِيرَاثٌ فِي بَيْتِ أَبِينَا؟ أَلَمْ نُحْسَبْ مِنْهُ أَجْنَبِيَّتَيْنِ، لأَنَّهُ بَاعَنَا وَقَدْ أَكَلَ أَيْضًا ثَمَنَنَا؟ إِنَّ كُلَّ الْغِنَى الَّذِي سَلَبَهُ اللهُ مِنْ أَبِينَا هُوَ لَنَا وَلأَوْلاَدِنَا، فَالآنَ كُلَّ مَا قَالَ لَكَ اللهُ افْعَلْ». (تك31: 14-16).

فالحقيقة هي أن الله عادل. ويحب العدل، لذلك هو لا يسلب. إنما يرد الحقوق لأصحابها. لأنه يكره الظلم.

 

[1] د. مصطفي محمود. التوراة. ص 18.

[2] Karl Feyerabend. Langenschebrew Pocket Hebrew Dictionary to the O.T., p. 178